شرح حديث زينب عطاره - الصفحه 433

من ربّه ؛ لأنّه ممّا خلقه اللّه على صورة الهدى ، كما في المتّفق عليه من الرّواية : إنّ اللّه خلق آدم على صورة الرحمن۱.
هذا من حيث الدلالة السمعيّة ؛ إذ كان لا يصدَّق كلّ أحد في ما يدّعي فيه الكشف والشهود بالبصيرة الباطنية والإلهام والتعريف الإلهي ما لم يدخل فيه أحد الأوضاع الحسيّة كالرؤية بهذه الآلة أو الشهادة أو الرّواية أو الإجماع أو القياس المنتهي إلى النصّ على ما قالوا ، وهذه كلّها من أضعف الدلائل في الاعتقادات التي لا تعرف إلّا بنور الهداية الربّانية والعلوم اللدنيّة ، وهي علوم النبوّة .

[في مضاهاة الإنسان و ربّه الجليل]

وأمّا من انفتحت بصيرته وانكشفت له طريقته يعلم ويتيقّن أنّ الإنسان ممّا أوجده اللّه تعالى شاهدا وبيّنة على ذاته وصفاته وأفعاله وشؤونه وأطواره ، مخبرا عن كيفية إلهيّة وصنعه وخلقه وأمره ؛ للمضاهاة الواقعة بينه وبين الربّ تعالى ظاهرا وباطنا / الف 72 / كما قال سبحانه : «وفي أنفسكم أفلا تبصرون»۲ وللمحاذاة الثابتة ۳ ذاتا وصفاتا وأسماءً وأفعالاً كما فصّله العلماء الشامخون والحكماء المتألّهون والعرفاء الراسخون ، فهو عيبة علم اللّه وخزانة معرفته ومعدن حكمته علما وعينا «يؤتي الحكمةَ مَن يشاء ومن يؤت الحكمةَ فقد اُوتي خيرا كثيرا»۴ وهو «النبأ العظيم الّذي هم مختلفون»۵ ، «وإنّه في اُمّ الكتاب لدينا لعليٌّ حكيم»۶ ويعلم ـ أي من يؤتى الحكمة ـ أنّ الإنسان الكامل المسمّى بجامع الجوامع هو الكتاب الجامع لجوامع آيات الحكمة ، المشتمل ۷ على حقائق الكون ولطائفه كلّها ، حديثها وقديمها .
فمن جملة المضاهاة الواقعة بين النفس القدسيّة الكليّة الإلهية اللاهوتية الإنسانية

1.التوحيد ، ص۱۰۳ ؛ الكافي ، ج۱ ، ص ۱۳۴ ، ح۴ .

2.سورة الذاريات ، الآية ۲۱ .

3.ح : - الثابتة .

4.سورة البقرة ، الآية ۲۶۹ .

5.سورة النبأ ، الآية ۲ـ۳ .

6.سورة الزخرف ، الآية ۴ .

7.ح : المشتملة .

الصفحه من 442