57
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

سَمِعْتُ الرِّضَا عليه السلام بِخُرَاسَانَ وَهُوَ يَقُولُ : «إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ وَرِثْنَا الْعَفْوَ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ، وَوَرِثْنَا الشُّكْرَ مِنْ آلِ دَاوُدَ».
وَزَعَمَ أَنَّهُ كَانَ كَلِمَةً أُخْرى‏ وَنَسِيَهَا مُحَمَّدٌ ، فَقُلْتُ لَهُ : لَعَلَّهُ قَالَ‏1 : وَوَرِثْنَا الصَّبْرَ مِنْ آلِ أَيُّوبَ؟ فَقَالَ : يَنْبَغِي .
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَسْبَاطٍ : وَإِنَّمَا قُلْتُ ذلِكَ لِأَنِّي سَمِعْتُ يَعْقُوبَ بْنَ يَقْطِينٍ يُحَدِّثُ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ ، قَالَ : لَمَّا قَدِمَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ الْمَدِينَةَ سَنَةَ قَتْلِ مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ ، الْتَفَتَ إِلى‏ عَمِّهِ عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ ، فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا الْعَبَّاسِ ، إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ رَأى‏ أَنْ يَعْضِدَ شَجَرَ الْمَدِينَةِ ، وَأَنْ يُعَوِّرَ2 عُيُونَهَا ، وَأَنْ يَجْعَلَ أَعْلَاهَا أَسْفَلَهَا ، فَقَالَ لَهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، هذَا ابْنُ عَمِّكَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ بِالْحَضْرَةِ، فَابْعَثْ إِلَيْهِ فَسَلْهُ‏3 عَنْ هذَا الرَّأْيِ ، قَالَ : فَبَعَثَ إِلَيْهِ ، فَأَعْلَمَهُ عِيسى‏، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ : «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ دَاوُدَ عليه السلام أُعْطِيَ فَشَكَرَ ، وَإِنَّ أَيُّوبَ عليه السلام ابْتُلِيَ فَصَبَرَ ، وَإِنَّ يُوسُفَ عليه السلام عَفَا بَعْدَ مَا قَدَرَ، فَاعْفُ ؛ فَإِنَّكَ مِنْ نَسْلِ أُولئِكَ» .

شرح‏

السند ضعيف.
قوله: (التفت إلى عمّه عيسى بن علي).
المستتر في «التفت» والبارز في «عمّه» لأبي جعفر المنصور.
(فقال له: يا أبا العبّاس، إنّ أمير المؤمنين)؛ أراد نفسه الخبيثة.
(قد رأى) أي تعلّق رأيه.
(أن يعضد شجر المدينة).
قال الجوهري: «عضدت الشجر أعضده - بالكسر - أي قطعته بالمعضد».۴(وأن يعوّر) بالعين المهملة (عيونها).
قال الجزري: «عوّرت الركيّة وأعرتها وعُرتها: إذا طممتها، وسددت أعينها التي ينبع

1.في كثير من نسخ الكافي: - «قال».

2.في بعض نسخ الكافي: «أن تغوّر». وفي بعضها: «أن تعوّر».

3.في بعض نسخ الكافي: «فسأله». وفي الوافي: «فاسأله».

4.الصحاح، ج ۲، ص ۵۰۹ (عضد).


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
56

(ومن الإسلام إلّا اسمه).
والغرض أنّ أهل ذلك الزمان لا ينتفعون بالإسلام، ولا بالقرآن، وإن وصفوا أنفسهم بكونهم من أهلها، كما أشار إليه بقوله: (يسمّون) على البناء للمفعول.
(به) أي بالإسلام، وهم أبعد الناس منه. الواو للحال، والضمير المجرور للإسلام.
(مساجدهم عامرة) بالاجتماع بها في أوقات الصلاة.
(وهي خرابٌ من الهدى) لتركهم ما هو الأصل والعمدة في قبول الصلاة، بل في أجزائها وهي الولاية.
(فقهاء ذلك الزمان شرّ فقهاء تحت ظلّ السماء).
قيل: ما أخبر به عليه السلام من باب الإعجاز؛ فإنّه أخبر بما سيقع، وقد وقع؛ فإنّ زمان موته عليه السلام إلى الآن هو عين ذلك الزمان، إذ أكثر الصحابة ومن بعدهم من المخالفين وفقهائهم إلى يومنا هذا موصوفون بالصفات المذكورة، بل لا يبعد أن يدخل في الذمّ من كان في زماننا هذا من بعض الشيعة وعلمائهم؛ فإنّ أكثرهم‏۱ راغبون إلى الدُّنيا والفتنة، ساعون إلى الجبابرة والظلمة، لا يعملون بما في القرآن، ويظهرون الإسلام بمجرّد اللسان، وقلوبهم مملوّة من نفاق المؤمنين، وضمائرهم محشوّة بعداوة المسلمين، إلّا من شذّ وقليلٌ ما هم.۲(منهم خرجت الفتنة) والضلالة وشقّ عصا المسلمين.
(وإليهم تعود).
ضرر تلك الفتنة وثمرتها أكثر من غيرهم؛ لأنّهم متّصفون بالضلال والإضلال جميعاً، أو تنسب إليهم فتنة من افتتن بهم أو الفتنة تأوي إليهم وتستقرّ فيهم، وهم مرجعها ومآبها، وبهم بقاؤها ودوامها.

متن الحديث التاسع والسبعين والأربعمائة

1.في المصدر: «كلّهم».

2.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۳۴ مع التلخيص.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 69614
صفحه از 568
پرینت  ارسال به