261
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج6

موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج6
260

المرحلة الثانية (إقامة العزاء كشعيرة دينيّة من قبل الأئمّة عليهم السلام )

ظهرت مراسم العزاء على أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام في هذه المرحلة باعتبارها شعيرة دينيّة ، وقد اكتسبت هذه الحقيقة الشكل النهائي في ثلاث مراحل :

أوّلاً : تهيئة الأرضية (عهد الإمام زين العابدين عليه السلام )

تهيّأت في هذه المرحلة الأرضيّة اللّازمة لبلورة شعائر العزاء ، وتشكيل محيط مناسب لظهور شعيرة دينيّة . ويجب أن نعتبر الإمام زين العابدين عليه السلام صاحب الدور الرئيسي لهذه المرحلة. وقد أحدثت واقعة كربلاء من الناحية العقائديّة والسياسيّة تحوّلاً كبيرا فضلاً عن الحزن العميق الذي تركته في المجتمع الإسلامي ـ كما سبقت الإشارة إلى ذلك ـ . وقد سكن سيّد الساجدين عليه السلام بعد شهادة أبيه الإمام الحسين عليه السلام المدينة في ظلّ هذه الأجواء المرعبة، وواصل رسالة الإمامة فيها . ويعدّ هذا العصر دون شكّ أكثر عصور تاريخ الشيعة ظلاماً واحتقاناً ، وكان في ذات الوقت أكثرها امتلاءً بالوعي واليقظة .
وقد تابع الإمام زين العابدين عليه السلام في الاتّجاه العام لرسالة الإمامة، جهاداً واسعاً ومدروساً ودقيقاً ؛ بهدف توعية المجتمع الإسلامي وتحريره من الجهل ، ومن تضليلات بني اُميّة الإعلاميّة . ۱
وقد مضت حركة الإمام عليه السلام من المواجهة السلميّة الهادئة، إلى المواجهة العنيفة والمهيّجة والصريحة ، ووظّف من أجل تحقيق هذا الهدف اُسلوب التذكير بحادثة كربلاء وبيان أبعادها ، ابتداءً من التذكير العادي بها والبكاء البحت عليها ، وحتّى استعراض أبعاد الفاجعة ومداها.
وكان بكاء الإمام عليه السلام يثير التساؤلات أحياناً ، خاصّة عند رؤيته للماء وعند إحضار الطعام . ۲ وقد بلغ هذا البكاء من الكثرة والسعة درجة بحيث إنّ الناس كانوا ينصحونه بالإقلال من البكاء حفاظاً على سلامته ، ولكنّ الإمام عليه السلام ومن خلال الإشارة إلى عمق مأساة كربلاء ، والمكانة الاجتماعيّة والدينيّة للأشخاص الذين استشهدوا فيها، كان يعتبر البكاء على اُولئك الأشخاص الأعزّاء أمراً لازما ومنطقيّاً من جهة ، ومن جهة اُخرى كان يشجّع ويحضّ الآخرين عليه. فقد اعتبر البكاء على الإمام عليه السلام وأصحابه الشهداء سبباً للنجاة من العذاب الإلهي والدخول في الجنّة ۳ ، وفي بحبوحة الأمن الإلهي ، ولم يكفّ هو نفسه عن البكاء ، حتّى هلاك عبيد اللّه بن زياد والقتلة الآخرين لشهداء كربلاء ، بل حتّى نهاية عمره الشريف . ۴
وعلى هذا فإنّ الإمام زين العابدين عليه السلام في السنوات الأخيرة من حياته كانت قد توسّعت قاعدتُهُ الاجتماعيّة والثقافيّة والسياسيّة من جهة ، كما ازداد أصحابُه وأتباعُه وناشرو أفكاره من جهة اُخرى . ولذلك ، فقد ترك موقفه واتّجاهُه آثاراً عميقة. وبذلك يجب اعتبار عهد إمامة الإمام زين العابدين عليه السلام مرحلة إعداد الأرضية ، وتأسيس سنّة مراسم العزاء على أبي عبد اللّه عليه السلام .

1.تعدّ سيرة الإمام عليه السلام من هذه الناحية مهمّة للغاية وتستحقّ التأمّل، راجع في هذا المجال المصادر التالية: پژوهشي در زندگاني إمام سجّاد عليه السلام (بالفارسية) لآية اللّه السيّد علي الخامنئي، حيث استعرض فيه مسيرة المواجهة التي خاضها الإمام عليه السلام بدقة مستنداً إلى الروايات والتحليل المتين. وراجع أيضا : كتاب جهاد الإمام السجّاد عليه السلام للسيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي؛ و كتاب الإمام السجّاد عليه السلام لحسين باقر و كتاب الإمام السجّاد عليه السلام لمحمّد حسين علي الصغير .

2.راجع : ص ۲۲۸ ( الفصل الرابع / بكاء الإمام زين العابدين عليه السلام ) .

3.راجع : ص ۲۰۳ ( الفصل الرابع / ثواب البكاء عليهم ) .

4.راجع : ص ۲۲۸ (الفصل الرابع / بكاء الإمام زين العابدين عليه السلام ) .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج6
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1390
عدد المشاهدين : 199349
الصفحه من 430
طباعه  ارسل الي