فَوَجَّهَ مُعاوِيَةُ إلَيهِ حَبيبَ بنَ مَسلَمَةَ فَلَم يُدرِكهُ ، ورَجَعَ شَبيبٌ فَأَغارَ عَلى نَواحِي الرَّقَّةِ ؛ فَلَم يَدَع لِلعُثمانِيَّةِ بِها ماشِيةً إلَا استاقَها ، ولا خَيلاً ولا سِلاحا إلّا أخَذَهُ ، وعادَ إلى نَصيبينَ وكَتَبَ إلى عَلِيٍّ .
فَكَتَبَ إلَيهِ عَلِيٌّ يَنهاهُ عَن أخذِ أموالِ النّاسِ إلَا الخَيلَ وَالسِّلاحَ الَّذي يُقاتِلونَ بِهِ ، وقالَ : رَحِمَ اللّهُ شَبيبا ، لَقَد أبعَدَ الغارَةَ وعَجَّلَ الِانتِصارَ . ۱
و ـ غارَةُ بُسرِ بنِ أبي أرطاةَ
۵۲۲.تاريخ الطبري عن عوانة :أرسَلَ مُعاوِيَةُ بنُ أبي سُفيانَ بَعدَ تَحكيمِ الحَكَمَينِ بُسرَ بنَ أبي أرطاةَ ـ وهُوَ رَجُلٌ مِن بَني عامِرِ بنِ لُؤَيٍّ ـ في جَيشٍ ، فَساروا مِنَ الشّامِ حَتّى قَدِمُوا المَدينَةَ ، وعامِلُ عَلِيٍّ عَلَى المَدينَةِ يَومَئِذٍ أبو أيّوبٍ الأَنصارِيُّ ، فَفَرَّ مِنهُم أبو أيّوبٍ ، فَأَتى عَلِيّا بِالكوفَةِ .
ودَخَلَ بُسرٌ المَدينَةَ ، قالَ : فَصَعِدَ مِنبَرَها ولَم يُقاتِلهُ بِها أحَدٌ ، فَنادى عَلَى المِنبَرِ : يا دينارُ ، ويا نَجّارُ ، ويا زُرَيقُ ، شَيخي شَيخي ! عَهدي بِهِ بِالأَمسِ ، فَأَينَ هُوَ ! يَعني عُثمانَ .
ثُمَّ قالَ : يا أهلَ المَدينَةِ ! وَاللّهِ ، لَولا ما عَهِدَ إلَيَّ مُعاوِيَةُ ما تَرَكتُ بِها مُحتَلِما إلّا قَتَلتُهُ ، ثُمَّ بايَعَ أهلُ المَدينَةِ .
وأرسَلَ إلى بَني سَلَمَةَ ، فَقالَ : وَاللّهِ ، ما لَكُم عِندي مِن أمانٍ ، ولا مُبايَعَةٍ حَتّى تَأتوني بِجابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ .
فَانطَلَقَ جابِرٌ إلى اُمِّ سَلَمَةَ زَوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فَقالَ لَها : ماذا تَرَينَ ؟ إنّي قَد خَشيتُ أن اُقتَلَ ، وهذِهِ بَيعَةُ ضَلالَةٍ .