183
العقد النّضيد و الدّر الفريد

الحديث الرابع والعشرون والمائة

۰.وبإسناده عن ابن عباس والحسن والشعبي والسدي قالوا في حديث المباهلة :.
إنّ وفد نجران أتوا النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم ، ثمّ تقدّم الأسقف فقال : يا أبا القاسم ، موسى من أبوه؟ فقال : «عمران» . قال : فيوسف من أبوه؟ قال : «يعقوب» . قال : فأنت من أبوك؟ قال : «عبد اللّه بن عبد المطلّب» . قال : فعيسى من أبوه؟
قال : فسكت النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم ينتظر الوحي ، فهبط جبرئيل عليه السلامبهذه الآية : «إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُو مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُو كُن فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ
فَلاَ تَكُن مِّنَ الْمُمْتَرِينَ »۱
، فقال الأسقف : لا نَجدُ هذا فيما أُوحي إلينا ، فنزل : «فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِنم بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَـذِبِينَ»۲ .
قالوا : أنصفتنا يا أبا القاسم ، فمتى نباهلك؟
فقال: «غدا إن شاء اللّه » .
فانصرفوا وقالوا : انظروا إن خرج في عدّة من أصحابه فباهلوه فإنّه كذّاب ، وإن خرج في خاصّة من أهله فلا تباهلوه فإنّه نبيّ .
وقالت النصارى : واللّه ، إنّا لنعلم أ نّه النبيّ الذي كنّا ننتظره ، ولئن باهلناه لنهلكنّ ولا نرجع إلى أهل ولا مال .
[ و ] قالت اليهود والنصارى : فكيف نعمل؟ قال أبو الحارث الأسقف : رأيناه رجلاً كريما ؛ نغدو عليه فنسأله أن يقيلنا .
فلمّا أصبحوا بعث النبي صلى الله عليه و آله وسلم إلى أهل المدينة ومن حولها فلم تبقَ بكر لم تر الشمس إلاّ خرجت ، وخرج رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم وعليّ بين يديه والحسن عن يمينه قابضا بيده ، والحسين عن شماله ، وفاطمة خلفه ، ثمّ قال : هلمّوا فهؤلاء أبناؤنا : الحسن والحسين ، وهؤلاء أنفسنا : لعليّ ونفسه ، وهذه نساؤنا : لفاطمة .
قال : فجعلوا يستترون بالأساطين ويستتر بعضهم ببعض ؛ تخوّفا أن يبدأهم بالملاعنة ، ثمّ أقبلوا حتّى بركوا بين يديه وقالوا : أقلنا أقالك اللّه يا أبا القاسم!
قال : «أقلتكم» وصالحوه على ألفي حلّة ۳ .

1.آل عمران (۳) : ۵۹.

2.آل عمران (۳) : ۶۱.

3.المناقب للخوارزمي : ۱۵۹/۱۸۹ الفصل الرابع عشر : في أ نّه أقرب الناس إلى رسول اللّه ؛ ودلائل النبوّة للأصبهاني : ۲۹۸ ؛ بحار الأنوار ۲۱ : ۳۴۴ ـ ۳۴۵ / ۱۳.


العقد النّضيد و الدّر الفريد
182

الحديث الثالث والعشرون والمائة

۰.بإسناده إلى عليّ بن محمّد بن المنكدر ، عن أُمّ سلمة زوجة النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم ـ وكانت ألطف نسائه وأشدّهنّ حبّا له ـ قال :. وكان لها مولى يحضنها وربّاها ، وكان لا يصلّي صلاة إلاّ سبّ عليّا وشتمه! فقالت له : يا أبة ، ما حملك على سبّ عليّ؟
قال : لأنّه قتل عثمان وشرك في دمه .
قالت : أما إ نّه لولا أنّكَ مولاي وربّيتني وأنّك عندي بمنزلة والدي ما حدّثتك بسرّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، ولكن اجلس حتّى أُحدّثك عن عليّ عليه السلام وما رأيته:
قد أقبل رسول اللّه صلى الله عليه و آله وكان يومي ، وإنّما كان نصيبي في تسعة أيّام يوم واحد ، فدخل النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم وهو مخلّل أصابعه في أصابع عليّ عليه السلام واضعا يده عليه ، فقال : «يا أُمَّ سلمة ، اُخرجي من البيت وأخليه لنا» فخرجت وأقبلا يتناجيان ، فأسمع الكلام ولا أدري ما يقولان ، حتّى إذا أنا قلت : قد انتصف النهار وأقبلت فقلت : السلام عليكم ، ألج؟
فقال النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم : «لا تلجي ، وارجعي مكانك» ثمّ تناجيا طويلاً حتّى قام عمود الظهر ، فقلت : ذهب يومي وشغله عليٌّ ، فأقبلت أمشي حتّى وقفت على الباب ، فقلت : السلام عليكم ، ألج؟
فقال النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم : «لا تلجي وارجعي مكانك» فرجعت فجلستُ مكاني ، حتّى إذا قلت : قد زالت الشمس ، الآن يخرج إلى الصلاة فيذهب يومي ، ولم أرَ قطّ أطول منه ، فأقبلت أمشي حتّى وقفت على الباب فقلت : السلام عليكم ، ألج؟
فقال النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم: «نعم، فلجي» فدخلت وعليٌّ واضع يده على رُكبتي رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، قد أدنى فاه من أُذن النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم ، وفم النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم على أُذنِ عليّ
[ وهما ]يتسارّان ، وعليّ يقول : «أفأمضي وأفعل؟» والنبيّ صلى الله عليه و آله وسلم يقول : «نعم» فدخلت وعليّ مُعرِض وجهه حتّى دخلت ، وخرج .
فأخذني النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم وأقعدني في حجره فالتزمني ، فأصاب منّي ما يصيب الرجل من أهله من اللطف والاعتذار ، ثمّ قال :
«يا أُمّ سلمة ، لا تلوميني ، فإنّ جبرئيل أتاني من اللّه يأمر أن أُوصي به عليّا من بعدي ، وكنت بين جبرئيل وعليّ ، وجبرئيل عن يميني وعليّ عن يساري ، فأمرني جبرئيل أن آمُرَ عليّا بما هو كائن بعدي إلى يوم القيامة ، فاعذريني ولا تلوميني ، إنّ اللّه عز و جل اختار من كلّ أُمّة نبيّا ، واختار لكلّ نبيّ وصيّا ، فأنا نبيّ هذه الأُمّة وعليّ وصيّي في عترتي وأهل بيتي وأُمّتي من بعدي» .
فهذا ما شهدت من عليّ ، الآن يا أبتا فسبّه أو دعه !
فأقبل أبوها يناجي الليل والنهار ويقول : اللهمّ اغفر لي ما جهلت من أمر عليّ عليه السلامفإنّ وليّي وليّ عليّ وعدوّي عدوّ عليّ . فتاب المولى توبة نصوحا ، وأقبل فيما بقي من دهره يدعو اللّه أن يغفر له ۱ .

1.المناقب : ۱۴۶/۱۷۱ ، الفصل الرابع عشر : في أ نّه أقرب الناس إلى رسول اللّه ؛ ورواه في كشف الغمّة ۱ : ۲۹۶ ؛ والطرائف ۲۴ ؛ وفرائد السمطين ۱ : ۲۷۰ ، ح۲۱۱؛ مناقب عليّ بن أبي طالب لابن مردوية: ۱۵۰، ح۱۱۷ .

  • نام منبع :
    العقد النّضيد و الدّر الفريد
    المساعدون :
    اوسط الناطقي، علي؛ شهرستاني، سيد هاشم؛ فرادي، لطيف
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1423 ق / 1381 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 36787
الصفحه من 243
طباعه  ارسل الي