631
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

قالَت : أرى أن تُبايَعَ ؛ فَإِنّي قَد أمَرتُ ابني عُمَرَ بنَ أبي سَلَمََة أن يُبايِعَ ، وأمَرتُ خَتَني عَبدَ اللّهِ بنَ زَمعَةَ ـ وكانَتِ ابنَتُها زَينَبُ ابنَةُ أبي سَلَمَةَ عِندَ عَبدِ اللّهِ بنِ زَمعَةَ فَأتاهُ جابِرٌ فَبايَعَهُ .
وهَدَمَ بُسرٌ دورا بِالمَدينَةِ ، ثُمَّ مَضى حَتّى أتى مَكَّةَ ، فَخافَهُ أبو موسى أن يَقتُلَهُ ، فَقالَ لَهُ بُسرٌ : ما كُنتُ لِأَفعَلَ بِصاحِبِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ذلِكَ ، فَخَلّى عَنهُ .
وكَتَبَ أبو موسى قَبلَ ذلِكَ إلَى اليَمَنِ : إنَّ خَيلاً مَبعوثَةً مِن عِندِ مُعاوِيَةَ تَقتُلُ النّاسَ ، تَقتُلُ مَن أبى أن يُقِرَّ بِالحُكومَةِ .
ثُمَّ مَضى بُسرٌ إلَى اليَمَنِ ، وكانَ عَلَيها عُبَيدُ اللّهِ بنُ عَبّاسٍ عامِلاً لِعَلِيٍّ ، فَلَمّا بَلَغَهُ مَسيرُهُ فَرَّ إلَى الكوفَةِ حَتّى أتى عَلِيّا ، وَاستَخلَفَ عَبدَ اللّهِ بنَ عَبدِ المَدانِ الحارِثِيَّ عَلَى اليَمَنِ ، فَأَتاهُ بُسرٌ فَقَتَلَهُ وقَتَلَ ابنَهُ ، ولَقِيَ بُسرٌ ثَقَلَ ۱ عُبَيدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ ، وفيهِ ابنانِ لَهُ صَغيرانِ فَذَبَحَهُما .
وقَد قالَ بَعضُ النّاسِ : إنَّهُ وَجَدَ ابنَي عُبَيدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ عِندَ رَجُلٍ مِن بَني كِنانَةَ مِن أهلِ البادِيَةِ ، فَلَمّا أرادَ قَتلَهُما ، قالَ الكِنانِيُّ : عَلامَ تَقتُلُ هذَينِ ولا ذَنبَ لَهُما ! فَإِن كُنتَ قاتِلَهُما فَاقتُلني .
قالَ : أفعَلُ ، فَبَدَأَ بِالكِنانِيِّ فَقَتَلَهُ ، ثُمَّ قَتَلَهُما ، ثُمَّ رَجَعَ بُسرٌ إلَى الشّامِ .
وقَد قيلَ : إنَّ الكِنانِيَّ قاتَلَ عَنِ الطِّفلَينِ حَتّى قُتِلَ ، وكانَ اسمُ أحَدِ الطِّفلَينِ اللَّذَينِ قَتَلَهُما بُسرٌ : عَبدَ الرَّحمنِ ، وَالآخَرِ قُثَمَ ، وقَتَلَ بُسرٌ في مَسيرِهِ ذلِكَ جَماعَةً كَثيرَةً مِن شيعَةِ عَلِيٍّ بِاليَمَنِ .
وبَلَغَ عَلِيّا خَبَرُ بُسرٍ ، فَوَجَّهَ جارِيَةَ بنَ قُدامَةَ في ألفَينِ ، ووَهَبَ بنَ مَسعودٍ في

1.الثَّقَل : المتاع والحَشَم ، وأصل الثَّقَلَ أنّ العرب تقول لكلّ شيء نَفيس خَطير مَصون ثَقَل (لسان العرب : ج۱۱ ص۸۷ و ۸۸) .


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
630

فَوَجَّهَ مُعاوِيَةُ إلَيهِ حَبيبَ بنَ مَسلَمَةَ فَلَم يُدرِكهُ ، ورَجَعَ شَبيبٌ فَأَغارَ عَلى نَواحِي الرَّقَّةِ ؛ فَلَم يَدَع لِلعُثمانِيَّةِ بِها ماشِيةً إلَا استاقَها ، ولا خَيلاً ولا سِلاحا إلّا أخَذَهُ ، وعادَ إلى نَصيبينَ وكَتَبَ إلى عَلِيٍّ .
فَكَتَبَ إلَيهِ عَلِيٌّ يَنهاهُ عَن أخذِ أموالِ النّاسِ إلَا الخَيلَ وَالسِّلاحَ الَّذي يُقاتِلونَ بِهِ ، وقالَ : رَحِمَ اللّهُ شَبيبا ، لَقَد أبعَدَ الغارَةَ وعَجَّلَ الِانتِصارَ . ۱

و ـ غارَةُ بُسرِ بنِ أبي أرطاةَ

۵۲۲.تاريخ الطبري عن عوانة :أرسَلَ مُعاوِيَةُ بنُ أبي سُفيانَ بَعدَ تَحكيمِ الحَكَمَينِ بُسرَ بنَ أبي أرطاةَ ـ وهُوَ رَجُلٌ مِن بَني عامِرِ بنِ لُؤَيٍّ ـ في جَيشٍ ، فَساروا مِنَ الشّامِ حَتّى قَدِمُوا المَدينَةَ ، وعامِلُ عَلِيٍّ عَلَى المَدينَةِ يَومَئِذٍ أبو أيّوبٍ الأَنصارِيُّ ، فَفَرَّ مِنهُم أبو أيّوبٍ ، فَأَتى عَلِيّا بِالكوفَةِ .
ودَخَلَ بُسرٌ المَدينَةَ ، قالَ : فَصَعِدَ مِنبَرَها ولَم يُقاتِلهُ بِها أحَدٌ ، فَنادى عَلَى المِنبَرِ : يا دينارُ ، ويا نَجّارُ ، ويا زُرَيقُ ، شَيخي شَيخي ! عَهدي بِهِ بِالأَمسِ ، فَأَينَ هُوَ ! يَعني عُثمانَ .
ثُمَّ قالَ : يا أهلَ المَدينَةِ ! وَاللّهِ ، لَولا ما عَهِدَ إلَيَّ مُعاوِيَةُ ما تَرَكتُ بِها مُحتَلِما إلّا قَتَلتُهُ ، ثُمَّ بايَعَ أهلُ المَدينَةِ .
وأرسَلَ إلى بَني سَلَمَةَ ، فَقالَ : وَاللّهِ ، ما لَكُم عِندي مِن أمانٍ ، ولا مُبايَعَةٍ حَتّى تَأتوني بِجابِرِ بنِ عَبدِ اللّهِ .
فَانطَلَقَ جابِرٌ إلى اُمِّ سَلَمَةَ زَوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فَقالَ لَها : ماذا تَرَينَ ؟ إنّي قَد خَشيتُ أن اُقتَلَ ، وهذِهِ بَيعَةُ ضَلالَةٍ .

1.الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۴۲۸ .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 273751
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي