465
الشّافي في شرح أصول الكافي 2

الأوّل: (مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ: إِنَّ اللّهَ خَلَقَ السَّعَادَةَ وَالشَّقَاءَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقَهُ)۱ أي قبل خلق شيء من الأبدان، ويحتمل أن يُراد قبل نفخ الروح في بطن الاُمّ، والمراد أصل السعادة والشقاء بدون شدّة، فإنّ الشديد منهما إنّما يحدث بتكرّر العصيان بعد التكليف في الأبدان، فليسا مساوقين للأفعال الحسنة والقبيحة في الأبدان. ولعلّ ذلك بعد خلق الأرواح وتكليفهم يوم الميثاق وإطاعة بعضهم ومعصية آخرين مع تسوية اللطف فيه بين السعيد والشقيّ.
ويجيء في «كتاب الإيمان والكفر» في ذيل «باب طينة المؤمن والكافر» في أوّل «بابٌ آخر منه، وفيه زيادة وقوع التكليف الأوّل» قوله: «فثمّ ثبتت الطاعة والمعصية». ۲
ويمكن أن يُقال: خلق السعادة والشقاء قبل هذا حين خلق مادّة كلّ روح، فجعل بعض المادّة ماءً عذبا، وبعضها ماءً اُجاجا، وخلق بعضهم من علّيّين، وبعضهم من سجّين ونحو ذلك، كما يجيء في الباب المذكور من قول أبي جعفر عليه السلام : «إنّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ قبل أن يخلق الخلق قال: كُن ماءً عذبا أخلق منك جنّتي وأهل طاعتي، وكُن ملحا اُجاجا أخلق منك ناري وأهل معصيتي» الحديث. ۳
ويجيء في «كتاب الإيمان والكفر» في «باب طينة المؤمن والكافر» قول أبي جعفر عليه السلام : «وقلوبهم تهوي إلينا؛ لأنّها خلقت ممّا خلقنا». ۴

1.في حاشية «أ» : «قوله : إنّ اللّه خلق السعادة والشقاوة إلى آخره ، أي قدّرهما لعباده تقديرا سابقا على الخلق، فمن خَلَقه اللّه سعيدا على وفق تقديره لم يُبغضه أبدا؛ إنّما يبغض عمله ـ إن عمل سوءاً ـ و لم يبغضه، ومَن قدّره شقيّا وخلقه شقيّا على وفق تقديره لم يحبّه أبدا، وإن عمل عملاً صالحا أحبّ عمله؛ لأنّه يحبّ الخير والصلاح، وأبغضه لشقاوته ولما يصير إليه من عدم الثبات على الإيمان، فإذا أحبّ اللّه شيئا لم يبغضه أبدا، وإذا أبغض اللّه شيئا لم يحبّه أبدا؛ فإنّ كلّ خير وصلاح محبوبه، وكلَّ شرّ وفَساد مبغوض له أبدا (ميرزا رحمه الله)» . الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۹۱ .

2.الكافي ، ج ۲ ، ص ۶ ، ح ۱ .

3.الكافي ، ج ۲ ، ص ۴ ، ح ۴ .


الشّافي في شرح أصول الكافي 2
464

الباب الثامن والعشرون : بَابُ السَّعَادَةِ وَ الشَّقَاءِ

فيه ثلاثة أحاديث.
والسعادة بفتح السين المهملة من باب نصر: الرخاء والسعة، والمراد هنا ما يفضي بصاحبه إلى حسن الخاتمة بدون جبر. والشقاء بفتح المعجمة والقصر ـ وقد يمدّ ـ من باب علم: الشدّة والعُسر، والمراد هنا ما يفضي بصاحبه إلى سوء الخاتمة بدون جبر.
وهذا الباب للردّ على مَن قال: ۱ إنّ الأمر مستأنف بمشيئة العبد، والسعادة والشقاء ليسا إلّا مساوقين لفعله الحسن وفعله القبيح في بدنه.
نقل الشهرستاني في كتاب الملل والنحل عن النظّام ۲ من المعتزلة أنّه كذّب ابن مسعود رضى الله عنه في روايته: «السعيد مَن سعد في بطن اُمّه، والشقيّ مَن شقي في بطن اُمّه». ۳
ومن الدليل على إبطال مذهب المعتزلة أنّا نعلم بديهةً أنّ فعل العصيان وتكرّره يورث مَلَكة وهيئة تبعث صاحبها على البقاء على العصيان وانتهاك حرمات اللّه ، وقد تبقى إلى آخر عمره، وليس هذه المَلكة من فعل العبد، بل هي فعلٌ فعل اللّه باختيار وهي الشقاء، لكنّها تختلف شدّةً وضعفا.

1.في «ج» : «على المعتزلة في قولهم» بدل «على من قال» .

2.النظام هو أبو اسحاق إبراهيم بن سيار البصري ابن اُخت أبي هذيل العلاف، شيخ المعتزلة ، كان في أيّام هارون الرشيد ، توفّي النظام سنة ۲۳۱ هجرية . تاريخ المعتزلة لفالح الربيعي ، ص ۹۷ .

3.الملل والنحل ، ج ۱ ، ص ۵۷ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي 2
    المساعدون :
    الدرایتي، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دار الحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 63198
الصفحه من 584
طباعه  ارسل الي