183
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

عليه صلى اللَّه عليه وآله،۱ والأخبار الدالّة على أنّه صلى اللَّه عليه وآله أخبر وصيّه بما يفعلون به بعده،۲ فلابدّ من تخصيص الرّسل بغيره صلى اللَّه عليه وآله، أو تخصيص العلم المنفّى بالعلم المخصوص وهو العلم بطريق المشاهدة والعيان، أو يكون نفي العلم كناية عن كثرة مخالفة الاُمّة وعدم متابعتهم للأوصياء بحيث لا يحيط به العلم والبيان،۳ أو القول بأنّ ذلك القول منهم تخشّع وتذلّل وإظهار للعجز بمشاهدة جلال اللَّه مع علمه الشامل لكلّ صغير وكبير، فكان علمهم في جنبه ليس بعلم. وأمّا القول بأنّ العرض عليه عرض مجمل، فيقال: عملت اُمّتك كذا، أو عرض من غير تعيين العامل، فبعيد جدّاً، يظهر ذلك لمن تأمّل في الأخبار الدالّة على العرض.۴

متن الحديث الخامس والثلاثين والخمسمائة

(حَدِيثُ إِسْلَامِ عَلِيٍّ عليه السلام)

۰.ابْنُ مَحْبُوبٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، قَالَ :
سَأَلْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ عليهما السلام : ابْنُ كَمْ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام يَوْمَ أَسْلَمَ؟
فَقَالَ :
«أَوَ كَانَ كَافِراً قَطُّ؟ إِنَّمَا كَانَ لِعَلِيٍّ عليه السلام حَيْثُ بَعَثَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - رَسُولَهُ صلى اللَّه عليه وآله عَشْرُ سِنِينَ ، وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ كَافِراً ، وَلَقَدْ آمَنَ بِاللَّهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالى‏ - وَرَسُولِهِ صلى اللَّه عليه وآله‏۵ ، وَسَبَقَ النَّاسَ كُلَّهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ صلى اللَّه عليه وآله وَإِلَى الصَّلَاةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ ، وَكَانَتْ أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ ، وَكَذلِكَ فَرَضَهَا اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالى‏ - عَلى‏ مَنْ أَسْلَمَ بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله يُصَلِّيهَا بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ ، وَيُصَلِّيهَا عَلِيٌّ عليه السلام مَعَهُ بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ مُدَّةَ عَشْرِ سِنِينَ، حَتّى‏ هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَخَلَّفَ عَلِيّاً عليه السلام فِي أُمُورٍ لَمْ يَكُنْ يَقُومُ بِهَا أَحَدٌ غَيْرُهُ ، وَكَانَ خُرُوجُ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله مِنْ مَكَّةَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ ، وَذلِكَ يَوْمُ الْخَمِيسِ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مِنَ الْبَعْثِ‏۶ ، وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ لِاثْنَيْ عَشَرَ۷ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مَعَ زَوَالِ الشَّمْسِ ، فَنَزَلَ بِقُبَا ،

1.الكافي، ج ۱، ص ۲۱۹ و ۲۲۰، باب عرض الأعمال على النبي صلّى اللَّه عليه وآله والأئمّة عليهم السلام.

2.الكافي، ج ۱، ص ۲۸۱ و ۲۸۲، باب أنّ الأئمّة عليهم السلام لم يفعلوا... ، ح ۴.

3.في المصدر: - «أو يكون نفي العلم كناية» إلى هنا.

4.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۸۰ مع التلخيص.

5.في كلتا الطبعتين: «وبرسوله».

6.في كلتا الطبعتين: «المبعث».

7.في كلتا الطبعتين: «لأثنتي عشرة».


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
182

الموؤدة لتوبيخ الوائد، ولذلك قالوا: «لَا عِلْمَ لَنَا» أي لا علم لنا بما لست تعلّمه.
«إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ»۱ فتعلم ما نعلم ممّا أضمروا في قلوبهم، وفيه التشكّي منهم، وردّ الأمر إلى علمه بما كابدوا منهم. وقيل: المعنى: لا علم لنا إلى جنب علمك، أو لا علم لنا بما أحدثوا بعدنا، وإنّما الحكم للخاتمة،۲ انتهى.
وقال الشيخ الطبرسي في تفسير قوله تعالى: «لَا عِلْمَ لَنَا»:
فيه أقوال:
أحدها: أنّ للقيامة أحوالاً حتّى تزول القلوب عن مواضعها، فإذا رجعت القلوب إلى مواضعها شهدوا لمن صدّقهم وعلى من كذّبهم، يريد أنّهم عزبت عنهم أفهامهم من هول يوم القيامة، فقالوا: لا علم لنا. عن عطاء عن ابن عبّاس، والحسن ومجاهد والسّدي والكلبي، وهو اختيار الفرّاء.
وثانيها: أنّ المراد: لا علم لنا كعلمك؛ لأنّك تعلم غيبهم وباطنهم، ولسنا نعلم غيبهم وباطنهم، وذلك هو الذي يقع عليه الجزاء. عن الحسن في رواية اُخرى، واختاره الجبّائي، وأنكر القول الأوّل وقال: كيف يجوز ذهولهم عن هول يوم القيامة مع قوله سبحانه: «لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ اْلأَكْبَرُ»۳ وقوله: «لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ»۴.
وثالثها: أنّ معناه: لا حقيقة لعلمنا؛ إذ كنّا نعلم جوابهم وما كان من أفعالهم وقت حياتنا، ولا نعلم ما كان منهم بعد وفاتنا، وإنّما الثواب والجزاء يستحقّان بما تقع به الخاتمة ممّا يموتون عليه، عن ابن الانباري.
ورابعها: أنّ المراد: لا علم لنا إلّا ما علّمتنا، فحذف لدلالة الكلام عليه. عن ابن عبّاس في رواية اُخرى.
وخامسها: أنّ المراد به تحقيق فضيحتهم، أي أنت أعلم بحالهم منّا، ولا تحتاج في ذلك إلى شهادتنا «إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ».۵
وقال بعض الشارحين:
الظاهر أنّ الرسل في قوله تعالى: «يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ» يشمل رسولنا صلى اللَّه عليه وآله، فحينئذٍ قوله: (فيقولون«لَا عِلْمَ لَنَا») ينافي الأخبار الدالّة على عرض الأعمال

1.المائدة (۵): ۱۰۹.

2.تفسير البيضاوي، ج ۲، ص ۳۷۸.

3.الأنبياء (۲۱): ۱۰۳.

4.البقرة (۲): ۳۸.

5.مجمع البيان، ج ۳، ص ۴۴۶ و ۴۴۷ مع التلخيص.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 69648
صفحه از 568
پرینت  ارسال به