باب من قطع السعي للصلاة أو غيرها والسعي بغير وضوء
أطلق أكثر الأصحاب منهم الشيخ في التهذيب ۱ والمبسوط ۲ جواز قطع السعي للصلاة وقضاء حاجة له ولأخيه والبناء على ما مضى من غير تقييد بأربعة أشواط.
ويدلّ عليه الأصل، وحسنة معاوية بن عمّار، ۳ وصحيحة يحيى بن عبد الرحمن الأزرق، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يدخل في السعي بين الصفا والمروة فيسعى ثلاثة أشواط أو أربعة، ثمّ يلقاه صديق ۴ له فيدعوه إلى الحاجة أو إلى الطعام ، فقال : «إن أجابه فلا بأس ». ۵
وموثّقة الحسن بن عليّ بن فضّال، قال : سأل محمّد بن عليّ أبا الحسن عليه السلام فقال له : سعيت شوطا واحداً ثمّ طلع الفجر ؟ فقال : «صلِّ ثمّ عد فأتمّ سعيك ». ۶
ويؤيّدها إطلاق الأخبار التي دلّت على البناء على ما فعل من السعي بعد إكمال الطواف فيما لو ذكر نقصان الطواف في أثناء السعي، وقد مضت .
وربّما ادّعي الإجماع على عدم وجوب الموالاة فيه، ومقتضاه جواز القطع والبناء اختياراً من غير عذر ، ولم أجد تصريحا منهم بذلك .
وخالف في ذلك المفيد قدس سرهواعتبر في البناء فيه أيضا تواصل أربعة أشواط كالطواف ، فقال في المقنعة : «وحكم السعي في النصف وأقلّ منه وأكثر حكم الطواف سواء ». ۷ وقد عرفت أنّه اعتبر ذلك في الطواف .
وحكاه في المختلف ۸ عن أبي الصلاح ۹ وسلّار ۱۰ أيضا، وقال : «واحتجّوا بأنّه نوع طواف، وهو قياس مع الفارق ؛ إذ للطواف من الحرمة ما ليس للسعي ».
وأمّا الطهارة فالمشهور بيننا وبين العامّة استحبابها فيه.
ويدلّ عليه خبر الأزرق، ۱۱ وصحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «لا بأس أن تقضي المناسك كلّها على غير وضوء، إلّا الطواف فإنّ فيه صلاة، والوضوء أفضل ». ۱۲
وصحيحة رفاعة بن موسى، قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : أشهد شيئا من المناسك وأنا على غير وضوء؟ قال : «نعم، إلّا الطواف بالبيت فإنّ فيه صلاة ». ۱۳
وخبر زيد الشحّام، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن الرجل يسعى بين الصفا والمروة على غير وضوء، فقال : «لا بأس ». ۱۴
ورواية عجلان أبي صالح أنّه سمع أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «إذا اعتمرت المرأة ثمّ اعتلّت قبل أن تطوف قدّمت السعي وشهدت المناسك، فإذا طهرت وانصرفت من الحجّ قضت طواف العمرة وطواف الحجّ وطواف النساء، ثمّ أحلّت من كلّ شيء ». ۱۵
وبمضمون هذا الخبر قد وردت أخبار اُخرى تجيء في محلّها في باب إحرام الحائض والمستحاضة إن شاء اللّه تعالى .
وحكي عن ابن أبي عقيل، ۱۶ وجوبها فيه واشتراطه بها محتجّا بموثّق ابن فضّال ۱۷ وبصحيح الحلبيّ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن امرأة تطوف بين الصفا والمروة وهي حائض؟ قال : «لا ، إنّ اللّه تعالى يقول : «إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللّه ِ»۱۸ »، ۱۹ وهو إحدى الروايتين عن أحمد، ۲۰ وعن الحسن أنّه كان يقول : «إن ذكر قبل أن يحلّ فليعد الطواف بين الصفا والمروة، وإن ذكر بعدما أحلّ فلا شيء عليه ». ۲۱
1.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۵۶، بعد الحديث ۵۱۹ .
2.المبسوط، ج ۱، ص ۳۶۲.
3.هي الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي.
4.كذا بالأصل، وفي المصادر: «الصديق».
5.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۵۷، ح ۵۲۰ ، وص ۴۷۲ ۴۷۳، ح ۱۶۶۲؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۵۰۰ ، ح ۱۸۳۰۴.
6.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۵۶، ح ۵۱۸ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۹۹ ۵۰۰ ، ح ۱۸۳۰۲.
7.المقنعة، ص ۴۴۱.
8.مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۲۱۶.
9.الكافي في الفقه، ص ۱۹۶.
10.المراسم العلويّة، ص ۱۲۴.
11.هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي.
12.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۵۴، ح ۵۰۹ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۴۱، ح ۸۴۱ ؛ ورواه الصدوق في الفقيه، ج ۲، ص ۳۹۹ ۴۰۰، ح ۲۸۱۰؛ وسائل الشيعة، ج ۱، ص ۳۷۴، ح ۹۸۶؛ و ج۱۳، ص ۳۷۴، ح ۱۷۹۹۲، و ص ۴۹۳، ح ۱۸۲۸۵.
13.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۵۴ ۱۵۵، ح ۵۱۰ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۴۱، ح ۸۳۸ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۹۳ ۴۹۴، ح ۱۸۲۸۶.
14.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۵۴، ح ۵۰۷ ؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۴۱، ح ۸۳۷ ؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۹۴، ح ۱۸۲۸۸.
15.الكافي، باب ما يجب على الحائض في أداء المناسك، ح ۶ ؛ تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۳۹۴، ح ۱۳۷۴؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۳۱۴، ح ۱۱۱۵؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۴۹، ح ۱۸۱۸۸.
16.حكاه عنه العلّامة في مختلف الشيعة، ج ۴، ص ۲۱۱.
17.الحديث الثالث من هذا الباب من الكافي. ورواه الشيخ في تهذيب الأحكام، ج ۵، ص ۱۵۴، ح ۵۰۸؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۵۹، ح ۱۸۲۹۱.
18.البقرة (۲): ۱۵۸.
19.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۳۹۴، ح ۱۳۷۳؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۳۱۴، ح ۱۱۱۴؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۵۷ ۴۵۸، ح ۱۸۲۰۶، و ص ۴۹۴، ح ۱۸۲۸۷.
20.منتهى المطلب، ج ۲، ص ۷۰۳، وفي ط الحديثة، ج ۱۰، ص ۳۹۷؛ المغني، ج ۳، ص ۴۱۳.
21.المجموع للنووي، ج ۸ ، ص ۷۹؛ عمدة القاري، ج ۹، ص ۱۸۴.