185
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

الْمَدِينَةَ ، وَتَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله بِقُبَا يَنْتَظِرُ عَلِيّاً عليه السلام» .
قَالَ : فَقُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليهما السلام : فَمَتى‏ زَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيٍّ عليهما السلام؟
فَقَالَ : «بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَكَانَ لَهَا يَوْمَئِذٍ تِسْعُ سِنِينَ» .
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهما السلام : «وَلَمْ يُولَدْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله مِنْ خَدِيجَةَ عليها السلام عَلى‏ فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ إِلَّا فَاطِمَةُ عليه السلام ، وَقَدْ كَانَتْ خَدِيجَةُ مَاتَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ ، وَمَاتَ أَبُو طَالِبٍ بَعْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ بِسَنَةٍ ، فَلَمَّا فَقَدَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله سَئِمَ الْمُقَامَ بِمَكَّةَ ، وَدَخَلَهُ حُزْنٌ شَدِيدٌ ، وَأَشْفَقَ عَلى‏ نَفْسِهِ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ ، فَشَكَا إِلى‏ جَبْرَئِيلَ عليه السلام ذلِكَ ، فَأَوْحَى اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - إِلَيْهِ : اخْرُجْ مِنَ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا ، وَهَاجِرْ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَلَيْسَ لَكَ الْيَوْمَ بِمَكَّةَ نَاصِرٌ ، وَانْصِبْ لِلْمُشْرِكِينَ حَرْباً ، فَعِنْدَ ذلِكَ تَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله إِلَى الْمَدِينَةِ» .
فَقُلْتُ لَهُ : فَمَتى‏ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عَلى‏ مَا هُمْ عَلَيْهِ الْيَوْمَ؟
فَقَالَ : «بِالْمَدِينَةِ حِينَ ظَهَرَتِ الدَّعْوَةُ ، وَقَوِيَ الْإِسْلَامُ ، وَكَتَبَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْجِهَادَ ، وَزَادَ۱ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله فِي الصَّلَاةِ سَبْعَ رَكَعَاتٍ : فِي الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ ، وَفِي الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ ، وَفِي الْمَغْرِبِ رَكْعَةً ، وَفِي الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ رَكْعَتَيْنِ ، وَأَقَرَّ الْفَجْرَ عَلى‏ مَا فُرِضَتْ ؛ لِتَعْجِيلِ نُزُولِ مَلَائِكَةِ النَّهَارِ مِنَ السَّمَاءِ ، وَلِتَعْجِيلِ عُرُوجِ مَلَائِكَةِ اللَّيْلِ إِلَى السَّمَاءِ ، وَكَانَ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ يَشْهَدُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَلِذلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : «وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً»۲ يَشْهَدُهُ الْمُسْلِمُونَ ، وَيَشْهَدُهُ‏۳ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ وَمَلَائِكَةُ اللَّيْلِ» .

شرح‏

السند مختَلفٌ فيه للاختلاف في مدح سعيد بن المسسيّب وذمّه، ولعلّ الثاني أرجح، واللَّه أعلم.
قوله: (أو كان كافراً قطّ) إلى قوله: (ولقد آمن باللَّه - تبارك وتعالى - ورسوله).
قال بعض الشارحين:
أفاد عليه السلام أنّ إيمانه التكليفي كان متّصلاً بإيمانه الفطري، ولم يكن مسبوقاً بالكفر

1.في كثير من نسخ الكافي والوافي: «زاد» بدون الواو.

2.الإسراء (۱۷): ۷۸.

3.في بعض نسخ الكافي: «وتشهده».


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
184

فَصَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ مُقِيماً يَنْتَظِرُ عَلِيّاً عليه السلام يُصَلِّي الْخَمْسَ صَلَوَاتٍ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، وَكَانَ نَازِلًا عَلى‏ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْماً يَقُولُونَ لَهُ : أَ تُقِيمُ عِنْدَنَا فَنَتَّخِذَ لَكَ مَنْزِلًا وَ مَسْجِداً؟ فَيَقُولُ : لَا ، إِنِّي أَنْتَظِرُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ أَمَرْتُهُ أَنْ يَلْحَقَنِي ، وَلَسْتُ مُسْتَوْطِناً مَنْزِلًا حَتّى‏ يَقْدَمَ عَلِيٌّ ، وَمَا أَسْرَعَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَقَدِمَ عَلِيٌّ عليه السلام وَالنَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله فِي بَيْتِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، فَنَزَلَ مَعَهُ .
ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله لَمَّا قَدِمَ‏۱ عَلِيٌّ عليه السلام تَحَوَّلَ مِنْ قُبَا إِلى‏ بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ وَعَلِيٌّ عليه السلام مَعَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ، فَخَطَّ لَهُمْ مَسْجِداً ، وَنَصَبَ قِبْلَتَهُ ، فَصَلّى‏ بِهِمْ فِيهِ الْجُمُعَةَ رَكْعَتَيْنِ وَخَطَبَ خُطْبَتَيْنِ ، ثُمَّ رَاحَ مِنْ يَوْمِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ عَلى‏ نَاقَتِهِ الَّتِي كَانَ قَدِمَ عَلَيْهَا وَعَلِيٌّ عليه السلام مَعَهُ لَا يُفَارِقُهُ، يَمْشِي بِمَشْيِهِ ، وَلَيْسَ يَمُرُّ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله بِبَطْنٍ مِنْ بُطُونِ الْأَنْصَارِ إِلَّا قَامُوا إِلَيْهِ يَسْأَلُونَهُ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِمْ ، فَيَقُولُ لَهُمْ : خَلُّوا سَبِيلَ النَّاقَةِ فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله وَاضِعٌ لَهَا زِمَامَهَا، حَتّى‏ انْتَهَتْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَرى‏ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلى‏ بَابِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله الَّذِي يُصَلّى‏ عِنْدَهُ بِالْجَنَائِزِ - فَوَقَفَتْ عِنْدَهُ ، وَبَرَكَتْ وَوَضَعَتْ جِرَانَهَا عَلَى الْأَرْضِ ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وَأَقْبَلَ أَبُو أَيُّوبَ مُبَادِراً حَتَّى احْتَمَلَ رَحْلَهُ ، فَأَدْخَلَهُ مَنْزِلَهُ ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله وَعَلِيٌّ عليه السلام مَعَهُ حَتّى‏ بُنِيَ لَهُ مَسْجِدُهُ، وَبُنِيَتْ‏۲ لَهُ مَسَاكِنُهُ وَمَنْزِلُ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَتَحَوَّلَا إِلى‏ مَنَازِلِهِمَا» .
فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليهما السلام : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، كَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله حِينَ أَقْبَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَأَيْنَ فَارَقَهُ؟
فَقَالَ : «إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله إِلى‏ قُبَا ، فَنَزَلَ بِهِمْ يَنْتَظِرُ قُدُومَ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ : انْهَضْ بِنَا إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَإِنَّ الْقَوْمَ قَدْ فَرِحُوا بِقُدُومِكَ وَهُمْ يَسْتَرِيثُونَ إِقْبَالَكَ إِلَيْهِمْ ، فَانْطَلِقْ بِنَا ، وَلَا تَقُمْ هاهُنَا تَنْتَظِرُ عَلِيّاً ، فَمَا أَظُنُّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكَ إِلى‏ شَهْرٍ . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله : كَلَّا مَا أَسْرَعَهُ ، وَلَسْتُ أَرِيمُ حَتّى‏ يَقْدَمَ ابْنُ عَمِّي وَأَخِي فِي اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَأَحَبُّ أَهْلِ بَيْتِي إِلَيَّ ، فَقَدْ وَقَانِي بِنَفْسِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» .
قَالَ : «فَغَضِبَ عِنْدَ ذلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَاشْمَأَزَّ ، وَدَاخَلَهُ مِنْ ذلِكَ حَسَدٌ لِعَلِيٍّ عليه السلام ، وَكَانَ ذلِكَ أَوَّلَ عَدَاوَةٍ بَدَتْ مِنْهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله فِي عَلِيٍّ عليه السلام ، وَأَوَّلَ خِلَافٍ عَلى‏ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فَانْطَلَقَ حَتّى‏ دَخَلَ

1.في كلتا الطبعتين: + «عليه».

2.في الطبعة القديمة: «بنيت» بدون الواو.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 69644
صفحه از 568
پرینت  ارسال به