103
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

الانتساب حقيقةً إذا كانت من جهة الأب عرفاً، فلا يُقال تميميّ إلّا لمَن انتسب إلى تميم بالأب، ولا حارثي إلّا لمَن انتسب إلى حارث بالأب، وأيّدوه بقول الشاعر:


بنونا بنو أبناءنا وبناتُنابنوهنَّ أبناء الرجال الأباعدا
وبما رواه حمّاد بن عيسى‏ مرسلاً عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام أنّه قال: «مَن كانت اُمّه من بني هاشم وأبوه من سائر قريش فإنّ الصدقة تحلّ له، وليس له من الخمس شي‏ء؛ لأنّ اللَّه يقول: «ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ»۱.۲
ويدلّ على المذهب الأوّل أخبار كثيرة منها: خبر الكتاب، وضعفه بأبي الجارود لا يضرّ؛ لأنّ التمسّك هو الآية، فتدبّر حتّى يظهر لك قوّة المذهب الأوّل، واستناد الآخرين على اللغة والعرف مدخول، واحتمال التجوّز غير قادح.
قال الفيروزآبادي: «ولدك من دَمي عقبيك، أي من نفست به فهو ابنك».۳
ومرسلة حمّاد معارضة بما هو أكثر وأقوى منها.
ثمّ اعلم أنّ دلالة الآية الثانية على المطلوب ظاهر كالثالثة، وأمّا دلالة الآية الاُولى عليه ففيها خفاء؛ إذ الاستدلال بها إنّما ينفع فيما ورد بلفظ الذرّيّة، ويمكن تطبيقها على المطلوب بانضمام عدم القول بالفصل، أو ادّعاء أنّ من كان ذرّيّة حقيقة فهو ولد حقيقة بشهادة العرف واللّغة.
هذا ويحتمل أن يُراد بقولهم: (قد يكون ولد الابنة من الولد، ولا يكون من الصلب) نفي الحقيقة، وحمل الآية على المجاز، وأنّه إنّما يكون حقيقة إذا كان من الصلب. ويحتمل أن يكون غرضهم تسليم كونه ولداً على الإطلاق، ومنع كونه ولداً من الصلب، لكن الاستدلال بالآية الثانية لدفع هذا المنع لا وجه له، ولذا استدلّ عليه السلام بالآية الثالثة لإثبات ما منعوه بقولهم: (وآخر يقول: أبناءنا) يعني مجازاً، فحملوا الآية على المجاز على أنّ هذا المنع لا وجه له؛ إذ مبنى الاستدلال على أنّ الأصل في الإطلاق الحقيقة، فالحمل على التجوّز يحتاج إلى دليل.
والضمير في قوله عليه السلام: (لأعطينكّها) راجع إلى الحجّة.

1.الأحزاب (۳۳): ۵.

2.تهذيب الأحكام، ج ۴، ص ۱۲۹، ح ۳۶۶.

3.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۳۴۷ (ولد).


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
102

قَالَ : «مِنْ حَيْثُ قَالَ اللَّهُ تَعَالى‏ : «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ» الْآيَةَ إِلى‏ أَنِ انْتَهى‏ إِلى‏ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى‏ : «وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ»۱فَسَلْهُمْ يَا أَبَا الْجَارُودِ : هَلْ كَانَ يَحِلُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله نِكَاحُ حَلِيلَتَيْهِمَا؟ فَإِنْ قَالُوا : نَعَمْ ، كَذَبُوا وَفَجَرُوا ، وَإِنْ قَالُوا : لَا ، فَهُمَا ابْنَاهُ لِصُلْبِهِ» .

شرح‏

السند ضعيف.
قوله: (ينكرون علينا أنّهما ابنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله).
اعلم أنّه لا خلاف في جواز إطلاق الابن والبنت والولد والذرّية على ولد البنت، إنّما النزاع في أنّ هذا الإطلاق هل هو من باب الحقيقة، أو المجاز، وفرّعوا عليه استحقاق الخمس وحرمة الزكاة على من كانت اُمّه هاشميّة دون أبيه، والنذر للأولاد، أو لأولاد الأولاد والوقف عليهم؛ فذهب طائفة منهم السيّد المرتضى رحمة اللَّه عليه‏۲ إلى الأوّل، لقول النبيّ صلى اللَّه عليه وآله للحسنين عليهما السلام: «هذان ابناي إمامان قاما أو قعدا»۳ فأطلق عليهما الابن، والأصل في الإطلاق الحقيقة، ومالَ إليه الشيخ الطبرسي رحمة اللَّه عليه حيث قال:
وإذا جعل اللَّه سبحانه عيسى من ذرّية إبراهيم أو نوح، ففي ذلك دلالة واضحة وحجّة قاطعة على أنّ أولاد الحسن والحسين عليهما السلام ذرّيّة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله على الإطلاق، وأنّهما ابنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، وقد صحَّ في الحديث أنّه قال لهما عليهما السلام: «إبناي هذان إمامان قاما أو قعدا»۴ وقال للحسن: «إنّ ابني هذا سيّد».۵ وأنّ الصحابة كانت تقول لكلّ منهما ومن أولادهما: يابن رسول اللَّه، انتهى.۶
وذهب جماعة جمهور العامّة وأكثر أصحابنا إلى الثاني،۷ واحتجّوا بأنّه إنّما تصدق

1.النساء (۴): ۲۳.

2.اُنظر: رسائل الشريف المرتضى، ج ۳، ص ۲۶۴، المسألة ۴۴؛ وج ۴، ص ۳۲۸، المسألة ۴.

3.عوالي اللآلي، ج ۳، ص ۱۳۰، ح ۱۴.

4.المناقب، ج ۳، ص ۱۴۱.

5.المناقب، ج ۳، ص ۱۸۵؛ عوالي اللآلي، ج ۱، ص ۱۰۲، ح ۳۰.

6.مجمع البيان، ج ۴، ص ۱۰۴.

7.اُنظر: الخلاف، ج ۴، ص ۵ - ۱۱، المسألة ۲؛ غنية النزوع، ص ۲۹۹؛ السرائر، ج ۳، ص ۱۵۷؛ المجوع للنووي، ج ۱۶، ص ۵۵ - ۵۷؛ فتح الباري، ج ۱۲، ص ۲۳ - ۲۵.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 69688
صفحه از 568
پرینت  ارسال به