289
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

ثمّ قال رحمة اللَّه عليه:
أي عرّفهم ما فيه الشرف والخلود في نعيم الجنّة على وجه الإكرام والإجلال لصالح الأعمال.
وقيل: إنّ لهم قدم صدق، أي أجراً حسناً ومنزلةً رفيعة بما قدّموا من أعمالهم، عن ابن عبّاس.
وروي عنه أيضاً: أنّ المعنى سبقت لهم السعادة في الذكر الأوّل، ويؤيّده قوله: «إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى»۱ الآية.
وقيل: هو تقديم اللَّه تعالى إيّاهم في البعث يوم القيامة، بيانه قوله صلى اللَّه عليه وآله: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة».
وقيل: القدم اسم للحسنى من العبد، واليد اسمٌ للحسنى من السيّد للفرق بين السيّد والعبد.
وقيل: إنّ معنى «قدم صدق» شفاعة محمّد صلى اللَّه عليه وآله يوم القيامة. عن أبي سعيد الخدري، وهو المروي عن أبي عبد اللَّه عليه السلام.۲(فقال: هو رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله).
يحتمل إرجاع الضمير إلى القدم، بأن يراد به المتقدّم في الشرف، أي لهم شفيع متقدّم في الشرف، يشفع لهم عند ربّهم، وهو رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله. أو بتقدير مضاف، أي شفاعة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، كما روى الشيخ الطبرسي. أو ولايته وولاية أهل بيته عليهم السلام، كما مرّ في كتاب الحجّة حيث روي عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال في تفسير هذه الآية: «هو ولاية أمير المؤمنين عليه السلام».۳ ويؤيّد هذا التوجيه أنّ عليّ بن إبراهيم روى هذا الخبر في تفسيره بهذا السند وزاد في آخره: «والأئمّة عليهم السلام».۴
وقيل: الضمير راجع إلى الموصول، والجمع للتعظيم، أو بانضمام الأئمّة عليهم السلام معه. وأنت خبير بأنّ الخطاب في بشّر يأباه، وما قيل من أنّه يجوز عوده إلى المبشّر المفهوم من بشر وتخصيص البشارة بوقت الاحتضار،۵ فبُعده ظاهر. وما يتوهّم من عوده إلى الربّ باعتبار

1.الأنبياء (۲۱): ۱۰۱.

2.مجمع البيان، ج ۵، ص ۱۵۳.

3.الكافي، ج ۱، ص ۴۲۲، ح ۵۰.

4.لم نعثر عليه في تفسير عليّ بن إبراهيم.

5.ذهب إليه المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۲۲.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
288

رَبِّهِمْ»1 فَقَالَ : «هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله» .

شرح‏

السند مرسل.
قوله: (في قول اللَّه تبارك وتعالى) في سورة يونس عليه السلام: «وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ».
قال الفيروزآبادي:
القدم - محرّكة - : السابقة [في الأمر]، والرجل له مرتبة في الخير وهي بهاء، والرِّجل مؤنّثة. وقول الجوهري: واحد الأقدام سهو، والصواب واحده والجمع أقدام، والشجاع، ورجل قدم محرّكة، وامرأة قدم من رجال ونساء قدم أيضاً.۲
وقال: «الصِدق - بالكسر والفتح - : ضدّ الكذب. والصّدق - بالكسر - : الشدّة. «وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ»۳: أنزلناهم منزلاً صالحاً».۴
وقال الجوهري:
القدم - أيضاً - : السابقة في الأمر. يُقال: لفلان قدم صدق، أي إثرة حسنة. قال الأخفش: هو التقديم، كأنّه قدّم خيراً وكان له فيه تقديم.۵
وقال البيضاوي:
«قَدَمَ صِدْقٍ» أي سابقة ومنزلة رفيعة سمّيت قدماً؛ لأنّ السبق بها، كما سمّيت النعمة يداً؛ لأنّها تعطي باليد، وإضافتها إلى الصدق لتحقّقها، والتنبيه على أنّهم إنّما ينالونها بصدق القول والنيّة.۶
وقال الشيخ الطبرسي رحمة اللَّه عليه:
قال الأزهري: القدم: الشي‏ء [الذي‏] تقدّمه قدّامك ليكون عدّة لك حتّى تقدم عليه. وقيل: القدم: المقدم.
قال ابن الأعرابي: القدم: المتقدّم في الشرف.
وقال أبو عبيدة والكسائي: كلّ سابق في خير أو شرّ فهو عند العرب قدم.

1.يونس (۱۰): ۲.

2.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۱۶۱ (قدم) مع التلخيص.

3.يونس (۱۰): ۹۳.

4.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۲۵۲ (صدق) مع التلخيص.

5.الصحاح، ج ۵، ص ۲۰۰۷ (قدم).

6.تفسير البيضاوي، ج ۳، ص ۱۸۴.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 69460
صفحه از 568
پرینت  ارسال به