319
شرح فروع الکافي ج5

باب الحجّ ماشيا وانقطاع مشي الماشي

قد اختلفت الأخبار في أنّ المشي في الحجّ أفضل أم الركوب ، فأكثر أخبار الباب تدلّ على الثاني، ويؤكّدها ما رواه الشيخ عن رفاعة، قال : سأل أبا عبداللّه عليه السلام رجل : الركوب أفضل أم المشي؟ فقال : «الركوب أفضل من المشي ؛ لأنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله ركب ». ۱
وقد روى مثله الصدوق رضى الله عنه في العلل بسند آخر عن رفاعة وعبداللّه بن بكير عنه عن أبي عبداللّه عليه السلام . ۲
ويدلّ على الأوّل ما رواه الشيخ قدس سره في الصحيح عن الحلبي، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن فضل المشي ، فقال : «الحسن بن عليّ عليهماالسلام قاسم ربّه ثلاث مرّات حتّى نعلاً ونعلاً، وثوبا، وثوبا وديناراً، وديناراً، وحجّ عشرين حجّة ماشيا على قدميه ». ۳
ويؤيّدها ما رواه عن محمّد بن إسماعيل بن رجاء الزبيديّ عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «ما عبد اللّه بشيءٍ أفضل من المشي ». ۴
وفي الصحيح عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «ما عُبد اللّه بشيء أشدّ من المشي و لاأفضل». ۵
والمشهور بين الأصحاب التفصيل، ففصّلوا تارةً بالضعف وعدمه، فقالوا : المشي أفضل إلّا مع الضعف عن العبادة فالركوب أفضل . ۶ ويشعر به صحيحة سيف التمّار . ۷
وتارةً بالشحّ والتخشّع ، ويستفاد ذلك من موثّق ابن بكير ۸
وخبر أبي بصير ، ۹ ويؤيّدهما ما رواه الصدوق رضى الله عنه في العلل عن المفضّل بن يحيى، عن سليمان، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : إنّا نريد أن نخرج إلى مكّة مشاة ، فقال : «لا تمشوا، اخرجوا ركبانا »، فقلنا : أصلحك اللّه إنّا بلغنا عن الحسن بن عليّ عليهماالسلامأنّه حجّ عشرين حجّة ماشيا ، فقال : «إنّ الحسن بن عليّ عليهماالسلامكان يحجّ وتساق معه الرحال ». ۱۰
وقال الشيخ قدس سره في التهذيب :
يحتمل أيضا أن يكون إنّما فضّل الركوب على المشي إذا علم أنّه يلحق مكّة إذا ركب قبل المشاة فيعبد اللّه ويستكثر من الصلاة إلى أن يقدم المشّاءون ، فقد روى هذا المعنى أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ، عن هشام بن سالم، قال : دخلنا على أبي عبداللّه عليه السلام أنا وعنبسة بن مصعب وبضعة عشر رجلاً من أصحابنا، فقلت : جعلني اللّه فداك، أيّهما أفضل: المشي أو الركوب؟ فقال : «ما عُبد اللّه بشيء أفضل من المشي »، فقلنا : أيّما أفضل: نركب إلى مكّة فنعجّل فنقيم بها إلى أن يقدم الماشي، أو نمشي؟ فقال : «الركوب أفضل ». ۱۱
وقال جدّي قدس سره في شرح الفقيه : ۱۲
يمكن أن يحمل أخبار المشي على المشي من مكّة لأفعال الحجّ، كما يظهر من صحيحة رفاعة، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن مشي الحسن عليه السلام من مكّة أو المدينة؟ قال : «من مكّة ». ۱۳
ثمّ إنّهم اختلفوا في أنّ غاية المشي في الحجّ هل هي رمي الجمار في آخر أيّام التشريق أو طواف النساء؟ رجّح الأوّل الشهيد الثاني في شرح اللمعة. ۱۴
ويدلّ عليه خبر عليّ بن أبي حمزة. ۱۵
ويؤيّده أنّ المشي وصف في الحجّ المركّب من الأفعال الواجبة، فلا يتمّ إلّا بآخرها .
وقد اشتهر بين الأصحاب الثاني، وهو الذي قطع به الشهيد قدس سرهفي الدروس، ۱۶ وظاهر صحيحة إسماعيل بن همّام ۱۷ أنّها رمي جمرة العقبة يوم النحر . ولم أجد قائلاً به، وحمل بعض الأصحاب الجمرة فيها على جميع الجمار، ۱۸ وزيارة البيت على طواف الوداع، وهو بعيد ، وتظهر فائدة الخلاف في نذر المشي فيه .

1.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۲، ح ۳۱؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۱۴۲، ح ۴۶۳؛ وسائل الشيعة، ج ۱۱، ص ۸۱ ، ح ۱۴۲۹۵ و ۱۴۲۹۶.

2.علل الشرائع، ص ۴۴۶، باب ۱۹۸، ح ۱ و ۲.

3.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۱ ۱۲، ح ۲۹؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۱۴۱ ۱۴۲، ح ۴۶۱؛ وسائل الشيعة، ج ۹، ص ۴۸۰، ح ۱۲۵۳؛ و ج ۱۱، ص ۷۸ ۷۹، ح ۱۴۲۸۶.

4.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۲، ح ۳۰؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۱۴۲، ح ۴۶۲؛ وسائل الشيعة، ج ۱۱، ص ۷۹، ح ۱۴۲۸۷.

5.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۱، ح ۲۸؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۱۴۱، ح ۴۶۰؛ وسائل الشيعة، ج ۱۱، ص ۷۸، ح ۱۴۲۸۲.

6.اللمعة الدمشقيّة، ص ۵۴ ؛ شرح اللمعة، ج ۲، ص ۱۷۰؛ مسالك الأفهام، ج ۱۱، ص ۳۲۰.

7.الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.

8.الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.

9.الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي.

10.علل الشرائع، ص ۴۴۷، باب ۱۹۸، ح ۶ .

11.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۳، ح ۳۴. ومثله في الاستبصار، ج ۲، ص ۱۴۳، ح ۴۶۶؛ وسائل الشيعة، ج ۱۱، ص ۷۸، ح ۱۴۲۸۵.

12.كذا بالأصل، ولم أعثر على هذا الكلام في شرح الفقيه. وانظر التعليق التالي.

13.هذا الكلام في ملاذ الأخيار، ج ۷، ص ۲۰۰، ونحوه في مرآة العقول، ج ۱۸، ص ۱۰۹، والحديث رواه الكليني في الكافي، باب الحجّ ماشيا، ح ۵ .

14.شرح اللمعة، ج ۲، ص ۱۸۱.

15.هو الحديث السادس من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۱۱، ص ۹۰، ح ۱۴۳۲۱.

16.الدروس الشرعيّة، ج ۱، ص ۳۱۹، الدرس ۸۳ .

17.هي الحديث السابع من هذا الباب؛ وسائل الشيعة، ج ۱۱، ص ۹۰، ح ۱۴۳۲۰.

18.مسالك الأفهام، ج ۱۱، ص ۳۲۲.


شرح فروع الکافي ج5
318

باب علاج الحائض

تدلّ أخبار الباب وبعض ما يأتي في الباب الذي بعده [ على ]استحباب استعلاج الحائض والدّعاء لانقطاع دمها إذا خافت فوات الحجّ لو صبرت إلى انقضاء الحيض على عادتها ، وكذا إذا خافت فوات زيارة النبيّ صلى الله عليه و آله بالمسجد ، وصرّح به العلماء الأخيار رضي اللّه عنهم .

باب الإحرام يوم التروية

يعني أنّ المستحبّ الإحرام للحجّ يوم التروية، ويجوز تقديمه في أشهر الحجّ، وإنّما حملناه على الاستحباب لما قد سبق من قوله عليه السلام : «وأمّا نحن فنحرم للحجّ أوّل ذي الحجّة ». ۱
وفي المنتهى : «ولا خلاف في أنّه لو أحرم المتمتّع والمكّي قبل ذلك في أيّام الحجّ فإنّه يجزيه ». ۲
وحكى فيه عن العامّة أنّ لهم في وقت الإحرام بالحجّ للمكّي قولين : يوم التروية، وهلال ذي الحجّة، وكأنّهم قالوا بذينك القولين في وقت استحبابه لا الوجوب ، فقد نسب طاب ثراه استحبابه يوم التروية إلى أكثرهم ، ۳ وعن بعضهم: أنّه يستحبّ للمكّي أن يحرم للحجّ من أوّل ذي الحجّة؛ ۴ ليدخل عليه شعث الحاجّ كما يدخل على غيره .
قوله في حسنة الحلبيّ : (وقد أزمع بالحجّ ) . [ ح 3 / 7709] الظاهر أنّ الباء في قوله بالحجّ بمعنى على أو لتأكيد التعدية، فإنّ أزمع إنّما يتعدّى بنفسه أو بعلى ، ففي القاموس : «أزمعت الأمر وعليه: أجمعته ». ۵ وحكى الجوهريّ عن الفرّاء أنّه قال : «أزمعته وأزمعت عليه بمعنى مثل أجمعته وأجمعت عليه ». ۶
قوله في خبر زرارة : (قال إذا جعلت شعب دُبّ عن۷يمينك والعقبة عن يسارك فلبِّ ) .] ح 6 / 7712] ظاهره التلبية العاقدة للإحرام ، وحمل في المشهور على الجهر بها، والشِعب: الطريق في الجبل. ۸ والدرب: الزقاق . ۹
وفي النهاية : «وقيل: هو بفتح الراء للنافذ منه، وبالسكون لغير النافذ ». ۱۰

1.لم أعثر عليه بهذه العبارة، نعم تقدّم بلفظ: «أمّا نحن فإذا رأينا هلال ذي الحجّة قبل أن نحرم فاتتنا المتعة». وسائل الشيعة، ج ۱۱، ص ۲۹۹، ح ۱۴۸۵۸.

2.منتهى المطلب، ج ۲، ص ۷۱۴.

3.اُنظر: المجموع للنووي، ج ۷، ص ۱۸۱؛ بدائع الصنائع، ج ۲، ص ۱۵۰؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج ۳، ص ۴۲۱؛ المغني لعبد اللّه بن قدامة، ج ۳، ص ۴۲۱.

4.المجموع للنووي، ج ۷، ص ۱۸۱؛ شرح صحيح مسلم، ج ۸ ، ص ۹۶ و ۱۶۲.

5.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۳۵ (زمع).

6.صحاح اللغة، ج ۳، ص ۱۲۲۶ (زمع).

7.في الكافي المطبوع: «على».

8.صحاح اللغة، ج ۱، ص ۱۵۶ (شعب).

9.لم أعثر على هذا المعنى.

10.النهاية، ج ۲، ص ۱۱۱ (درب).

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 171981
صفحه از 856
پرینت  ارسال به