467
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

دافع ابن أبي الحديد عن هذه السياسة بالتفصيل ، ونحن نورد النقاط المهمّة فيها :
استدلّ ابن أبي الحديد ابتداءً من خلال المصادر والوثائق التاريخيّة على أنّ معاوية ما كان يبايع الإمام في أيِّ ظُروف كانت . ثمّ أشار إلى المبادئ الدينيّة التي كان يسير عليها الإمام في تعيين وعزل الولاة والعمال . ثمّ أورد في ختام المطاف تحليلاً رصينا لعالم يدعى ابن سنان بيّن فيه عدم امكانيّة إبقاء معاوية في الظروف التي بايع فيها الناس عليّا من بعد قتل عثمان ؛ لأنّها ستجعل الإمام يواجه في أوّل حكومته أوضاعا كالتي انتهى إليها عثمان في اُواخر حكمه .

1 . إبقاء معاوية في منصبه لا يدعوه إلى البيعة

نقل ابن أبي الحديد فيما يخصّ انتقاد سياسة الإمام بعزل معاوية :
منها قولهم : لو كان حين بويع له بالخلافة في المدينة أقرّ معاوية على الشام إلى أن يستقرّ الأمر له ويتوطّد ويبايعه معاوية وأهل الشام ثمّ يعزله بعد ذلك ، لكان قد كُفي ما جرى بينهما من الحرب .
والجواب : إنّ قرائن الأحوال حينئذٍ قد كان علم أمير المؤمنين عليه السلام منها أنّ معاوية لا يبايع له وإن أقرّه على ولاية الشام ، بل كان إقراره له على إمرة الشام أقوى لحال معاوية وآكد في الامتناع من البيعة ؛ لأنّه لا يخلو صاحب السؤال إمّا أن يقول : كان ينبغي أن يطالبه بالبيعة ويقرن إلى ذلك تقليده بالشام فيكون الأمران معا ، أو يتقدّم منه عليه السلام المطالبة بالبيعة ، أو يتقدّم منه اقراره على الشام وتتأخّر المطالبة بالبيعة إلى وقت ثانٍ .
فإن كان الأوّل فمن الممكن أن يقرأ معاوية على أهل الشام تقليده بالإمرة فيؤكّد حاله عندهم ، ويقرّر في أنفسهم : لولا أنّه أهل لذلك لما اعتمده عليّ عليه السلام معه ، ثمّ يماطله بالبيعة ويحاجزه عنها .


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
466

2 / 3

السياسة العلويّة

أ ـ عَزلُ مُعاوِيَةَ

ذكرنا سابقا أنّ اُولى الأعمال التي اتّخذها الإمام عليّ عليه السلام بعد مبايعة الناس له على طريق الشروع بالإصلاحات هو عزل عمّال عثمان . وكان الساسة من أصحاب الإمام لا يرون من المصلحة عزل شخصين ، هما : معاوية وأبي موسى الأشعري .
وأخيرا وبعد الكثير من التوضيحات وفي أعقاب وساطة مالك الأشتر ، وافق أمير المؤمنين عليه السلام على إبقاء أبي موسى الأشعري . أمّا بالنسبة الى معاوية فلم تفلح جميع الجهود التي بذلت لإقناع الإمام بإبقائه في منصبه ، إذ كان لا يرى جواز إبقائه واليا ولو لحظة واحدة .
أمّا بالنسبة إلى معاوية فهو لم يبايع الإمام ولم يترك أهل الشام يبايعونه . وبدأ منذ اليوم الأول لخلافة الإمام بالتآمر عليه ، ممهّدا بذلك الأجواء للصدام العسكري .
وأوّل سؤال يُثار في هذا المجال هو كيف يمكن تبرير عمل الإمام هذا من الوجهة السياسيّة ؟ أ لم يكن من الأفضل أن يُبقي الإمامُ معاوية في منصبه في بداية خلافته إلى حين استتباب الاُمور ، وإلى أن يبايع هو وأهل الشام ، ثمّ يعزله من بعد ذلك لكي لا تقع حرب صفّين ولكي تستقرّ الحكومة الإسلاميّة بقيادته ؟ أ لم يكن الحفاظ على وحدة كلمة الاُمّة وديمومة النظام الإسلامي وهما من أوجب الواجبات ، يقضيان بإبقاء معاوية على ولاية الشام ولو مؤقّتا ؟

دفاع عن سياسة عزل معاوية

استنادا إلى ما يتبنّاه الإمام في سياسة وإدارة النظام الإسلامي التي سبق شرحها يمكن الردّ على هذه التساؤلات بكلّ سهولة . بَيدَ أنّ هذه السياسة توجد بشأنها اُمور مهمّة لابدّ من الإشارة إليها هاهنا :

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 278277
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي