325
شرح فروع الکافي ج5

باب الخروج إلى منى

قد صرّح أكثر الأصحاب باستحباب الخروج إلى منى يوم التروية بعد الظهرين لغير أمير الحاجّ والمرأة وخائف الزحام من المريض والشيخ الكبير، ومَن له عدوّ يخاف منه في الطريق . ۱
ويدلّ عليه قوله عليه السلام في حسنة معاوية بن عمّار : «ثمّ اقعد حتّى تزول الشمس فصلِّ المكتوبة، ثمّ قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة، فأحرم بالحجّ، ثمّ امض وعليك السكينة والوقار »، ۲ الحديث ، وقد سبق، وحمل الأمر فيه على الاستحباب؛ لخبر رفاعة، ۳ وحسنة معاوية الآتية في الباب الآتي .
وقد ورد في بعض الأخبار فضيلة الرّواح إلى منى زوال الشمس من ذلك اليوم، ولا ينافي ذلك أفضليّة رواحه بعد الصلاتين ، رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن يقطين، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن الذي يريد أن يتقدّم فيه الذي ليس له وقت أوّل منه؟ قال : «إذا زالت الشمس ». وعن الذي يريد أن يتخلّف بمكّة عشيّة التروية إلى أيّة ساعة يسعه أن يتخلّف؟ قال : «ذلك موسّع له حتّى يصبح بمنى ». ۴
وعن أبي بصير ۵ عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «إذا أردت أن تحرم يوم التروية فاصنع كما صنعت حين أردت أن تحرم، فخذ من شاربك ومن أظفارك ومن عانتك إن كان لك شعر، وانتف ابطك واغتسل، والبس ثوبيك، ثمّ ائت المسجد الحرام، فصلِّ فيه ستّ ركعات قبل أن تحرم، وتدعو اللّه وتسأله العون، وتقول : اللّهمَّ، إنّي اُريد الحجّ فيسّره لي، وحلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدّرت عليَّ. [ وتقول: أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي من النساء والثياب والطيب، اُريد بذلك وجهك والدار الآخرة وحلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدّرت علَيّ]. ثمّ تلبّي من المسجد الحرام كما لبّيت حين أحرمت، وتقول : لبّيك بحجّة تمامها وبلاغها عليك. فإن قدرت أن يكون رواحك إلى منى زوال الشمس وإلّا فمتى ما تيسّر لك من يوم التروية ». ۶
ولا يبعد أيضا أن يراد بالزوال في هذين الخبرين ما بعد الصلاتين مسامحة .
وأمّا الإمام فالمستحبّ له أن يخرج قبل الزوال من ذلك اليوم، والأفضل له أن يصلّي الظهرين بمنى .
ويدلّ عليه بعض أخبار الباب، وما رواه الشيخ في الصحيح عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلامقال : «لا ينبغي للإمام أن يصلّي الظهر يوم التروية إلّا بمنى ويبيت بها إلى طلوع الشمس ». ۷
وفي الصحيح عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «على الإمام أن يصلّي الظهر يوم التروية بمسجد الخيف، ويصلّي الظهر يوم النفر في المسجد الحرام ». ۸
وفي الصحيح عن محمّد بن مسلم، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام : هل صلّى رسول اللّه صلى الله عليه و آله الظهر بمنى يوم التروية؟ فقال : «نعم، والغداة بمنى يوم عرفة ». ۹
وأمّا صاحب الأعذار فلا يستحبّ لهم ذلك، بل يجوز لهم التقدّم بما شاؤوا على ما صرّح به في الدروس . ۱۰
وظاهره عدم كراهة ما زاد على ثلاثة أيّام .
وظاهر الشيخ في التهذيب كراهته أو حرمته كما سيظهر عن قريب .
واحتجّوا على ذلك بما رواه أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن بعض أصحابه، قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : يتعجّل الرجل قبل التروية بيوم أو يومين من أجل الزحام وضغاط الناس ، قال : «لا بأس ». ۱۱
وحملوا على خائف الزحام صاحب الأعذار الباقية .
واعلم أنّه قال الشيخ في التهذيب :
لا يجوز الخروج إلى منى قبل الزوال من يوم التروية مع الاختيار ، ولا بأس أن يتقدّمه صاحب الأعذار والمريض والشيخ الكبير والمرأة التي تخاف ضغاط الناس بثلاثة أيّام ، فأمّا ما زاد عليه فإنّه لا يجوز على كلّ حال ، فأمّا الإمام فإنّه لا يجوز له أن يصلّي الظهر يوم التروية إلّا بمنى. ۱۲
ولعلّه قدس سره أراد بعدم الجواز في المواضع المذكورة الكراهة، وهو شائع في كلامه .
وذهب شيخنا المفيد قدس سره تارةً إلى استحباب الخروج بعد صلاة الظهرين من غير تقييد بغير الإمام ، وتارةً إلى استحباب فعل الصلاتين بمنى كذلك، حيث قال في باب الإحرام للحجّ :
فإذا كان يوم التروية فليأخذ من شاربه، ويقلّم أظفاره ويغتسل، ويلبس ثوبيه، ثمّ يأتي المسجد الحرام حافيا وعليه السكينة والوقار، وليطف اُسبوعا إن شاء، ثمّ ليصلِّ ركعتين لطوافه عند مقام إبراهيم عليه السلام ، ثمّ ليقعد حتّى تزول الشمس، فإذا زالت فليصلِّ ستّ ركعات، ثمّ ليصلِّ المكتوبة وليدعُ اللّه عزّ وجلّ، ثمّ يقول : اللّهمَّ إنّي اُريد الحجّ، ۱۳ إلى آخره .
وفي باب نزول منى:
وإذا أتى منى فليقل : الحمد للّه الذي أقدمنيها صالحا، وبلغني هذا المكان في عافية ، اللّهمَّ هذه منى - إلى قوله -: ثمّ يصلّي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر . ۱۴
قوله : (عن ابن أبي عمير عن جميل بن درّاج ) .[ ح 2 / 7729] في بعض النسخ جميل بن صالح، وهو المطابق لما في التهذيب . ۱۵

1.اُنظر: تذكرة الفقهاء، ج ۸ ، ص ۱۶۳ ۱۶۴؛ منتهى المطلب، ج ۲، ص ۷۱۵؛ مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۲۲۴.

2.الحديث الأوّل من باب الإحرام يوم التروية من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۱۲، ص ۴۰۸، ح ۱۶۶۳۹؛ وج ۱۳، ص ۵۱۹ ، ح ۱۸۳۴۸.

3.الحديث الثالث من هذا الباب.

4.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۷۵، ح ۵۸۷ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۵۲ ۲۵۳، ح ۸۸۷ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۵۲۰ ، ح ۱۸۳۴۹.

5.في الكافي: «وفي رواية أبي بصير».

6.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۶۸، ح ۵۵۹ ، وما بين الحاصرتين منه. ورواه أيضا في الاستبصار، ج ۲، ص ۲۵۱، ح ۸۸۲ إلى قوله عليه السلام : «وتسأله العون»؛ وسائل الشيعة، ج ۱۱، ص ۳۴۰، ح ۱۴۹۶۶؛ وج ۱۲، ص ۳۹۷، ح ۱۶۶۱۲، وص ۴۰۹، ح ۱۶۶۴۰.

7.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۷۶ ۱۷۷، ح ۵۹۱ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۵۳ ۲۵۴، ح ۸۹۱ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۵۲۳ ، ح ۱۸۳۵۶.

8.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۷۷، ح ۵۹۳ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۵۴، ح ۸۹۳ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۵۲۴ ، ح ۱۸۳۵۸.

9.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۷۷، ح ۵۹۴ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۵۲۴ ، ح ۱۸۳۵۹.

10.الدروس الشرعيّة، ج ۱، ص ۴۱۷.

11.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۷۶، ح ۵۹۰ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۵۳، ح ۸۹۰ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۵۲۳ ، ح ۱۸۳۵۴.

12.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۷۵، باب ۱۲ نزول منى.

13.المقنعة، ص ۴۰۷.

14.المقنعة، ص ۴۰۸.

15.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۷۷، ح ۵۹۲ ؛ ورواه أيضا في الاستبصار، ج ۲، ص ۲۵۴، ح ۸۹۲ . ورواه الصدوق في الفقيه، ج ۲، ص ۴۶۲ ۴۶۳، ح ۲۹۷۶. وفي الجميع: «جميل بن درّاج».


شرح فروع الکافي ج5
324
  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 171979
صفحه از 856
پرینت  ارسال به