67
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

يشملهم أيضاً لكن على وجه كما ستعرفه.
(فقال قتادة: ذاك من خرج من بيته) إلى قوله عليه السلام: (فيها اجتياحه).
الكرا - بالكسر والقصر - : أجر المستأجر. وبالمدّ: مصدر كاريته مكاراة، وكِراءٌ.
قال في القاموس: «الجوح: الإهلاك، والاستئصال، كالإجاحة والاجتياح».۱(فقال أبو جعفر عليه السلام: ويحك يا قتادة، إن كنت إنّما فسّرت القرآن من تلقاء نفسك، فقد هلكت وأهلكت)؛ صريح في عدم جواز تفسير القرآن بالرأي مطلقاً، ويدلّ عليه أخبار اُخر، والأكثرون حملها على المتشابهات.
(يهوانا قلبه).
قال الجوهري: «هوى - بالكسر - يهوى هوى، أي أحبّ. الأصمعي: هوى - بالفتح - [يهوي‏] هويّاً، أي سقط إلى أسفل، قال: وكذلك الهُويّ [في السير] إذا مضى».۲(كما قال اللَّه عزّ وجلّ: و«اجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ».
في سورة إبراهيم: «فَاجْعَلْ» بالفاء. قال البيضاوي:
أي أفئدة من أفئدة الناس، و«من» للتبعيض، ولذلك [قيل:] لو قال: أفئدة الناس لازدحمت عليهم فارس والروم ولحجّت اليهود والنصارى، أو للابتداء كقولك: القلب منّي سقيم [أي أفئدة] ناس. «تَهْوِي إِلَيْهِمْ»: تسرع إليهم شوقاً ووداداً. وقرئ: «تهوى» على البناء للمفعول، من أهوى إليه غيره، وتهوى من هوى يهوى: إذا أحبّ، وتعديته ب«إلى» لتضمّن معنى النزوع، انتهى.۳
أقول: قوله عليه السلام سابقاً «يهوانا قلبه» يُشعر بالقراءة الأخيرة، وقوله فيما بعد: (هوانا قلبه)يومي بالقراءة الاُولى، فتأمّل.
(ولم يعن البيت فيقول: إليه).
العناية: الإرادة. يُقال: عنيت بالقول كذا، أعنيه به، يعني أنّ إبراهيم عليه السلام لم يرد بقوله «تهوى إليهم» البيت، بأن يكون المراد ميل القلوب ونزوعها إلى البيت، وإلّا لقال: «إليه» بدل «إليهم»، بل أراد أن يجعل اللَّه ذرّيّته الذين أسكنهم عند بيت اللَّه المحرّم أنبياء وأوصياء وأئمّة

1.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۲۱۹ (جوح) مع التلخيص.

2.الصحاح، ج ۶، ص ۲۵۳۷ (هوى).

3.تفسير البيضاوي، ج ۳، ص ۳۵۲.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
66

شرح‏

السند ضعيف.
قوله: (قال: دخل قتادة بن دعامة) بكسر الدال، وهو من مشاهير مفسّري العامّة ومحدِّثيهم، روى عن أنس بن مالك، وأبي الطفيل، وسعيد بن المسيّب، والحسن البصري.
(فقال له أبو جعفر عليه السلام: فإن كنت تفسّره بعلم، فأنت أنت) أي فأنت العالم المفسِّر الذي لا يحتاج إلى المدح والوصف، وينبغي أن يرجع إليك في العلم لتوحيدك وكمالك فيه.
وفي بعض النسخ: «فقال له أبو جعفر عليه السلام: بعلم تفسّره أم بجهل؟ قال: لا بعلم» [بدل:].
«فقال له أبو جعفر عليه السلام: فإن كنت تفسّره بعلم، فأنت أنت».
(قال: أخبرني عن قول اللَّه - عزّ وجلّ - في سبأ).
قال الفيروزآبادي: «سَبَأ - كجبل، ويمنع - : بلدة بلقيس، ولقب ابن يشجب بن يعرب بن قحطان، واسمه عبد شمس، يجمع قبائل اليمن عامّة».۱
أقول: سمّي تلك البلدة بهذا الاسم؛ لكون أهلها من أولاد سبأ. وجوّز بعضهم قلب همزته ألفاً.
«وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ».
الضمير للقرى. وقال البيضاوي:
تقدير السير فيها بحيث يقبل الغادي في قرية، ويبيت الرائح في قرية، إلى أن يبلغ الشام.
«سِيرُوا فِيهَا» على إرادة القول بلسان الحال، أو المقال.
«لَيَالِي وَأَيَّاماً» متى شئتم من ليل أو نهار.
«آمِنِينَ»؛ لا يختلف الأمن فيها باختلاف الأوقات، أو سيروا آمنين وإن طالت مدُّة سفركم فيها، أو سيروا فيها ليالي أعماركم وأيّامها لا تلقون فيها إلّا الأمن، انتهى.۲
ويفهم منه ومن كلام كثير من المفسّرين أنّ الأمر في قوله: «سيروا» متوجّه إلى أهل سبأ،۳ ويظهر من كثير من أخبارنا توجّهه إلى خصوص هذه الاُمّة، أو كونه خطاباً عامّاً بحيث

1.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۱۷ (سبأ).

2.تفسير البيضاوي، ج ۴، ص ۳۹۸ مع اختلاف في اللفظ.

3.اُنظر: الكشّاف، ج ۳، ص ۲۸۶؛ مجمع البيان، ج ۸، ص ۲۱۰.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 69454
صفحه از 568
پرینت  ارسال به