الاربعين في إثبات إمامة أمير المؤمنين (ع) - الصفحه 47

الفضل بعيد عن القبول ، معدود من السفه الذي هو من العاقل غير معقول .
فإن قلت : ربّما يظهر من كلام بعض القائلين بالتفضيل أ نّه إنّما قُدّم عليه غيره بإذنه ورضاه لمكان المصلحة ، ومن كلام بعضهم أ نّه إنّما قُدّم عليه من سواه لعلوّ شأنه عن الاشتغال بأمر الخلافة .
قال الميبدي . وهو شارح الهداية . في شرحه على ديوان الأمير عليه السلام بعد تفصيله بما محصّله : إنّه عليه السلام لم يلتفت إلى أمر الخلافة ما وَجَد له من يمكن أن يقوم به ، ولمّا لم يجد لذلك من يقوم به اشتغل به اضطرارا ، حذرا عن فساد الدين ، ثمّ أ يّد كلامه بما نقله عن الشيخ علاء الدولة ، وهو أنّ الولاية علم الباطن ، والوراثة علم الظاهر ، والإمامة علم الباطن والظاهر ، والوصاية حفظ سلسلة الباطن ، والخلافة حفظ سلسلة الظاهر ، وأنّ عليّا عليه السلام كان بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله وليّا و وارثا وإماما و وصيّا ، وقد صار خليفة بعد قتل عثمان لاضطرار الناس إليه ، فما تقول في ذلك ؟
قلتُ : أمّا حديث تأخّره للمصلحة : فستعرف أنّ فيه فساد الدين ، وأمّا حديث علوّ شأنه عن قبول الخلافة من غير أن يجب عليه ويضطرّ إليه : فهو مبنيّ على أنّ خلافة رسول اللّه ج صلى الله عليه و آله ج بمنزلة الحكومة العرفيّة التي يجوز أن يتصدّى لها كلّ برّ وفاجر ؛ كيف لا ، ولو أريد بها الرئاسة العامّة عن الرسول صلى الله عليه و آله وفي أمري الدنيا والآخرة ، كما هو المتبادر الشائع ، كانت مساوقة للإمامة ، ولم يكن لتنزيههج عليه السلام ج عن قبولها بدون الاضطرار معنى ، ولم يكن تجويزها لغيره مع وجوده إلاّ قولاً بجواز رئاسة المفضول على الفاضل .
والحقّ أنّ مثل هذا الكلام مماكرة مع صاحب الحقّ بعد الاضرار به بعزله وصرف الحقّ عنه إلى غيره ، فهو كقول الغاصب لمن غصب حقّه وصرفه إلى غيره : لا تغضب ؛ فإنّ ما صرفته عنك إلى غيرك ممّا يليق به لا بك ؛ فإنّ شأنك أعلى وأرفع من أن تنظر فيه وتؤاخذ عليه ، كأ نّه يريد بذلك حمله على الحياء

الصفحه من 137