147
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

نبيّ اللَّه وخالصته أن يستعجل فيما علم أنّ اللَّه تعالى أمر بتأخيره.
(قال: فأمره) يعني جبرئيل عليه السلام بالخروج من القرية الظالمة أهلها.
(فتحمّل ومن معه إلّا امرأته).
التحمّل: الاحتمال، والنفر والتنقّل، أي ارتحل أو احتمل متاعه. والواو بمعنى «مع» لا للعطف؛ لأنّه يلزم على الأوّل العطف على الضمير المرفوع المتّصل من غير فصل ولا تأكيد، وعلى الثاني العطف على المحذوف.
قيل: فيه دلالة واضحة على أنّه عليه السلام لم يخرج معه امرأته، بل خلّفها مع قومها، وهذا أحد القولين للمفسّرين. وقيل: أخرجها وأمر أن لا يلتفت منهم أحد إلى وراءه، فلمّا سمعت في الطريق هدّة العذاب وصوت وقع الأرض التفتت إلى الخلف وقالت: يا قوماه، فأدركها حجر فقتلها.۱(قال: ثمّ اقتلعها) إلى آخره.
الاقتلاع: الاستلاب. ونباح الكلب - بالضمّ - : تصويته.
قال الزمخشري:
سجّيل: كلمة معرّبة «سنك كل» بدليل قوله: «حِجَارَةً مِنْ طِينٍ».۲ وقيل: هي من أسجله: إذا أرسله؛ لأنّها تُرسل على الظالمين. ويدلّ عليه قوله: «لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً». [و] قيل: ممّا كتب اللَّه أن يعذّب به من السجلّ وسجّل لفلان.۳

متن الحديث الخامس والخمسمائة

۰.مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى‏ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ :
«وَاللَّهِ لَلَّذِي‏۴ صَنَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليهما السلام كَانَ خَيْراً لِهذِهِ الْأُمَّةِ مِمَّا

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۶۲. ونسب الزمخشري كلا القولين إلى الرواية في الكشّاف، ج ۲، ص ۲۸۴.

2.الذاريات (۵۱): ۳۳.

3.الكشّاف، ج ۲، ص ۲۸۴ مع اختلاف يسير في اللفظ.

4.في بعض نسخ الكافي وشرح المازندراني ومرآة العقول: «الذي».


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
146

(فذهبت أعينهم) وعموا جميعاً.
(وهو قوله:«فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ»)؛ الظاهر أنّ ضمير «قوله» راجع إلى اللَّه تعالى، وكأنّ هذه الفقرة كانت في قراءتهم عليهم السلام.
قال الفيروزآبادي: «الطموس: الدروس، والإمحاء. وطمستُ الشي‏ء طمساً: استأثرت أثره. ورجلٌ مطموس: ذاهب البصر».۱
وقيل: معنى «طمسناً أعينهم»: مسخناها، وسوّيناها بسائر الوجه.۲
وقال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: «إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ»: «لن يصلوا [إلى ]إضرارك بإضرارنا».۳«فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ» في السُرى‏ - كهدى - مسير عامّة الليل. سرى يسري سُرىً وأسرى وأسرّى، وسرى به، وأسراه، وبه، وأسرى بعبده ليلاً تأكيداً، ومعناه سيره «بِقِطْعٍ مِنْ اللَّيْلِ»أي بطائفةٍ منه.
قال الفيروزآبادي: «القِطع - بالكسر - : ظلمة آخر الليل، أو القطعة منه، كالقطع كعنب، أو من أوّله إلى ثلثه».۴«إِنَّ مَوْعِدَهُمْ الصُّبْحُ».
قال البيضاوي: «كأنّه علّة من الأمر بالإسراء».۵«أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ»۶ جواب لاستعجال لوط واستبطائه العذاب.
وقال الزمخشري: «روى أنّه قال لهم: متى موعد هلاكهم؟ قالوا: الصبح، فقال: أريد أسرع من ذلك، فقالوا: أليسَ الصبح بقريب» انتهى.۷
ويظهر من هذا الخبر أنّه جواب لقوله: «عجّل»، ولا يخفى على المتأمّل ما بين هذا التفسير وبين ما نقلناه من الزمخشري من الفرق، وأنّ ما ذكره عليه السلام هو الصواب، فإنّه يبعد من

1.تفسير البيضاوي، ج ۳، ص ۲۴۸.

2.هود (۱۱): ۸۱.

3.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۲۲۷ (طمس) مع التلخيص.

4.تفسير البيضاوي، ج ۳، ص ۲۴۹.

5.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۷۰ (قطع) مع التلخيص.

6.تفسير البيضاوي، ج ۳، ص ۲۵۰.

7.الكشّاف، ج ۲، ص ۲۸۴.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 69462
صفحه از 568
پرینت  ارسال به