69
العقد النّضيد و الدّر الفريد

الحديث الثاني والخمسون

۰.عن الأصبغ بن نباتة قال :لمّا ضرب أمير المؤمنين عليه السلام الضربة التي كانت فيها وفاته ، اجتمع الناس بباب القصر كلّ يريد قتل ابن ملجم لعنه اللّه ، فخرج الحسين [ الحسن خ ] عليه السلام فقال : «معاشر الناس ، إنّ أمير المؤمنين قد أوصاني أن أترك أمره إلى وفاته ، وإن كان إلى حياة كان الناظر في حقّه ، فانصرفوا رحمكم اللّه » .
[ قال : ] فانصرف الناس [ ولم أنصرف ] ، فخرج ثانية وقال : «يا أصبغ، أما سمعت قولي عن أمير المؤمنين؟» قلت : بلى ولكن رأيته في حاله فأحببت أن أُردّد من النظر إليه وأستمع منه حديثا ، فاستأذن لي إليه يرحمك اللّه ! فدخل ولم يلبث أن خرج فقال لي : «ادخل» فدخلت فإذا أمير المؤمنين عليه السلام متعصّب بعمامة صفراء قد علت صفرة وجهه على صفرة العمامة ، فإذا هو يقلع فخذا ويضع أُخرى لشدّة الضربة وموضع السمّ ، فقال لي : «يا أصبغ، أما سمعت قول الحسين [ الحسن خ ]عن مقالي؟» .
قلت : بلى يا أمير المؤمنين ، ولكن رأيتك في حالٍ فأحببت إليك النظر و[ أن ] أسمع منك حديثا .
فقال لي : «اقعد فما أراك تسمع منّي بعد يومك هذا حديثا ، يا أصبغ ، أتيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم عائدا كما جئتني عائدا ، فقال لي : اخرج يا أبا الحسن فنادِ في الناس : الصلاة جامعة ، واصعد منبري وقم دون مقامي بمرقاة ، وقل [ للناس ] : ألا إنّه من عقّ والديه فلعنة اللّه [ عليه ] ، ألا إنّه من ظلم أجيرا أجره فلعنة اللّه [ عليه ] .
فخرجت ففعلت ما أمرني به رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، فقام رجل من أقصى المسجد وقال : يا أبا الحسن ، تكلّمت بثلاث كلمات وأوجزتهنّ فاشرحهنّ لنا. فلم أردّ جوابا حتّى أَتيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم فقلت له ما كان من أمر الرجل» .
قال [ الأصبغ ] : ثمّ أقبل عليّ أمير المؤمنين فقال : «ابسط يدك يا أصبغ» فبسطت يدي فتناول إصبعا من أصابعي ثمّ قال : «يا أصبغ كذا تناول رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم إصبعا من أصابعي كما تناولت إصبعا من أصابعك ، ثمّ قال : يا أبا الحسن ، ألا وإنّي وأنت أبوا هذه الأُمّة ، فمن عقَّنا فلعنة اللّه [ عليه ] ، قل : آمين ، قلت : آمين . ثمَّ قال : يا أبا الحسن ، ألا وإنّي وأنت موليا هذه الأُمّة ، فمن أبق منّا فلعنة اللّه [ عليه ] قل : آمين ، قلت : آمين ، أَلا وإنّي وأنت أجيرا هذه الأُمّة ، فمن ظلمنا أَجرنا فلعنة اللّه [ عليه ]قل : آمين ، فقلت : آمين» .
قال [ الأصبغ ] : ثمّ أُغمي على أمير المؤمنين ، فلمّا أَفاق قال : «أقاعِدٌ أنت يا أصبغ بعد؟» قلت : بلى [ يا مولاي ] ، قال : «أزِيْدُك حديثا آخر؟» قلت : نعم يا أمير المؤمنين، زادك اللّه مزيد كلّ الخير .
فقال : «لقيني رسول اللّه في بعض طرق المدينة وأنا مغموم قد تبيّن الغمّ في وجهي ، فقال لي : يا أبا الحسن، أراك مغموما! ألا أُحدّثك حديثا لا تغتمّ بعد يومك هذا؟ قلت : نعم .
قال : إنّه إذا كان يوم القيامة نصب اللّه عز و جل منبرا يعلو منابر النبيّين والشهداء ، ثمّ يأمرني اللّه عز و جل فأصعد فوقه ، ثمّ يأمرك فتصعد دوني بمرقاةٍ ، ثمّ يأمر اللّه ملكا يقف دونك بمرقاةٍ ، ثمّ يأمر اللّه ملكا آخر يقوم دون الملك بمرقاةٍ ، فإذا استقللنا على المنبر لا يبقى أَحدٌ من الأوّلين والآخرين إلاّ ويَرانا ، فينادي المَلَك الذي دونك بمرقاةٍ : معاشر الناس، ألا من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا [ أُعرّفه بنفسي ، أنا ] رضوان خازِنُ الجنان ، أَلا إنّ اللّه بفضله وجلاله أمرني أن أدفع مفاتيح الجنّة إلى محمّد ، وإنّ محمّدا أمرني أن أدفعها إلى عليّ، هاك ، فاشهدوا لي عليه .
ثمّ يقوم الملك الآخر فينادي نداءً يسمعه أهل الموقف : معاشر الناس، من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا [ أُعرّفه بنفسي ، أنا ] مالك خازن جهنّم ، ألا إنّ اللّه بمنّه وفضله [ وكرمه ]وجلاله أمرني أن أدفع مفاتيح جهنّم إلى محمّد ، وإنّ محمّدا قد أمرني أن أدفعها إلى عليّ، هاك ، فاشهدوا لي عليه ، فآخذ بمفاتيح الجنّة والنار ، وتأخذ بِحُجْزتِي ، وأهل بيتك بحجزتك ، وشيعتك يأخذون بحجزة أهل بيتك .
قال : فصفقت كلتا يديّ وقلت : إلى الجنّة يا رسول اللّه ؟
قال : إي وربّ الكعبة» .
قال أصبغ : فلم أسمع من أمير المؤمنين عليه السلام بعد هذين الحديثين حديثا . ۱

1.بحار الأنوار ۴۰ : ۴۴ ، ح ۸۲ ، باب ۹۱ ، عن الروضة ؛ والأنوار البهيّة : ۶۶ ـ ۶۸ ؛ والروضة في المعجزات والفضائل : ۱۴۰ (مع اختلاف يسير) .


العقد النّضيد و الدّر الفريد
68
  • نام منبع :
    العقد النّضيد و الدّر الفريد
    المساعدون :
    اوسط الناطقي، علي؛ شهرستاني، سيد هاشم؛ فرادي، لطيف
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1423 ق / 1381 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 36127
الصفحه من 243
طباعه  ارسل الي