195
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

يعدّ قيمة إيجابية أيضا . لا ريب في أنّ التطواف في المحطّات المتألّقة التي احتضنها تاريخ الإجارة وهو يسجّل إجارة قمم إنسانية شاهقة تزخر بالشمم والكرامة كما في إجارة موسى عليه السلام نفسه وهو من الأنبياء اُولي العزم ، وإجارة خاتم النبييّن محمّد بن عبد اللّه صلى الله عليه و آله ، وكذلك خاتم الوصيّين الإمام عليّ عليه السلام ؛ لا ريب في أنّ التطواف في هذه المحطّات وتأمّلها عن كثب لأمر تربوي يحفل بالعظات الجليلة للجميع وخاصّة جيل الشباب ، يعلّمهم أنّ ممارسة أيّ عمل مشروع لتأمين متطلّبات الحياة وتوفير مستلزمات المعاش ليس عارا ، ومن ثَمّ لا معنى للصدّ عن مزاولة أيّ عمل مادام مشروعا ، بذريعة أنّه عار أو مذلّة .

3 . الاستقلال في العمل أفضل من الإجارة

إنّ المكاسب التي تتحقّق من العمل الحرّ تفوق ما يحصل عليه الإنسان من إجارة نفسه إلى الآخرين ، هذه باختصار هي الرسالة التي يحملها الفصل الثالث ، على هذا فإنّ انتخاب الإجارة وسلوك هذا السبيل لتأمين نفقات الحياة وتوفير متطلّبات المعاش ، إنّما يليق بمن يتعذّر عليه ممارسة الأعمال الحرّة ولا يستطيع الاستقلال بالعمل ، أو لمن اختار خدمة الآخرين بصفة وظيفة يؤدّيها ويتحمّل مسؤوليّتها ، وأمّا اُولئك الذين لا ينطبق على عملهم عنوان أداء المسؤولية ، ويملكون في الوقت ذاته القدرة على إنجاز مشاريع الأعمال الحرّة كالزراعة والتجارة وأضرابهما فبمقدورهم أن يحقّقوا مكاسب أكثر عن هذا الطريق ، ويوفّروا احتياجاتهم الاقتصادية على نحو أفضل . لذلك كلّه جاء عن الإمام الصادق عليه السلام ، في وصف الحالة :
مَن آجَرَ نَفسَهُ فَقَد حَظَرَ عَلى نَفسِهِ الرِّزقَ. ۱

4 . ميزان حلّية الإجارة وحرمتها

يسجّل المنظور الإسلامي على نحو عامّ حلّية كلّ عمل يكون في مصلحة الإنسان

1.راجع : ص ۲۰۵ ح ۱۳۵.


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
194

إجارة العين .
من الحريّ أن ننتبه إلى أنّ ما يقع في سياق هذه الموسوعة ويلبّي أهدافها ، هي البحوث ذات الصلة بالحكمة من وراء الإجارة والأبعاد الأخلاقية والاجتماعية المرتبطة بإجارة النفس ، أمّا البحوث الفقهية التي ترتبط بهذا الموضوع فسَترد تفصيلاً في موسوعة الأحاديث الفقهية المزمع صدورها إن شاء اللّه .
لقد تناولت الأحاديث التي تمّ جمعها وتصنيفها على هذا الصعيد ، عددا من النقاط الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية المهمّة ، نعرض لها كما يلي :

1 . حكمة الإجارة

إنّ الإنسان موجود اجتماعي ، والحياة الاجتماعية لا تستقرّ ولن يتعزّز تقدّم المجتمع وتكامله إلّا عن طريق تعاون بني الإنسان بعضهم مع بعض . على أنّ حاجة الناس بعضهم إلى بعض تزداد وتغدو أكثر إلحاحا مع اطّراد تقدّم المجتمع وخطوِه صوب التكامل أكثر . انطلاقا من هذه الزاوية وتأسيسا على ما مرّ ، شاءت حكمة بارئ الكون سبحانه أن يخلق الناس متفاوتين في استعداداتهم الوجودية ، ومختلفين في إمكاناتهم البدنية والنفسية والفكرية ؛ لكي ينهض كلّ فرد أو مجموعة بتأمين جزءٍ من احتياجات المجتمع وتوفير متطلّباته الحياتية ، وقوله سبحانه :
«نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا» . ۱
هي إشارة تُومِئ إلى هذه النقطة الأساسية في بيان حكمة الإجارة .

2 . تعزيز ثقافة العمل

الرسالة الأساسية التي ينطوي عليها الفصل الثاني من هذا القسم تتمثّل في أنّ خدمة الآخرين وبذل الجهد لتأمين متطلّبات المعاش ليس فقط لا يعدّ عارا ومذمّة ، وإنّما

1.الزخرف : ۳۲ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 284737
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي