ومن ثمّ ليس هناك حاجة إلى قيادة عليّ عليه السلام بالأساس ، بل لن يكون للحكم العلوي من معنى ، إنّما يغدو شعاراً بلا مفهوم ؛ لأنّ في وسع الجميع ممارسة الحكم بهذه الطريقة ، كما تَمَّ ذلك فعلاً ، حيث مارسوا الحكم قروناً باسم الإسلام .
وأمّا الحكم العلوي فإنّ الأصالة فيه للقيم ، وعلى هذا لم يكن الإمام علي عليه السلام على استعداد للتضحية بالقيم الإنسانيّة والإسلاميّة مهما كان الثمن . وإنّ الحكم الذي يجعل القيم فداءً لمصالح الحكم والحاكمين هو حكم اُموي ، وليس علويّاً ولا إسلاميّاً وإن توارى خلف اسم علي والإسلام!
بديهيّ لم يعد لسياسة القوّة ولغة السيف وقعٌ ولا تأثير يذكر في العالم المعاصر . فقد راحت الأدوات العسكريّة تفقد فاعليتها بالتدريج ، واكتشف الحكّام والساسة وسائل جديدة لممارسة السلطة على أساس النهج الاُموي ؛ فالوسائل صارت أكثر تعقيداً ممّا كانت عليه في الماضي ، وأفدح خطراً في هتك القيم الإنسانيّة ووأدها ، ومن بين ذلك برز برنامج «الإصلاح الاقتصادي» الذي يضحّي بالعدالة الاجتماعيّة ، ويأتي تطبيقه على أساس تدمير الطبقات الضعيفة في الهرم الاجتماعي والقضاء عليها .
5 . العوامل الجانبيّة
يمثِّل ما ذكرناه حتى الآن العوامل الأساسيّة لتخاذل الناس وبقاء الإمام وحده آخر أيّام حكمه . وهناك مجموعة اُخرى من العوامل هي وإن لم تكن بمستوى هذه تأثيرا ، إلّا أنّه لا يمكن الإغضاء عن الدور الذي ساهمت به في إبعاد الجماهير عن الإمام .
سنطلق على المجموعة الثانية وصف العوامل الجانبيّة التي اصطفّت إلى جوار العوامل الأساسيّة ، وراحت تخلق المشكلات لحكم الإمام ؛ وهي :