273
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

واتّصافه بجميع المحامد، وبتلقين ما يستحقّ من الحمد أنبيائه وحججه عليهم السلام، وإلهام محبّيه وتوفيقهم للحمد.۱(ومنتهى الكرم).
قيل: أي الشرف، وكونه منتهاه لأنّ الشرف كلّه ينتهي إليه؛ أمّا شرف الذات والصفات والوجود على الإطلاق فظاهر، وأمّا الشرف بالإضافة فهو منه وإليه.۲
وقيل: أي ينتهي إليه كلّ جود وكلّ كرم؛ لأنّه موجد النِّعم، والموفّق لبذلها، أو هو المتّصف بأعلى مراتب الكرم والمولي بجلائل النِّعم، ويحتمل أن يكون الكرم بمعنى الكرامة والجلالة على الوجهين السابقين.۳(لا تدركه الصفات).
لعلّ المراد توصيفات الواصفين، أو صفات المخلوقين.
وقيل: عدم إدراك الصفات له لأنّه تعالى لا صفة له زائدة على ذاته، وكلّ ما له من صفات الكمال فهو راجع إلى سلب ضدّه عنه.۴(ولا يحدّ باللّغات)؛ إذ ليس له حدّ حقيقي ولا رسمي، فلا يمكن حدّه باللّغات المختلفة والألفاظ المتفاوتة جدّاً المترقّية على حدّ الكمال.
وقيل: يمكن أن يكون إشارة إلى أنّ الأسماء الحسنى غيره، كما مرّ في الاُصول.۵(ولا يعرف بالغايات) أي النهايات، والحدود الجسمانيّة أو العقليّة، أو ليس له نهاية لا في وجوده ولا في علمه وقدرته ولا في سائر صفاته، أو لا يعرف بما هو غاية أفكار المتفكّرين.
وقيل: يمكن أن يكون الغرض سلب الإمكان الخاصّ عنه تعالى بناءً على أنّ لوجود كلّ ممكن غاية مقصودة، وهو بدونها ليس هو، وليس لوجود الواجب غاية.۶(نبيّ الهدى) أي بعث للهداية والإرشاد وموضع التقوى؛ لكونه صلى اللَّه عليه وآله منبعها ومعدنها.

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۱۸.

2.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۳۵.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
272

الْقُرْآنِ وَحُدُودَ الْإِسْلَامِ .
لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلى‏ أَحَدٍ فَضْلٌ إِلَّا بِالتَّقْوى‏ ، أَلَا وَ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالى‏ أَفْضَلَ الثَّوَابِ ، وَأَحْسَنَ الْجَزَاءِ وَالْمَآبِ ، لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالى‏ - الدُّنْيَا لِلْمُتَّقِينَ ثَوَاباً ، وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ ، انْظُرُوا أَهْلَ دِينِ اللَّهِ فِيمَا أَصَبْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، وَتَرَكْتُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وَجَاهَدْتُمْ بِهِ فِي ذَاتِ اللَّهِ ، أَ بِحَسَبٍ ، أَمْ بِنَسَبٍ ، أَمْ بِعَمَلٍ ، أَمْ بِطَاعَةٍ ، أَمْ زَهَادَةٍ ، وَفِيمَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ رَاغِبِينَ ، فَسَارِعُوا إِلى‏ مَنَازِلِكُمْ - رَحِمَكُمُ اللَّهُ - الَّتِي أُمِرْتُمْ بِعِمَارَتِهَا ، الْعَامِرَةِ الَّتِي لَا تَخْرَبُ ، الْبَاقِيَةِ الَّتِي لَا تَنْفَدُ ، الَّتِي دَعَاكُمْ إِلَيْهَا ، وَحَضَّكُمْ عَلَيْهَا ، وَرَغَّبَكُمْ فِيهَا ، وَجَعَلَ الثَّوَابَ عِنْدَهُ عَنْهَا ، فَاسْتَتِمُّوا نِعَمَ اللَّهِ - عَزَّ ذِكْرُهُ - بِالتَّسْلِيمِ لِقَضَائِهِ ، وَالشُّكْرِ عَلى‏ نَعْمَائِهِ ، فَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِهذَا فَلَيْسَ مِنَّا وَلَا إِلَيْنَا ، وَإِنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِحُكْمِ اللَّهِ ، وَلَا خَشْيَةَ عَلَيْهِ مِنْ ذلِكَ ، أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».
وَ فِي نُسْخَةٍ : «وَلَا وَحْشَةَ ، وَأُولئِكَ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَاهُمْ يَحْزَنُونَ».
وَقَالَ : «وَقَدْ عَاتَبْتُكُمْ بِدِرَّتِيَ الَّتِي أُعَاتِبُ بِهَا أَهْلِي فَلَمْ تُبَالُوا ، وَضَرَبْتُكُمْ بِسَوْطِيَ الَّذِي أُقِيمُ بِهِ حُدُودَ رَبِّي فَلَمْ تَرْعَوُوا ، أَ تُرِيدُونَ أَنْ أَضْرِبَكُمْ بِسَيْفِي؟ أَمَا إِنِّي أَعْلَمُ الَّذِي تُرِيدُونَ ، وَيُقِيمُ أَوَدَكُمْ ، وَلكِنْ لَا أَشْتَرِي صَلَاحَكُمْ بِفَسَادِ نَفْسِي ، بَلْ يُسَلِّطُ اللَّهُ عَلَيْكُمْ قَوْماً ، فَيَنْتَقِمُ لِي مِنْكُمْ ، فَلَا دُنْيَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا ، وَلَا آخِرَةَ صِرْتُمْ إِلَيْهَا ، فَبُعْداً وَسُحْقاً لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ» .

شرح‏

السند مجهول.
قوله: (ولد أبي بكر) الظاهر أنّه عبد الرحمن بن الملعون.
(يطلبون منه التفضيل لهم) أي على سائر الناس في العطايا وغيره.
(الحمد للَّه وليّ الحمد).
الوليّ: ضدّ العدوّ. وقيل: المراد بوليّ الحمد هنا مستحقّ حقيقة الحمد، أو جميع أفراده؛ لأنّ المحامد كلّها له، أو منه.۱
وقيل: أي الأولى به، أو المتولّي لحمد نفسه، كما ينبغي له بإيجاد ما يدلّ على كماله

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۱۸.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 69617
صفحه از 568
پرینت  ارسال به