159
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

وأمره أن ينزل بطن نخلة بين مكّة والطائف، فيرصد عير قريش، وكان ذلك في شهر جمادى الآخرة من شهور سنة اثنين من الهجرة قبل بدر بشهرين، فانطلقوا حتّى هبطوا بطن نخلة، فوجدوا بها عمرو بن الحضرمي في عير تجّار قريش في غرّة رجب، وكانوا يرون أنّه من جمادى الآخرة، وقد طلبوا الهلال في الليلة الماضية، فلم يروه، فاختلفوا لذلك وتردّدوا، فقال قائلٌ منهم: لا ندري أنّ هذا اليوم من الشهر الحرام أم لا، وهذا غنم رزقتموه. وقال بعضهم: لا نعلم هذا اليوم إلّا من الشهر الحرام، ولا نرى أن تستحلّوه لطمع أشفيتم عليه. ثمّ اتّفقوا بعد الاختلاف على قطع العير، فشدّوا على ابن الحضرمي فقتلوه، وساقوا العير وغنموها، فقال أهل بطن نخلة: إنّا قد رأينا الهلال في الليلة الماضية، وشنّعوا على المسلمين باستحلال القتال في الشهر الحرام، فلمّا بلغ ذلك مشركي مكّة، وقد رهط منهم إلى النبيّ صلى اللَّه عليه وآله، فيسألونه عن القتال في الشهر الحرام، فأنزل اللَّه عزّ وجلّ: «يَسْأَلُونَكَ عَنْ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنْ الْقَتْلِ»۱ أي ما يرتكبونه من إخراج أهل المسجد الحرام وهم المؤمنون والنبيّ، والشرك باللَّه وتعذيب أهل الإيمان وصدّهم عن دين اللَّه أفظع وأشنع من قتل ابن الحضرمي.۲
واختلفت الروايات في قبول تلك الغنيمة وردّها؛ ففي بعضها: أنّ النبيّ صلى اللَّه عليه وآله أخذ تلك الغنيمة وأخرج منها الخمس، وقسّم الباقي بين أصحاب السّريّة.۳ وفي بعضها: أنّه صلى اللَّه عليه وآله ردّها إلى أهلها.۴ وفي بعضها: أنّها قسّمت بعد وقعة بدر مع غنائمه،۵ واللَّه أعلم.

متن الحديث السابع عشر والخمسمائة

0.مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى‏ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى‏ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَلَّارٍ أَبِي عَمْرَةَ ، عَنْ أَبِي مُرٍّ6 الثَّقَفِيِّ ،

1.البقرة (۲): ۲۱۷.

2.راجع: تفسير القمّي، ج ۱، ص ۷۱؛ مجمع البيان، ج ۲، ص ۷۴؛ الكشّاف، ج ۱، ص ۳۵۶؛ تفسير الرازي، ج ۶، ص ۳۱؛ تفسير البيضاوي، ج ۱، ص ۵۰۰.

3.راجع: تفسير الثعلبي، ج ۲، ص ۱۴۰؛ أسباب نزول الآيات للواحدي، ص ۴۳؛ تفسير البغوي، ج ۱، ص ۱۸۹.

4.نقله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۷۱ بعنوان «قيل».

5.في الطبعة القديمة: «أبي مريم».


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
158

متن الحديث السادس عشر والخمسمائة

۰.أَبَانٌ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ ، قَالَ :
قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام :
«إِنَّ الْمُغَيِّرَةَ۱ يَزْعُمُونَ أَنَّ هذَا الْيَوْمَ لِهذِهِ اللَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ ، فَقَالَ : كَذَبُوا ، هذَا الْيَوْمُ لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ ؛ إِنَّ أَهْلَ بَطْنِ نَخْلَةَ حَيْثُ رَأَوُا الْهِلَالَ قَالُوا : قَدْ دَخَلَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ» .

شرح‏

السند مجهول.
قوله: (إنّ المغيِّرة) كأنّه بكسر الياء المشدّدة اسم فاعل من التغيير، أو المراد الفرقة أو الطائفة المغيّرة لأحكام الدِّين؛ يعني العامّة.
وروي عن الصادق عليه السلام: «أنّهم غيّروا كلّ شي‏ء من أحكام الدِّين إلّا استقبال الكعبة في الصلاة».۲
وفي بعض النسخ: «المغيريّة» وهم أتباع المغيرة بن سعيد.
قال العلّامة في الخلاصة: «إنّ أبا جعفر عليه السلام قال: إنّه [كان‏] يكذب علينا، وكان يدعو إلى محمّد بن عبد اللَّه بن الحسن في أوّل أمره».۳(يزعمون أنّ هذا اليوم) إشارة إلى اليوم الحاضر.
(لهذه الليلة المستقبلة).
قيل: كان بناء هذا الزعم على أنّ النهار مقدَّم على الليل.
(فقال: كذبوا) إلى آخره.
لا يبعد أن يتمسّك بمثل هذا الخبر على تقدّم الليل على النهار.
وقوله: (إنّ أهل بطن نخلة) إلى آخره، إشارة إلى وضوح ذلك عند الناس، وبيانه ما روي: أنّ النبيّ صلى اللَّه عليه وآله بعث عبد اللَّه بن جحش ابن عمّته مع ثمانية - وقيل: إثنى عشر - من المهاجرين،

1.هكذا في النسخة وبعض نسخ الكافي و شرح المازندراني. وفي كلتا الطبعتين: «المغيريّة».

2.روي قريب منه في: المحاسن، ج ۱، ص ۱۵۶، ح ۸۹؛ الفصول المهمّة، ج ۱، ص ۵۷۸، ح ۸۸۴.

3.خلاصة الأقوال، ص ۴۱۱، الرقم ۹.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 69513
صفحه از 568
پرینت  ارسال به