149
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

«فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا» بالشرك والتكذيب: «رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَى‏ أَجَلٍ قَرِيبٍ»: أخِّر العذاب عنّا، أو ردّنا إلى الدُّنيا وأخّرنا إلى حدّ من الزمان قريب، أو أخّر آجالنا وأبقنا مقدار ما نؤمن بك. «نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعْ الرُّسُلَ»جواب للأمر.۱
إذا عرفت هذا فاعلم أنّه ذهب أكثر المفسّرين إلى أنّ الآية نزلت في قوم من المسلمين يلقون من المشركين أذىً شديداً بمكّة قبل الهجرة إلى المدينة، فشكوا إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وقالوا: ائذن لنا في قتال هؤلاء؛ فإنّهم قد آذونا، فلمّا اُمروا بالقتال بعد الهجرة وبالمسير إلى بدر شقَّ ذلك على بعضهم.۲ وفسّروا الأجل القريب بالموت بآجالهم،۳ وعلى تفسيره عليه السلام يكون المراد بها ذمّ الاُمّة، بأنّ الإمام إذا أمر بترك القتال طلبوه، وإذا أمر بالقتال استوخموه، والظاهر أنّ الضمير في قوله عليه السلام: «إنّما هي طاعة الإمام» عائد إلى الآية؛ يعني الغرض الأصلي فيها طاعة الإمام الذي ينهى عن القتال، لعدم كونه مأموراً به، ويأمر بالصلاة والزكاة وسائر أنواع الطاعات، وأنّ جواب القسم محذوف، أي نزلت هذه الآية في الحثّ على طاعة الإمام، وأنّ الذكور أعني قوله: (إنّما هي)قائم مقام المحذوف وقرينة عليه.
وحاصل قوله عليه السلام: (وطلبوا القتال) إلى آخره، أنّ أصحاب الحسن عليه السلام كانوا مأمورين بحكم هذه الآية بطاعة إمامهم في ترك القتال، فلم يطيعوه، ولم يرضوا به، وطلبوا القتال، فلمّا كتب عليهم القتال مع الحسين عليه السلام قالوا: «رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَآ أَخَّرْتَنَآ إِلَى‏ أَجَلٍ قَرِيبٍ» أي قيام القائم عليه السلام.
فإن قلت: أيّ سرّ في وصل آخر الآية الثانية بالآية السابقة؟
قلت: لعلّه عليه السلام أشار به إلى أنّ الآيتين نزلتا لبيان حال تلك الطائفة، أو أضاف الثانية وهي قوله: «نُجِبْ دَعْوَتَكَ» إلى الاُولى للتفسير والبيان، وأنّ غرضهم: إن أخّرتنا إلى ذلك الأجل نجب دعوتك. ويحتمل أن يكون في قراءتهم عليهم السلام هكذا.

متن الحديث السادس والخمسمائة

0.مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى‏ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ ؛ وَعِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ جَمِيعاً ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ

1.تفسير البيضاوي، ج ۳، ص ۳۵۴ مع التلخيص.

2.راجع: الكشّاف، ج ۳، ص ۱۵؛ مجمع البيان، ج ۳، ص ۱۳۴؛ تفسير الرازي، ج ۱۰، ص ۱۸۴.

3.راجع: التبيان، ج ۳، ص ۲۶۲؛ مجمع البيان، ج ۳، ص ۱۳۵.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
148

طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ ، وَوَاللَّهِ‏۱ لَقَدْ نَزَلَتْ هذِهِ الْآيَةُ : «أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ» إِنَّمَا هِيَ طَاعَةُ الْإِمَامِ ، وَطَلَبُوا الْقِتَالَ ، فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ مَعَ الْحُسَيْنِ عليه السلام ، قالُوا : «رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى‏ أَجَلٍ قَرِيبٍ»۲نُجِبْ دَعْوَتَكَ ، وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ ، أَرَادُوا تَأْخِيرَ ذلِكَ إِلَى الْقَائِمِ عليه السلام» .

شرح‏

السند ضعيف.
قوله: (واللَّه للذي صنعه الحسن بن عليّ عليهما السلام) من الصلح مع معاوية.
(كان خيراً لهذه الاُمّة ممّا طلعت عليه الشمس)؛ إذ به كانت نجاتهم من القتل، والاستئصال في زمن دولة الباطل، وبه بقاء دين الحقّ وأهله.
(وواللَّه لقد نزلت هذه الآية)؛ قال اللَّه - عزّ وجلّ - في سورة النساء: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ» أي عن القتال مع الكفّار.
«وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ» واشتغلوا بهما وبما اُمرتم به من الطاعات. «فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنْ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً».۳
قال البيضاوي في قوله تعالى: «لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ»: «استزادة في مدّة الكفّ عن القتال حذر الموت، ويحتمل أنّهم ما تفوّهوا به، ولكن قالوه في أنفسهم، فحكى اللَّه عنهم»۴ انتهى.
وقال اللَّه سبحانه في سورة إبراهيم عليه السلام: «وَأَنذِرْ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ الْعَذَابُ».۵
قال البيضاوي:
يعني يوم القيامة، أو يوم الموت؛ فإنّه أوّل أيّام عذابهم، وهو مفعول ثان ل «أنذر».

1.هكذا في النسخة وبعض نسخ الكافي. وفي كلتا الطبعتين: «واللَّه» بدون إحدى الواوين.

2.النساء (۴): ۷۷.

3.النساء (۴): ۷۷.

4.تفسير البيضاوي، ج ۲، ص ۲۲۰.

5.إبراهيم (۱۴): ۴۴.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 69616
صفحه از 568
پرینت  ارسال به