249
شرح فروع الکافي ج5

شرح فروع الکافي ج5
248

باب من بدأ بالسّعي قبل الطواف أو طاف وأخّر السعي

فيه مسألتان :

الاُولى : يجب الترتيب بين طواف الزيارة والسعي تقديما للطواف، وهو ممّا أجمع عليه الأصحاب، ولا مخالف له من العامّة أيضا وإن اختلفوا في صحّة النكس وعدمها في الجملة على ما ستعرف .
ويدلّ على ذلك موثّق إسحاق بن عمّار ۱ وخبر منصور بن حازم . ۲ ويؤيّدهما ما رواه العامّة عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه سعى بعد طوافه ۳ وقال : «خذوا عنّي مناسككم ». ۴
والأخبار الواردة في مناسك الحجّ والعمرة حيث ذكر فيها الطواف أوّلاً ثمّ السعي ، وفي بعضها عطف السعي على الطواف بلفظة «ثمّ» الدالّة صريحا على التعقيب ، فلو نكس أعاد السعي مطلقا إجماعا من الأصحاب، وفاقا لمالك والشافعيّ وأحمد في إحدى الروايتين، على ما حكاه عنهم في المنتهى، ۵ وهو المستفاد من بعض ما أشرنا إليه من الأخبار .
وعن أحمد في رواية اُخرى عدم وجوب إعادته مع النسيان . ۶
وظاهر بعض الأخبار الإجزاء فيما إذا قدّم السعي وذكر ذلك بعد خروج ذي الحجّة ، رواه منصور بن حازم في الصحيح، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجل بدأ بالسعي بين الصفا والمروة، قال : «يرجع فيطوف بالبيت، ثمّ يستأنف السعي »، قلت : إنّ ذلك قد فاته؟ قال : «عليه دم ، ألا ترى أنّك إذا غسلت شمالك قبل يمينك كان عليك أن تعيد على شمالك ». ۷
ولم أجد تصريحا بذلك في كلام الأصحاب نفيا وإثباتا، ولو ذكر نقصانا من الطواف في أثناء السعي يقطعه ويعود، فيتمّ طوافه أو يستأنفه على ما مضى .
وأمّا السعي فالبناء على ما فعله من أشواطه أو استئنافه مبني على البناء والاستئناف في الطواف، فمتى يبني على الطواف يبني عليه أيضا وإن كان شوطا واحداً على ما هو المشهور من عدم اعتبار تواصل أربعة أشواط في البناء عليه .
وأمّا على معتقد المفيد ۸ وأبو الصلاح ۹ وسلّار ۱۰ من اشتراط البناء فيه أيضا على التواصل المذكور فيستأنفه مع عدمه، وكما وجب تقديم الطواف وجب تقديم ركعتيه أيضا إجماعا.
ويقتضي ذلك وجوب إعادة السعي لو سعى قبلهما مطلقا، لكن الأخبار التي تأتي في باب السهو في ركعتي الطواف تدلّ على إجزاء السعي لو ذكر بعده أنّه لم يصلّهما، وإنّما عليه أداء الصلاة ، والظاهر وفاق الأصحاب على ذلك .
واختلف الأخبار والأقوال فيما لو ذكرهما في أثنائه، فالمشهور وجوب العود إلى المسجد لهما، ثمّ إلى المسعى لإتمام السعي من حيث قطع .
ويدلّ عليه صحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام قال : سألته عن رجل يطوف بالبيت، ثمّ ينسى أن يصلّي الركعتين حتّى يسعى بين الصفا والمروة خمسة أشواط أو أقلّ من ذلك ، قال : «ينصرف حتّى يصلّي الركعتين، ثمّ يأتي مكانه الذي كان فيه ويتمّ سعيه ». ۱۱
وصحيحة معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال في رجل طاف طواف الفريضة ونسي الركعتين حتّى طاف بين الصفا والمروة ثمّ ذكر ، قال : «يعلم ذلك المكان، ثمّ يعود فيصلّي الركعتين، ثمّ يعود فيصلّي الركعتين، ثمّ يعود إلى مكانه ». ۱۲
وقال الصدوق رضى الله عنه في الفقيه بعد أن أورد صحيحة معاوية وقد رخّص له أن يتمّ سعيه، ثمّ يرجع فيركع خلف المقام ، روى ذلك محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام ، فبأيّ الخبرين أخذ جاز . ۱۳
الثانية : قال الشيخ في المبسوط : «من طاف بالبيت جاز له أن يؤخّر السعي إلى بعد ساعة، ولا يجوز أن يؤخّر ذلك إلى غد يومه ». ۱۴ وبه قال ابن إدريس ۱۵ والمحقّق فى¨ النافع . ۱۶
واحتجّ عليه في التهذيب بصحيحة عبداللّه بن سنان، وقد رواها بزيادة في آخرها، وهي قوله : قال : «وربّما رأيته يؤخّر السعي إلى الليل ». ۱۷
وبمضمر العلاء بن زرين . ۱۸
ويدلّ عليه أيضا صحيحة رفاعة، ۱۹ وما رواه الصدوق في الصحيح عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام قال : سألته عن رجل طاف بالبيت فأعيا، أيؤخّر الطواف بين الصفا والمروة إلى غد؟ قال : «لا ». ۲۰
وذهب المحقّق في الشرائع ۲۱ إلى جواز تأخيره إلى الغد، وكأنّه قال به مع الكراهة كما نسبها جدّي قدس سرهفي شرح الفقيه ۲۲ إلى بعض الأصحاب؛ حملاً للنهي في صحيحة عبداللّه بن سنان على الكراهة؛ عملاً بإطلاق صحيحة محمّد بن مسلم، قال : سألت أحدهما عليهماالسلامعن رجل طاف بالبيت فأعيا، أيؤخّر الطواف بين الصفا والمروة؟ فقال : «نعم ». ۲۳
وخّص على المشهور بما قبل الغد؛ للجمع بينها وبين ما سبق .
وعلى أيّ حال فالظاهر صحّة الحجّ ، وصرّح بذلك بعضهم ، ففائدة الخلاف إنّما ترجع إلى الإثم وعدمه .

1.هو الحديث الأوّل من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۱۳ ۴۱۴، ح ۱۸۰۹۵ .

2.هو الحديث الثاني من هذا الباب من الكافي؛ وعنه الشيخ في تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۲۹، ح ۴۲۶؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۱۳، ح ۱۸۰۹۴ .

3.تذكرة الفقهاء، ج ۸ ، ص ۱۴۲، وانظر: سنن ابن ماجة، ج ۲، ص ۱۰۲۳، ح ۳۰۷۴؛ صحيح مسلم، ج ۴، ص ۴۰؛ سنن أبي داود، ج ۱، ص ۴۲۵، ح ۱۹۰۵؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج ۵ ، ص ۷.

4.السنن الكبرى للبيهقي، ج ۵ ، ص ۱۲۵. و ورد بدون الفظة «عنّي»: مسند أحمد، ج ۳، ص ۳۱۸؛ سنن النسائي، ج ۵ ، ص ۲۷۰؛ والسنن الكبرى له أيضا، ج ۲، ص ۴۲۵، ح ۴۰۱۶؛ مسند أبي يعلى، ج ۴، ص ۱۱۱، ح ۲۱۴۷؛ صحيح ابن خزيمة، ج ۴، ص ۲۷۷ ۲۷۸.

5.منتهى المطلب، ج ۲، ص ۷۰۸.

6.اُنظر: المغني لابن قدامة، ج ۳، ص ۴۰۸ ۴۰۹؛ الشرح الكبير، ج ۳، ص ۴۰۸ ۴۰۹.

7.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۲۹ ۱۳۰، ح ۴۲۷؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۱۳، ح ۱۸۰۹۳ .

8.المقنعة، ص ۴۴۱.

9.الكافي في الفقه، ص ۱۹۶.

10.المراسم العلويّة، ص ۱۲۴.

11.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۴۳، ح ۴۷۴؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۳۸، ح ۱۸۱۶۰ .

12.الفقيه، ج ۲، ص ۴۰۷، ح ۲۸۳۱؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۳۸، ح ۱۸۱۵۸ .

13.نفس المصدر.

14.المبسوط للطوسي، ج ۱، ص ۳۵۹. ومثله في النهاية، ص ۲۴۰.

15.السرائر، ج ۱، ص ۵۷۴ .

16.المختصر النافع، ص ۹۵.

17.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۲۸ ۱۲۹، ح ۴۲۳. و رواه أيضا في الاستبصار، ج ۲، ص ۲۲۹، ح ۷۹۰؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۱۰، ح ۱۸۰۸۸ .

18.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۲۹، ح ۴۲۵؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۲۹، ح ۷۹۲؛ وهذا هو الحديث الخامس من هذا الباب من الكافي؛ ورواه الصدوق في الفقيه، ج ۲، ص ۴۰۵، ح ۲۸۲۷؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۱۱، ح ۱۸۰۹۰ .

19.هي الحديث الرابع من هذا الباب من الكافي؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۱۲، ح ۱۸۰۹۲.

20.الفقيه، ج ۲، ص ۴۰۵، ح ۲۸۲۷؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۱۱، ح ۱۸۰۸۹.

21.شرائع الإسلام، ج ۱، ص ۲۰۲.

22.روضة المتّقين، ج ۴، ص ۵۶۶ .

23.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۱۲۹، ح ۴۲۴؛ الاستبصار، ج ۲، ص ۲۲۹، ح ۷۹۱؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۱۱، ح ۱۸۰۸۹ .

  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 171977
صفحه از 856
پرینت  ارسال به