عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَرَّازِ1 ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ، قَالَ : «لَمَّا رَأى إِبْرَاهِيمُ عليه السلام مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، الْتَفَتَ فَرَأى رَجُلًا يَزْنِي ، فَدَعَا عَلَيْهِ فَمَاتَ ، ثُمَّ رَأى آخَرَ ، فَدَعَا عَلَيْهِ فَمَاتَ حَتّى رَأى ثَلَاثَةً ، فَدَعَا عَلَيْهِمْ فَمَاتُوا ، فَأَوْحَى اللَّهُ - عَزَّ ذِكْرُهُ - إِلَيْهِ : يَا إِبْرَاهِيمُ ، إِنَّ دَعْوَتَكَ مُسْتَجَابَةٌ2 ، فَلَا تَدْعُ عَلى عِبَادِي ، فَإِنِّي لَوْ شِئْتُ لَمْ أَخْلُقْهُمْ ، إِنِّي خَلَقْتُ خَلْقِي عَلى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ : عَبْداً يَعْبُدُنِي لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئاً فَأُثِيبُهُ ، وَعَبْداً يَعْبُدُ غَيْرِي فَلَنْ يَفُوتَنِي ، وَعَبْداً عَبَدَ غَيْرِي فَأُخْرِجُ مِنْ صُلْبِهِ مَنْ يَعْبُدُنِي ، ثُمَّ الْتَفَتَ فَرَأى جِيفَةً عَلى سَاحِلِ الْبَحْرِ ، نِصْفُهَا فِي الْمَاءِ وَنِصْفُهَا فِي الْبَرِّ، تَجِيءُ سِبَاعُ الْبَحْرِ ، فَتَأْكُلُ مَا فِي الْمَاءِ ، ثُمَّ تَرْجِعُ ، فَيَشُدُّ بَعْضُهَا عَلى بَعْضٍ ، فَيَأْكُلُ3 بَعْضُهَا بَعْضاً ، وَتَجِيءُ سِبَاعُ الْبَرِّ ، فَتَأْكُلُ مِنْهَا ، فَيَشُدُّ بَعْضُهَا عَلى بَعْضٍ ، فَيَأْكُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً .
فَعِنْدَ ذلِكَ تَعَجَّبَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام مِمَّا رَأى ، وَقَالَ : «رَبِّ أَرِنِى كَيْفَ تُحْىِ الْمَوْتى»؟ قَالَ : كَيْفَ تُخْرِجُ مَا تَنَاسَلَ الَّذِي4 أَكَلَ بَعْضُهَا بَعْضاً؟ «قالَ أَ وَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِى» يَعْنِي حَتّى أَرى هذَا كَمَا رَأَيْتُ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا «قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً» فَقَطِّعْهُنَّ ، وَاخْلِطْهُنَّ كَمَا اخْتَلَطَتْ هذِهِ الْجِيفَةُ فِي هذِهِ السِّبَاعِ الَّتِي أَكَلَ بَعْضُهَا بَعْضاً ، فَخَلَّطَ، «ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً»5 فَلَمَّا دَعَاهُنَّ أَجَبْنَهُ ، وَكَانَتِ الْجِبَالُ عَشَرَةً» .
شرح
السند صحيح.
قوله: (لمّا رأى إبراهيم عليه السلام ملكوت السماوات والأرض) إشارة إلى قوله تعالى: «وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ»۶.
قال الجوهري:
الملكوت من الملك كالرهبوت من الرهبة، يُقال: له ملكوت العراق، ومَلكوةُ
1.في الطبعة القديمة: «الخزّاز».
2.في كلتا الطبعتين: «مجابة».
3.في بعض نسخ الكافي: «وتأكل».
4.في كلتا الطبعتين: «التي».
5.البقرة (۲): ۲۶۰.
6.الأنعام (۶): ۷۵.