209
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

وقوله عليه السلام: (من هاهنا) إشارة إلى استبداد ابن قياما برأيه وعدم اتّباع أثَر إمامته.
(أُتي ابن قياما ومن قال بقوله) في الوقف. و«اُتي» على البناء للمفعول، أي أشرف عليه الشيطان وأغواه.
قال الفيروزآبادي: «اُتي [فلان‏] كعُني: أشرف عليه العدوّ».۱
وقيل: أي هلك هو ومَن تبعه حيث لم ينصبه عليه السلام للاقتداء به.۲
وفي القاموس: «اُتي عليه الدهر: أهلكه»۳ انتهى. وفيه شي‏ء يظهر بأدنى التفات.
(قال: ثمّ ذكر ابن السرّاج) كأنّه أحمد بن بشر السرّاج كان من الواقفة.
وقوله: (لورثة أبي الحسن) أي الكاظم عليه السلام.
وقوله: (وهذا إقرار) يعني أنّ قوله لورثة أبي الحسن عليه السلام لا لأبي الحسن إقرار منه بموت موسى بن جعفر عليهما السلام.
(ولكن أيّ شي‏ء ينفعه)؛ يعني لا ينتفع بذلك الإقرار إمّا لعدم إقراره بإمامة الرضا عليه السلام، أو لإضلاله كثيراً من الناس، وتوبة المضلّ أن يهدى من أضلّه حيّاً وميّتاً، وهو محال عادةً.
وقيل: عدم نفعه لأنّ توبة العالم بالشي‏ء المنكر له في هذا الوقت لا ينفعه».۴
ولعلّ كلمة «من» في قوله: (من ذلك) بيان للشي‏ء، و«ذلك» إشارة إلى الإقرار المفهوم من تلك الوصيّة.
والموصول في قوله: (ممّا قال) عبارة عن الوصيّة المذكورة. ويحتمل كون «من» صلة للنفع، ولا يبعد كون العطف للتفسير.
(ثمّ أمسك) أي ثمّ احتبس الرضا عليه السلام عن الكلام.

متن الحديث السادس والأربعين والخمسمائة

۰.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ ، عَنْ حَمَّادٍ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ، قَالَ :
«قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ : إِذَا سَافَرْتَ مَعَ قَوْمٍ فَأَكْثِرِ اسْتِشَارَتَكَ إِيَّاهُمْ فِي

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۹۳.

2.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۲۹۸ (أتي).

3.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۲۹۷ (أتي) مع التلخيص.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
208

على النفاق.
وقيل: إنّ معناه حزازة في قلوبهم، وقيل: حسرةً في قلوبهم يتردّدون فيها «إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ» معناه إلّا أن يموتوا. والمراد بالآية أنّهم لا ينزعون عن الخطيئة، ولا يتوبون حتّى يموتوا على نفاقهم وكفرهم، فإذا ماتوا عرفوا بالموت ما كانوا تركوه من الإيمان وأخذوا به من الكفر. وقيل: معناه إلّا أن يتوبوا توبةً تنقطع بها قلوبهم نَدَماً وأَسَفَاً على تفريطهم.۱
وقوله: (إنّه تبع أبا الحسن عليه السلام) أي الكاظم عليه السلام.
وإنّما دعى عليه السلام عليه بالحيرة بقوله: (حيّرك اللَّه) لما علم بما في قلبه من الشكّ والنفاق وبسوء خاتمته، فاستجاب اللَّه - عزّ وجلّ - دعاءه عليه السلام فيه.
(قال: ثمّ قال) لذمّ ابن قياما ومَن تبعه ومدح من لم يتّبعه من الاثنى عشريّة.
(أرأيت) أخبرني (لو رجع إليهم موسى) إلى قوله: «حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى‏».
لعلّ المراد هنا بموسى في الموضعين الكاظم عليه السلام اقتباساً من الآية. وقيل: أراد به موسى بن عمران عليه السلام بتشبيهه عليه السلام قصّة الواقفيّة بقصّة من عبد العجل، حيث ترك موسى‏ عليه السلام هارون بينهم، فلم يطيعوه وعبدوا العجل، ولم يرجعوا بقوله عن ذلك وقالوا: «لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى»، وكذا موسى بن جعفر عليهما السلام خلّف الرضا عليه السلام بينهم عند ذهابه إلى العراق ونصّ عليه، فلمّا توفّى عليه السلام تركوا وصيّته ولم يطيعوه، واختاروا الوقف عليه، وقالوا: «لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى»؛ فإنّه غاب ولم يمت،۲ انتهى.
وفاعل «قالوا» في قوله: (فقالوا لو نصبته لنا) على الأوّل الذين لم يتّبعوا الواقفيّة وأقرّوا بإمامة الرضا عليه السلام، والضمائر في قوله: «نصبته» وتالييه لابن قياما، أو من يحذو حذوه من رؤساء الوقف، وعلى الثاني من لم يتّبع السامري ولم يعبد العجل، والضمائر الباقية للسامري بقرينة المقام.
ثمّ اعلم أنّ كلمة «لو» في قوله: «لو نصبته» ليس في بعض النسخ، وحينئذٍ ضمير «نصبته» وما بعده راجع إلى الرضا عليه السلام، أو إلى هارون عليه السلام، ويؤيّد هذه النسخة قوله: (بل من قال: نصبته لنا).

1.مجمع البيان، ج ۵، ص ۱۲۷.

2.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۱۰ مع اختلاف في اللفظ.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 69634
صفحه از 568
پرینت  ارسال به