137
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

جَبْرَئِيلَ ، وَمِيكَائِيلَ ، وَإِسْرَافِيلَ ، وَكَرُوبِيلَ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِمْ ، فَمَرُّوا بِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَهُمْ مُعْتَمُّونَ ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ ، فَلَمْ يَعْرِفْهُمْ وَرَأى‏ هَيْئَةً حَسَنَةً ، فَقَالَ : لَا يَخْدُمُ هؤُلَاءِ أَحَدٌ إِلَّا أَنَا بِنَفْسِي وَكَانَ صَاحِبَ أَضْيَافٍ ، فَشَوى‏ لَهُمْ عِجْلًا سَمِيناً حَتّى‏ أَنْضَجَهُ ، ثُمَّ قَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ «فَلَمَّا» وَضَعَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ «رَأى‏ أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً»۱.
فَلَمَّا رَأى‏ ذلِكَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام ، حَسَرَ الْعِمَامَةَ عَنْ وَجْهِهِ وَعَنْ رَأْسِهِ ، فَعَرَفَهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام ، فَقَالَ : أَنْتَ هُوَ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، وَمَرَّتِ امْرَأَتُهُ سَارَةُ ، فَبَشَّرَهَا بِإِسْحَاقَ ، وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ، فَقَالَتْ : مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَأَجَابُوهَا۲ بِمَا فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ .
فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام لَهُمْ : فِيمَا ذَا جِئْتُمْ؟ قَالُوا لَهُ : فِي إِهْلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ ، فَقَالَ لَهُمْ : إِنْ كَانَ فِيهَا مِائَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ تُهْلِكُونَهُمْ؟ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام : لَا ، قَالَ : فَإِنْ كَانُوا خَمْسِينَ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثِينَ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : فَإِنْ كَانُوا عِشْرِينَ؟ [قَالَ : لَا ، قَالَ : فَإِنْ كَانُوا عَشَرَةً؟ قَالَ : لَا ، قَالَ ، فَإِنْ كَانُوا خَمْسَةً؟] قَالَ : لَا ، قَالَ : فَإِنْ كَانُوا وَاحِداً؟ قَالَ : لَا ، قالَ : إِنَ‏۳ فِيها لُوطاً ، قالُوا : «نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ»۴ ، ثُمَّ مَضَوْا» .
وَقَالَ الْحَسَنُ الْعَسْكَرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ : «لَا أَعْلَمُ ذَا الْقَوْلَ إِلَّا وَ هُوَ يَسْتَبْقِيهِمْ ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :
«يُجادِلُنا فِى قَوْمِ لُوطٍ»۵ فَأَتَوْا لُوطاً وَهُوَ فِي زِرَاعَةٍ لَهُ قُرْبَ الْمَدِينَةِ ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَهُمْ مُعْتَمُّونَ ، فَلَمَّا رَآهُمْ رَأى‏ هَيْئَةً حَسَنَةً ، عَلَيْهِمْ عَمَائِمُ بِيضٌ ، وَثِيَابٌ بِيضٌ ، فَقَالَ لَهُمُ : الْمَنْزِلَ ، فَقَالُوا : نَعَمْ ، فَتَقَدَّمَهُمْ وَمَشَوْا خَلْفَهُ ، فَنَدِمَ عَلى‏ عَرْضِهِ عَلَيْهِمُ الْمَنْزِلَ ، وَقَالَ : أَيَّ شَيْ‏ءٍ صَنَعْتُ ، آتِي بِهِمْ قَوْمِي وَأَنَا أَعْرِفُهُمْ؟ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ : إِنَّكُمْ تَأْتُونَ شِرَارَ خَلْقِ اللَّهِ ،۶ وَقَدْ قَالَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام : لَا تَعْجَلُ‏۷ عَلَيْهِمْ حَتّى‏ يَشْهَدَ ثَلَاثَ شَهَادَاتٍ ، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام : هذِهِ وَاحِدَةٌ .
ثُمَّ مَشى‏ سَاعَةً ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ : إِنَّكُمْ تَأْتُونَ شِرَارَ خَلْقِ اللَّهِ ، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام : هذِهِ اثْنَتَانِ .
ثُمَّ مَضى‏ ، فَلَمَّا بَلَغَ بَابَ الْمَدِينَةِ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ : إِنَّكُمْ تَأْتُونَ شِرَارَ خَلْقِ اللَّهِ ، فَقَالَ

1.هود (۱۱): ۷۰.

2.في بعض نسخ الكافي: «وأجابوها».

3.في بعض نسخ الكافي: «فإنّ».

4.العنكبوت (۲۹): ۳۲.

5.في بعض نسخ الكافي: «شراراً من خلق اللَّه».

6.هكذا في النسخة وكثير من نسخ الكافي. وفي كلتا الطبعتين: «لا نعجل».


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
136

وقيل: بنو بكر بن زيد بن مناة.۱«أَوْ جَاءُوكُمْ» عطف على الصلة، أي الذين جاءوكم كافّين عن قتالكم وقتال قومهم، استثنى عن المأمور بأخذهم وقتلهم من ترك المحاربين، فلحق بالمعاهدين، وأتى الرسول وكفّ عن قتال الفريقين، أو على صفة قوم وكأنّه قيل: إلّا الذين يصلون إلى قوم معاهدين، أو قوم كافّين عن القتال لكم وعليم، والأوّل أظهر لقوله: «فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ».
«حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ» حال بإضمار «قد»، ويدلّ عليه «أن». قرى: «حَصِرَةٌ صدورهم» و«حصرات». أو بيان ل «جاؤكم».
وقيل: صفة محذوف، أي جاؤوكم قوماً حصرت صدورهم، وهم بنو مدلج (جاؤوا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله) غير مقاتلين، والحصر: الضيق، والانقباض.۲«أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ» أي عن أنْ، أو لإنْ، أو كراهة أن يقاتلوكم.
(قال: نزلت في بني مدلج) بضمّ الميم وكسر اللّام: قبيلة من كنانة.
وقد يترائى أنّ قوله: (إنّا قد حصرت صدورنا) يكون تفسيراً لقوله تعالى: «حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ» فلا تغفل.
والحصر - بالتحريك - : ضيق الصدر، وفعله كعلم.
وقوله عليه السلام: (واعدهم) من المواعدة، وهي أن يعد بعضهم بعضاً.
وفي بعض النسخ: «وادعهم» من الموادعة، وهي المهادنة، والمصالحة.
وقوله: (ثمّ يدعوهم) يعني إلى الإسلام.

متن الحديث الرابع والخمسمائة

۰.مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى‏ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى‏ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي يَزِيدَ وَهُوَ فَرْقَدٌ ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْحَمَّارِ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ، قَالَ :
«إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى‏ بَعَثَ أَرْبَعَةَ أَمْلَاكٍ فِي إِهْلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ :

1.نقله الرازي عن ابن عبّاس في تفسيره، ج ۱۰، ص ۲۲۲.

2.نقله الزمخشري عن المبرد في الكشّاف، ج ۱، ص ۵۵۲.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 69636
صفحه از 568
پرینت  ارسال به