باب المحرم يذبح ويحتشّ لدابّته
أراد قدس سره بالذبح ذبح الحيوانات الأهليّة ، وبالاحتشاش قلع حشيش الحرم لعلف الدواب . وقد عرفت إجماع أهل العلم على جواز الأوّل وتحريم الثاني إلّا من مواضع مخصوصة معدودة فلا نعيدهما .
باب أدب المحرم
أراد بالأدب المعنى العام ، وفيه مسائل :
الاُولى : ظاهر مرسل ابن فضّال ۱ جواز دخول الحمّام للمحرم من غير كراهة ، وهو ظاهر المصنّف قدس سرهوظاهر الشيخ في الخلاف حيث قال :
يجوز للمحرم أن يدخل الحمّام وإزالة الوسخ عن جسمه ، ويكره له دَلك بدنه ، وبه قال الشافعيّ غير أنّه لم يكره الدلك ۲ . وقال مالك : عليه الفدية . ۳
إلّا أن يقال أراد بكراهة الدلك حرمته كما يشعر به قوله بعدما ذكر :
«دليلنا : أنّ الأصل براءة الذمّة ، فمن حظره أو قال : وجب شيء فعليه الدلالة» . ۴
والمشهور بين الأصحاب كراهته ، صرّح به جماعة منهم الشيخ في المبسوط . ۵
الثانية : ظاهر صحيح حمّاد بن عيسى ۶ عدم جواز تلبية المنادي للمحرم ، ويؤيّده ما رواه الصدوق رضى الله عنهقال : وفي خبر آخر : «إذا نودي المحرم فلا يقل لبّيك ، ولكن يقول : يا سعد» ۷ ، وهو ظاهر المصنّف قدس سره ، وحُملا في المشهور على الكراهة ؛ لما رواه الصدوق عن الصادق عليه السلام قال : «يكره للرجل أن يجيب بالتلبية إذا نُودي وهو محرم» . ۸
وعن سليمان بن جعفر ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن التلبية وعلّتها ، فقال : «إنّ الناس إذا أحرموا ناداهم اللّه تعالى ذكره ، فقال : عبادي وإمائي ، لأحرمنّكم على النار كما أحرمتم لي ، فيقولون : لبّيك اللّهمَّ لبّيك ؛ إجابةً للّه عزّ وجلّ على ندائه إيّاهم» ۹ ، فيكره أن يشرك فيها غيره في حال الإحرام ، فتأمّل .
الثالثة : يستفاد من خبر زرارة ۱۰ جواز التلبية للمحرم وإن كان مشتملاً على ستر الرأس بعض الستر ، وهو أن يطلي رأسه بعسل أو صمغ ؛ ليجمع الشعر ويتلبّد ، فلا يتخلّله اّلغبار ولا يصيبه الشعث ولا يأوي فيه القمل وشبهه .
وقد روى الجمهور أيضا عن ابن عمر أنّه قال : «رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يهلّل ملبّدا» ۱۱ ، وبه صرّح الأصحاب وغيرهم ، ولم أجد مخالفا له من الفريقين ، بل لا يبعد القول باستحبابه .
1.هو الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي .
2.كتاب الاُمّ للشافعي ، ج ۲ ، ص ۱۵۹ ؛ مختصر المزني ، ص ۶۶ ؛ فتح العزيز ، ج ۷ ، ص ۴۶۳ ؛ المجموع للنووي ، ج ۷ ، ص ۳۵۵ ؛ بداية المجتهد ، ج ۱ ، ص ۲۶۵ .
3.بداية المجتهد ، ج ۱ ، ص ۲۶۵ ؛ المدوّنة الكبرى ، ج ۱ ، ص ۳۸۹ ؛ المجموع للنووي ، ج ۷ ، ص ۳۵۵ .
4.الخلاف ، ج ۲ ، ص ۳۱۴ ، المسألة ۱۰۸ .
5.المبسوط ، ج ۱ ، ص ۳۲۲ .
6.هو الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي .
7.الفقيه ، ج ۲ ، ص ۳۲۶ ، ح ۲۵۸۴ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۲ ، ص ۵۶۱ ، ح ۱۷۰۸۶ .
8.الفقيه ، ج ۲ ، ص ۳۲۶ ، ح ۲۵۸۳ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۲ ، ص ۵۶۱ ، ح ۱۷۰۸۶ .
9.الفقيه ، ج ۲ ، ص ۱۹۶ ، ح ۲۱۲۴ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۲ ، ص ۳۷۵ ، ح ۱۶۵۵۲ ، و فيهما : «ندائه لهم» بدل «ندائه إيّاهم» .
10.هو الحديث السابع من هذا الباب من الكافي .
11.صحيح البخاري ، ج ۲ ، ص ۱۴۵ ؛ و ج ۷ ، ص ۵۹ ؛ صحيح مسلم ، ج ۴ ، ص ۸ ؛ سنن ابن ماجة ، ج ۲ ، ص ۱۰۱۳ ، ح ۳۰۴۷ ؛ سنن أبي داود ، ج ۱ ، ص ۳۹۳ ، ح ۱۷۴۷ ؛ سنن النسائي ، ج ۵ ، ص ۱۳۶ ؛ و السنن الكبرى له أيضا ، ج ۲ ، ص ۳۳۷ ، ح ۳۶۶۳ .