185
شرح فروع الکافي ج5

باب القوم يجتمعون على الصيد وهم محرمون

قال شيخنا المفيد قدس سره : «لو اجتمع جماعة محرمون على صيد فقتلوه لوجب على كلّ واحدٍ منهم فداء »، ۱ وبه صرّح الشيخ في الخلاف ۲ والمبسوط، ۳ وابن إدريس ۴ والشهيد ۵ وغيرهم ، ۶ وفي حكمه الاجتماع على أكله .
ويدلّ عليه زائداً على ما رواه المصنّف ما رواه الشيخ في الصحيح عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهماالسلامعن قوم اشتروا ظبيا فأكلوا منه جميعا وهم حرم، ما عليهم؟ قال : «على كلّ من أكل منهم فداء صيد، كلّ إنسان منهم على حدته فداء صيد كاملاً ». ۷
وعن أبان بن تغلب، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن قوم محرمين أصابوا فراخ نعام فذبحوها وأكلوها، فقال : «عليهم مكان كلّ فرخ أصابوه وأكلوه بدنة، يشتركون فيهنّ، فيشترون على عدد الفراخ وعدد الرجال »، ۸ الخبر ، وقد سبق .
ويؤيّدها بعض ما نرويه عن قريب .
واحتجّ عليه في الخلاف ۹ بالإجماع وبالاحتياط، وظاهر بعض الأخبار وأكثر الفتاوى تأثير فعل المحرمين جميعا في قتل الصيد، فعلى هذا لم يكن على المخطيّ شيء، وبه صرّح ابن إدريس، حيث قال :
وإذا رمى اثنان صيداً فأصاب أحدهما وأخطأ الآخر كان على كلّ واحدٍ منهما الفداء، على ما روي في بعض الأخبار ، والذي يقتضيه اُصول المذهب أنّ الذي لم يصب ولم يقتل لا كفّارة عليه ، إلّا أن يكون دلّ القاتل، ثمّ رمى معه فأخطأ، فتكون الكفّارة للدلالة لا لرميه ، فأمّا إذا لم يدلّ فلا كفّارة عليه بحال . ۱۰
وذهب جماعة منهم الشيخ ۱۱ والشهيد ۱۲ إلى عدم اشتراط تأثير فعله، وأوجبوا على المخطئ أيضا فداء .
واحتجّ عليه في التهذيب بصحيحة ضريس بن أعين، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجلين محرمين رميا صيداً، فأصابه أحدهما ، قال : «على كلّ واحدٍ منهما الفداء ». ۱۳
وخبر إدريس بن عبداللّه ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجلين محرمين يرميان صيداً، فأصابه أحدهما ، الجزاء بينهما أو على كلّ واحدٍ منهما؟ قال : «عليهما جميعا، يفدي كلّ واحدٍ منهما على حدته ». ۱۴
وحكى في المنتهى عن الشافعيّ وجوب جزاء واحد على الكلّ محتجّا بقوله تعالى : «فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ» ، ۱۵ قائلاً: إنّ المقتول لمّا كان واحدا وجب أن يكون المثل أيضا واحدا . ۱۶
وأجاب عنه : بأنّ كلّ واحد منهم قاتل فيجب عليه المثل . وحكى القولين عن أحمد، وقولاً ثالثا أيضا بالفصل بين الهدي وبدله، فقال : إن صاموا صاموا تامّا، وإن كان غير صوم فجزاء واحد، وإن كان أحدهما يهدي والآخر يصوم فعلى المهدي بحصّته، وعلى الآخر صوما تامّ ؛ محتجّا بأنّ الجزاء ليس بكفّارة وإنّما هو بدل ، بدليل أنّه تعالى عطف عليه الكفّاره، فقال تعالى : «فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ» إلى قوله ـ: «أَوْ كَفَّارَةٌطَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاما» ، ۱۷ فالصوم كفّارة، فتكمل ككفّارة قتل الآدمي . ۱۸
وأجاب عنه : بأنّه متى ثبت اتّحاد الجزاء في الهدي وجب اتّحاده في الصيام، وإن ثبت التعدّد في الهدي ثبت في الصيام؛ لقوله تعالى : «أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاما» ، وبأنّ الإجماع واقع على أنّ المعدول القيمة ، أمّا قيمة المتلف وقيمة مثله والمثل عنده واحد ، فإيجاب الزائد في الصوم لا معنى له . ۱۹
هذا ، واختلف الأصحاب في مقامين خارجين عن النصوص المذكورة ، أحدهما :اشتراك المحرم و المحلّ في صيد الحرم، فالمشهور بين الأصحاب منهم الشيخ في المبسوط ۲۰ وابن إدريس، ۲۱ والعلّامة في المنتهى ۲۲ انسحاب الحكم فيه أيضا؛ للاشتراك في العلّه؛ لصدق القاتل على كلّ منهما، فيجب على المحرم الجزاء و القيمة معا، وعلى المحلّ القيمة فقط على ما هو المقرّر ، وقد صرّحوا بذلك أيضا .
وخالفه الشيخ في التهذيب حيث أوجب على المحلّ نصف الفداء وعلى المحرم فداءً كاملاً، محتجّا بما رواه إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبداللّه ، عن أبيه عليهماالسلامقال : «كان عليّ عليه السلام يقول في محرم ومحلّ قتلا صيداً، فقال : على المحرم الفداء كاملاً، وعلى المحلّ نصف الفداء ». ۲۳
وثانيهما : اشتراك المحلّين في صيد الحرم، فقد ذهب إلى انسحاب الحكم فيه أيضا جماعة منهم الشهيد في الدروس ، ۲۴ وتردّد فيه المحقّق في الشرائع. ۲۵
وفي المسالك:
ينشأ التردّد من أنّ المقتول واحد، فيجب له فداء واحد على الجميع، وأصالة البراءة من الزائد، خرج منهما قتل الجماعة المحرمين، يبقيان معمولاً بهما فيما عداه، ومن اشتراك المحلّين والمحرمين في العلّة، وهي الإقدام على قتل الصيد، خصوصا إذا كان فعل كلّ واحد متلفا، وهذا هو الأقوى؛ إذ كما يحرم على المحلّ قتل الصيد في الحرم يحرم عليه أسبابه من الدلالة والإعانة وغيرهما . ۲۶ انتهى .
هذا كلّه في صورة المباشرة للقتل ، وأمّا إذا تسبّبوا له فقد صرّح الأكثر فيها بالفصل بين القاصد للصيد وغيره ، منهم الشيخ في المبسوط، قال : «إذا أوقد جماعة ناراً فوقع فيها طائر، فإن قصدوا ذلك لزم كلّ واحدٍ منهم فداء كامل ، وإن لم يقصدوا ذلك فعليهم كلّهم فداء واحد ». ۲۷
ومثله في المقنعة ۲۸ والسرائر ۲۹ وما رأينا من كتب الأصحاب، ولم أرَ مخالفا له .
ويدلّ عليه صحيحة أبي ولّاد .
وفرّع عليه في الدروس بقوله :
ولو قصد بعضهم تعدّد على من قصد، وعلى الباقين فداء واحد ولو كان غير القاصدين واحداً على إشكال ينشأ من مساواته القاصد. ويحتمل مع اختلافهم في القصد أن يجب على من لم يقصد ما كان يلزمه مع قصد الجميع، فلو كان اثنين مختلفين فعلى القاصد شاة وعلى الآخر نصفها لو كان الواقع كالحمامة. ولا إشكال في وجوب الشاة على الموقد الواحد قَصد أو لا . ۳۰
وفي المدارك :
وألحق جمع من الأصحاب بذلك المحلّ في الحرم بالنسبة إلى لزوم القيمة، وصرّحوا باجتماع الأمرين على المحرم في الحرم، وهو جيّد مع القصد بذلك إلى الاصطياد ، وأمّا بدونه فمشكل؛ لانتفاء النصّ . ۳۱
قوله : (عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي بصير ) .] ح 4 / 7443] روى الشيخ هذا الخبر في الموثّق عن عبداللّه بن مسكان عن أبي بصير، وزاد قوله : «فاشتركوا فيه»، بعد قوله : «اشتروا صيداً ». ۳۲

1.المقنعة، ص ۴۳۶.

2.الخلاف، ج ۲، ص ۴۱۰، المسألة ۲۸۵.

3.المبسوط للطوسي، ج ۱، ص ۳۴۱. ومثله في النهاية، ص ۲۲۵.

4.السرائر، ج ۱، ص ۵۶۰ .

5.اللمعة الدمشقيّة، ص ۶۸.

6.اُنظر: شرح اللمعة، ج ۲، ص ۳۴۹؛ شرائع الإسلام، ج ۱، ص ۲۲۲؛ تذكرة الفقهاء، ج ۷، ص ۲۶۵؛ منتهى المطلب، ج ۲، ص ۸۲۹ ؛ مدارك الأحكام، ج ۸ ، ص ۳۷۸ .

7.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۳۵۱، ح ۱۲۲۱؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۴، ح ۱۷۱۹۷ .

8.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۳۵۳، ح ۱۲۲۷؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۱۲، ح ۱۷۱۱۳، و ص ۴۵، ح ۱۷۱۱۹ .

9.الخلاف، ج ۲، ص ۴۱۱.

10.السرائر، ج ۱، ص ۵۶۰ ۵۶۱ .

11.المبسوط، ج ۱، ص ۳۴۱؛ النهاية، ص ۲۲۵.

12.الدروس الشرعيّة، ج ۱، ص ۳۶۰، الدرس ۹۵.

13.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۳۵۲، ح ۱۲۲۳؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۹، ح ۱۷۲۰۵ .

14.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۳۵۱ ۳۵۲، ح ۱۲۲۲؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۹، ح ۱۷۲۰۶ .

15.المائدة (۵): ۹۵.

16.فتح العزيز، ج ۷، ص ۵۰۸ ؛ المجموع للنووي، ج ۷، ص ۴۳۹؛ بدائع الصنائع، ج ۲، ص ۲۰۲؛ المغني لابن قدامة، ج ۳، ص ۵۴۶ ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج ۳، ص ۳۵۷.

17.المائدة (۵): ۹۵.

18.المغني لابن قدامة، ج ۳، ص ۵۴۶ ۵۴۷ ؛ الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة، ج ۳، ص ۳۵۷.

19.منتهى المطلب، ج ۲، ص ۸۲۹ .

20.المبسوط، ج ۱، ص ۳۴۶.

21.السرائر، ج ۱، ص ۵۶۶ .

22.منتهى المطلب، ج ۲، ص ۸۰۰ .

23.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۳۵۲، ح ۱۲۲۴؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۹ ۵۰ ، ح ۱۷۲۰۷ .

24.الدروس الشرعيّة، ج ۱، ص ۴۹۲، الدرس ۹۵.

25.شرائع الإسلام، ج ۱، ص ۲۲۲.

26.مسالك الأفهام، ج ۲، ص ۴۵۹.

27.المبسوط للطوسي، ج ۱، ص ۳۴۲. ومثله في النهاية، ص ۲۲۵.

28.لم أعثر عليه في المقنعة.

29.السرائر، ج ۱، ص ۵۶۱ .

30.الدروس الشرعيّة، ج ۱، ص ۳۶۰، الدرس ۹۵.

31.مدارك الأحكام، ج ۸ ، ص ۳۷۱.

32.تهذيب الأحكام، ج ۵ ، ص ۳۵۱، ح ۱۲۲۰؛ وسائل الشيعة، ج ۱۳، ص ۴۵ ۴۶، ح ۱۷۲۰۰ .


شرح فروع الکافي ج5
184
  • نام منبع :
    شرح فروع الکافي ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقيق : المحمودی، محمد جواد ؛ الدرایتی محمد حسین
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 172073
صفحه از 856
پرینت  ارسال به