423
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

(علماً منه تعالى أنّه) أي عدم إدراكه.
(قدّ وسع العباد).
القدّ - بالفتح وتشديد الدال المهملة - : القدر، والقطع المستأصل، وقامة الرجل، وتقطيعه، واعتداله.
ثمّ اعلم أنّ قوله: «علماً» تعليل للفقرات السابقة. وقيل: التعليل فيما سوى الأوّل أظهر،۱ فتأمّل.
والمستتر في قوله: (فلا يتجاوز ذلك) راجع على الوسع، و«ذلك» إشارة إلى اعتراف العارفين بالتقصير، وعلم العالمين أنّهم لا يدركونه، وإرجاع المستتر إليه تعالى والإشارة إلى الجعلين محتمل، وكان قوله: (فإنّ شيئاً من خلقه لا يبلغ مدى عبادته) تعليل لكونه قدّ وسع العباد.
والمدى - كالفتى - : الغاية، أي غاية عبادته اللّائقة به.
(وكيف يبلغ مدى عبادته).
كذا في النسخ، والظاهر «عبادة» بدون الضمير.
(من لا مدى له) أي لوجوده، أو لمعرفة ذاته وصفاته، أو لكمالاته.
(ولا كيف، تعالى اللَّه عن ذلك علوّاً كبيراً)؛ لأنّ اللّائق بمن ليس له مدى، وكيف عبادة خلت عنهما؛ إذ كلّ ما له أحدهما ممكن ناقص لا يليق بجنابه المتعالي عنهما، ولا ريب أنّ أحداً لا يبلغ مدى تلك العبارة الخالية عنهما؛ لأنّ البلوغ والقدرة عليها فرع الخلوّ عنهما، ولا يمكن ذلك في الممكن.

متن الحديث الثاني والتسعين والخمسمائة

۰.مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى‏ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ بِجَادٍ الْعَابِدِ ، عَنْ جَابِرٍ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : كُنَّا عِنْدَهُ وَذَكَرُوا سُلْطَانَ بَنِي أُمَيَّةَ ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام :
«لَايَخْرُجُ عَلى‏ هِشَامٍ أَحَدٌ إِلَّا قَتَلَهُ» .

1.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۶۰۵.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
422

أَحَدٍ مِنْ مَعْرِفَةِ إِدْرَاكِهِ أَكْثَرَ مِنَ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَايُدْرِكُهُ ، فَشَكَرَ - جَلَّ وَعَزَّ - مَعْرِفَةَ الْعَارِفِينَ بِالتَّقْصِيرِ عَنْ مَعْرِفَةِ شُكْرِهِ ، فَجَعَلَ مَعْرِفَتَهُمْ بِالتَّقْصِيرِ شُكْراً كَمَا عَلِمَ عِلْمَ الْعَالِمِينَ أَنَّهُمْ لَايُدْرِكُونَهُ ، فَجَعَلَهُ إِيمَاناً، عِلْماً مِنْهُ أَنَّهُ قَدُّ وُسْعِ الْعِبَادِ ، فَلَا يَتَجَاوَزُ ذلِكَ ، فَإِنَّ شَيْئاً مِنْ خَلْقِهِ لَايَبْلُغُ مَدى‏ عِبَادَتِهِ، وَكَيْفَ يُبْلَغُ مَدى‏ عِبَادَتِهِ مَنْ لَا مَدى‏ لَهُ وَلَا كَيْفَ ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً» .

شرح‏

السند مرسل.
قوله تعالى: «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا» أي لا تضبطوا عددها فضلاً أن تطيقوا القيام بشكرها. يُقال: أحصاه، أي عدّه.
وقوله: (سبحان من لم يجعل) إلى آخره.
قيل نزّهه عن جميع النقائص للتنبيه على أنّ عدم الجعل ليس للنقص في إحسانه، بل لقصور البشر عن ادراك غير المحصور والإحاطة به. والظاهر أنّ الحكم شامل للأنبياء، وأنّ المراد بنعمته العموم والشمول؛ لوقوع النكرة في سياق النفي والإضافة، وأنّ المراد بمعرفة نعمه المعرفة التفصيليّة؛ إذ المعرفة الإجماليّة غير متعذّرة، وأنّ التقصير عن معرفتها لا يدلّ لغةً على أنّ معرفتها ممكنة لجواز خروجها عن القدرة البشريّة، وإن كانت في غاية الكمال، كما يدلّ عليه التشبيه في قوله: (كما لم يجعل) إلى قوله: (إنّه لا يدركه) أي لا يدرك حقيقة ذاته وصفاته؛ لأنّ إدراكها ممتنع، فكذا في المشبّه به.۱
قوله: (فشكر) إلى قوله: (معرفة شكره) إشارة إلى ما يتفرّع على المشبّه، والاعتراف بهذا التقصير لازم للاعتراف بالتقصير عن معرفة نعمه.
(فجعل معرفتهم بالتقصير) عنهما (شكراً) وجزاهم جزاء الشاكرين.
ثمّ إنّه عليه السلام أراد أن يشير إلى ما يترتّب على المشبّه به، فقال: (كما علم علم العالمين)بكسر اللّام، والفتح محتمل (أنّهم لا يدركونه، فجعله) أي جعل علم العالمين بأنّهم لا يدركونه.
(إيماناً) وجزاهم جزاء المؤمنين.

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۷۵.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 69451
صفحه از 568
پرینت  ارسال به