نَحْوَهُ حَتّى‏ أَحْرَقَهُ» قَالَ : «فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ ، وَخَرَجَ مُهَاجِراً إِلَى الشَّامِ هُوَ وَسَارَةُ وَلُوطٌ» .

شرح‏

(حُجر) بضمّ الحاء المهملة وسكون الجيم: ابن زائدة الحضرمي، وثّقه النجاشي.^۱ وروى الكشّي في مدحه رواية^۲ وفي ذمّه اُخرى.^۳ وعلى تقدير توثيقه فالسند حسن موثّق، وسيأتي لهذا زيادة تحقيق إن شاء اللَّه تعالى.
قوله: (وعاب آلهتهم).
في معارج النبوّة:
لامَ إبراهيم عليه السلام لوماً شديداً لعبدَة الأصنام، وعاب آلهتهم، فقد كان يقول: «إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ»^۴، وكان يقول: «أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلَا يَضُرُّكُمْ»^۵ الآية، وكان يقول: «أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ»^۶، وقد كان يقول: إنّ إلهكم جمادٌ لا يسمع ولا يُبصر ولا يعقل ولا يُغني عنكم شيئاً.
وبالجملة: كان دائماً يذمّ القوم وأصنامهم، وقد نقل أنّهم كانوا ينحتون الأصنام، ويبيعونها في الأسواق، ويقولون: مَن يشتري إلهاً وصفه كذا وكذا، ويعدّون من الأوصاف الحسنة، فأخذ إبراهيم عليه السلام يوماً صنماً وشدّ حبلاً على رِجله ويجرّه على الأرض القذرة والطين في الأسواق والسّكك ويقول: من يشتري ما لا يضرّه ولا ينفعه، ويغبن ويخسر في شرائه، وهكذا يعدّ جملة معائبه.^۷(حتّى اُدخل على نمرود).
قيل: إدخاله عليه بعد كسر الأصنام، وأنّه دخل عليه ولم يسجد، وكان من دأبهم السجودله عند الدخول عليه، فغضب نمرود وقال: لِمَ لم تسجد؟ فقال عليه السلام: لا أسجد إلّا لربّي، فقال نمرود: ومَن ربّك؟ فقال عليه السلام: «رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ»؛ فقال: «أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ»وأحضر

متن الحديث الثامن والخمسين والخمسمائة

۰.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ حُجْرٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ، قَالَ :«خَالَفَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام قَوْمَهُ ، وَعَابَ آلِهَتَهُمْ حَتّى‏ أُدْخِلَ عَلى‏ نُمْرُودَ ، فَخَاصَمَهُ ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : «رَبِّىَ الَّذِى يُحْيِى وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِى وَأُمِيتُ»قَالَ إِبْرَاهِيمُ : «فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِى بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِى كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ»^۱» .
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «عَابَ آلِهَتَهُمْ ، «فَنَظَرَ نَظْرَةً فِى النُّجُومِ * فَقالَ إِنِّى سَقِيمٌ»^۲».
قَالَ‏^۳ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «وَاللَّهِ مَا كَانَ سَقِيماً وَمَا كَذَبَ .
فَلَمَّا تَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ إِلى‏ عِيدٍ لَهُمْ ، دَخَلَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام إِلى‏ آلِهَتِهِمْ بِقَدُومٍ ، فَكَسَرَهَا إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ ، وَوَضَعَ الْقَدُومَ فِي عُنُقِهِ ، فَرَجَعُوا إِلى‏ آلِهَتِهِمْ ، فَنَظَرُوا إِلى‏ مَا صُنِعَ بِهَا ، فَقَالُوا : لَا وَاللَّهِ ، مَا اجْتَرَأَ عَلَيْهَا وَلَا كَسَرَهَا إِلَّا الْفَتَى الَّذِي كَانَ يَعِيبُهَا وَيَبْرَأُ مِنْهَا ، فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ قِتْلَةً أَعْظَمَ مِنَ النَّارِ ، فَجُمِعَ لَهُ الْحَطَبُ وَاسْتَجَادُوهُ حَتّى‏ إِذَا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي يُحْرَقُ فِيهِ بَرَزَ لَهُ نُمْرُودُ وَجُنُودُهُ، وَقَدْ بُنِيَ لَهُ بِنَاءٌ لِيَنْظُرَ إِلَيْهِ كَيْفَ تَأْخُذُهُ النَّارُ ، وَوُضِعَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام فِي مَنْجَنِيقٍ ، وَقَالَتِ الْأَرْضُ : يَا رَبِّ ، لَيْسَ عَلى‏ ظَهْرِي أَحَدٌ يَعْبُدُكَ غَيْرُهُ يُحْرَقُ بِالنَّارِ ، قَالَ الرَّبُّ : إِنْ دَعَانِي كَفَيْتُهُ» .

۰.فَذَكَرَ أَبَانٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ ، عَمَّنْ رَوَاهُ:
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام :«أَنَّ دُعَاءَ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام يَوْمَئِذٍ كَانَ يَا أَحَدُ يَا أَحَدُ ، يَا صَمَدُ يَا صَمَدُ ، يَا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ، ثُمَّ قَالَ : تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ ، فَقَالَ الرَّبُّ - تَبَارَكَ وَتَعَالى‏ - كَفَيْتُ ، فَقَالَ لِلنَّارِ : «كُونِى بَرْدًا» » .
قَالَ : «فَاضْطَرَبَتْ أَسْنَانُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام مِنَ الْبَرْدِ حَتّى‏ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : «وَسَلاماً عَلى‏ إِبْراهِيمَ»وَانْحَطَّ جَبْرَئِيلُ عليه السلام وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ مَعَ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام يُحَدِّثُهُ فِي النَّارِ ، قَالَ نُمْرُودُ : مَنِ اتَّخَذَ إِلهاً ، فَلْيَتَّخِذْ مِثْلَ إِلهِ إِبْرَاهِيمَ» .
قَالَ : «فَقَالَ عَظِيمٌ مِنْ عُظَمَائِهِمْ : إِنِّي عَزَمْتُ عَلَى النَّارِ أَنْ لَاتُحْرِقَهُ» قَالَ : «فَأَخَذَ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ