639
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

إشكاليّة الموضوع

تكمن إشكاليّة الموضوع في الأسئلة الأساسيّة التالية :
ما هي الأسباب وراء ابتعاد أكثريّة الناس عن الإمام علي عليه السلام ؟
لماذا لم يستطع الإمام أن يحافظ على تأييد أغلبيّة الجمهور لحكمه؟
لماذا حلّت الفرقة بين الجماهير خلال حكم الإمام ، ولم يستطع إيجاد وحدة الكلمة بين صفوف الجماهير التي بايعته؟
لماذا صار الإمام أواخر حياته يبثّ شكواه على الدوام من عدم حماية الناس لحركته الإصلاحيّة ، وهو يقول : «هَيهاتَ أن أطلَعَ بِكُم سَرارَ العدَلِ» ، ويقول : «اُريدُ أن اُداوِيَ بِكُم وأنتُم دائي» ،
ويقول : «مُنيتُ بِمَن لا يُطيعُ» ،
ويقول : «لا غَناءَ في كَثرَةِ عَدَدِكُم مَعَ قِلَّةِ اجتِماعِ قُلوبِكُم!» ،
ويقول : «لَو كانَ لي بِعَدَدِ أهلِ بَدرٍ» ،
ويقول : «وَدِدتُ أنّي أبيعُ عَشَرَةً مِنكُم بِرَجُلٍ مِن أهلِ الشّامِ!» .
وبكلمة مختصرة : ما هو سبب إدبار عامّة الناس عن الحكم العلوي بعد ذلك الإقبال منقطع النظير الذي حظي به الإمام يوم البيعة؟
أليس في انفضاض الناس عن الإمام وبقائه وحيداً ما يدلّ على عدم إمكانيّة ممارسة الحكم عمليّاً وفق اُصول المنهج السياسي العلوي ، وأنّه لا مكان للمدينة العلويّة الفاضلة إلّا في دنيا الخيال؟
قبل أن نلجأ للإجابة على هذه الأسئلة وبيان أسباب بقاء الإمام وحيداً ، من


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
638

بحث في جذور التخاذل

عرفنا في القسم الخامس أنّ الإمام أمير المؤمنين عليه السلام حظي بتأييد شعبي واسع ، ووصل إلى الخلافة عبر انتخابات حرّة ، حتى بلغ من إقبال الناس على بيعته وفرحهم بها أنّه قال في وصفها : «أقبَلتُم إلَيَّ إقبالَ العوذِ المَطافيلِ عَلى أولادِها» .
كما قرأنا في هذا الفصل أنّ الجماهير راحت تبتعد عن الإمام تدريجيّاً ولمّا تمضِ مدّة قصيرة على حكمه ، حيث فقد حماية وتأييد أغلبهم ؛ ففي الأيّام الاُولى ـ من عهد الإمام السياسيّ ـ نقض بعض الناس البيعة فخرجوا مع ثلّة من السبّاقين إلى بيعة الإمام ليثيروا حرب الجمل . على خطٍّ آخر بادر جمع من الشخصيّات المعروفة ذات التأثير الشعبي البارز للالتحاق بمعاوية ، كما انفصل آخرون عن صفّ الإمام وقرّروا اتّخاذ موقف الحياد .
هكذا راح يتضاءل التأييد الشعبي لحكم الإمام يوماً بعد آخر ، بحيث لم يفقد الحكم العلوي ذلك التأييد الجماهيري العارم الذي برز في الأيّام الاُولى للبيعة فحسب ، بل انقلب التأييد إلى معارضة! حتى آلَ الأمر في نهاية المطاف إلى أن يعيش الإمام الأشهر الأخيرة من حياته وحيداً وهو يشكو مرارة غربته ، وعصيان أصحابه ، وعدم طاعتهم .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 273845
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي