منتخبات نسمات الأسحار - الصفحه 169

تقرّر أنّ العرب تسمّي العمّ أباً، وقرينة المجاز فيه الآية الشاهدة. بخلافه على أصح محاملها عند أهل السنة، وأنّ عمّه هو الّذي كفله بعد جدّه عبد المطّلب، أو أنّه إنّما قصد بذلك أن يطيب ۱ خاطر ذلك الرجل خشية أن يرتدّ ؛ لوقوع سمعه أوّلاً / 15 / أنّ أباه في النار بدليل أنّه إنّما قال له بعد أن ولّى، وكان ذلك قبل أن ينزل عليه: «وَ مَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا»۲ كما وقع له أنّه سئل عن أطفال المشركين؟ فقال: هم مع آبائهم، ثمّ سئل عنهم فذكر أنّهم في الجنّة ۳ . إلى أن قال: وما أحسن قول بعض المحققين في هذه المسألة: والحذر الحذر من ذكرهما ـ يعني أبويه صلى الله عليه و آله ـ بنقص؛ فإنّ ذلك يؤذيه صلى الله عليه و آله ، أي وقد علمت «إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ»۴ ، وأيضاً قوله تعالى: «وَ مَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُواْ رَسُولَ اللَّهِ»۵ ، ولحديث الطبراني ۶ : لا تؤذوا الأحياء بسب الأموات ـ انتهى ـ .
وأمّا الّذين صحّ تعذيبهم مع كونهم من أهل الفترة فلا يردون نقضاً على ما عليه الأشاعرة من أهل الكلام والاُصول والشافعية من الفقهاء أنّ أهل الفترة لايعذَّبون، واللّه أعلم ـ انتهى كلام الحافظ ابن حجر ـ .
وقد ذكر ـ رحمه اللّه تعالى ـ في ذلك الشرح المذكور في هذا المحل وفي غيره وفي فتاواه تحقيقاً وتدقيقاً يشفي الفؤاد.
ثمّ لما ذكره ـ من أنّه صلى الله عليه و آله أراد عمّه ـ أبا طالب ـ على عادة العرب كما تقدم ـ مناقضة لما ذكره الشيخ الرملي في المحاسن نقلاً عن القرطبي أنّ البارئ تعالى أحيا له اُمَّه وأباه وعمّه أبا طالب فآمنوا به.
ويمكن أن يقال: إذا ثبت ذلك لا مناقضة؛ لاحتمال أنّ البارئ تعالى جازى أباطالب أيضاً وأكرمه بذلك لمحبته لرسوله صلى الله عليه و آله ونصرته له وفرحه به حين بشّر بولادته، واللّه على كلّ شيءٍ قدير، لا رادّ لحكمه، ولامعقِّب لأمره، «لَا يُسْـئلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْـئلُونَ»۷ .

1.سورة الأحزاب، الآية ۵۷.

2.لا يمكن لرسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم تطييب الخاطر بالباطل ، بل هو منزّه عن ذلك.

3.سورة الإسراء، الآية ۱۵.

4.لم أجد الحديث فيما عندي من المصادر، نعم ورد في بعض المصادر أنّه سئل عن خيل وقعت على المشركين فقتلوهم وقتلوا أبناءهم فقال صلى الله عليه و آله : «هم مع آبائهم»، وقد ورد النهي في الأحاديث عن قتل النساء والأطفال ، فلاحظ مجمع الزوائد ، ج ۵ ، ص ۱۶ ، ح ۱۸۴۵ من مسند أحمد ، ج ۳ ، ص ۳۴۳ وما بهامشه من تعليق .

5.سورة الأحزاب، الآية ۵۳.

6.في المعجم الأوسط ، ج ۱ ، ص ۹۸ ، ح۹۲ وفيه: لاتؤذوا الحي بالميت .

7.سورة الأنبياء، الآية ۲۳.

الصفحه من 302