143
العقد النّضيد و الدّر الفريد

الحديث الثانى والمائة

۰.عن محمّد بن عبد اللّه بن أبي رافع قال :. كنتُ جالسا عند أبي بكر بعدما بايعه الناس بأيّامٍ ، فطلع عليٌّ والعبّاس يختصمان في تراث النبيّ ، وكانت بغلة خلّفها النبيّ
ـ صلوات اللّه عليه ـ وسيفه وعمامته ؛ فأقبلا حتّى جلسا بين يدي أبي بكر ، فافتتح العباس الكلام .
فقال له أبو بكر : لا تعجل يا أبا الفضل ، فإنّي سائلك عن أمر لست أسألك إلاّ وأنا عالم به : أنشدك بالله! هل تعلم أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم جمع بني عبد المطلب وأولادهم وأنت فيهم فقال : «يا بني عبد المطلب ، إنّه لم يبعث اللّه نبيّا إلاّ وجعل له [ أخا و ]وزيرا ووارثا ووصيّا (من قومه) ۱ وخليفة من أهل بيته ، فمن يقوم منكم يبايعني على أ نّه يكون أخي ووزيري ووارثي ۲ وخليفتي في أهلي» ، فلم يقم أحد منكم! فقال النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم : «[ يا بني عبد المطلب ]كونوا في الإسلام رؤوسا ولا تكونوا أذنابا ، واللّه ليقومنّ قائمكم وليكوننَّ في غيركم ، ثمّ لتندموا من بعد» ، فقام عليٌّ من بينكم فبايعه على ما شرط له ودعاه إليه ، تعلم أنّ هذا جرى من رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ؟!
فقال له العباس : نعم ، والحجّة في هذا عليك! وإلاّ فما أقعدك في مجلسك هذا؟! ولِمَ تقدّمت وتأمّرت عليه ؟!
فأطرق أبو بكر وتشاغل بشيءٍ آخر ، ونهض عليّ آخذا بيد العبّاس وهو يقرأ : «وَ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَـآءِ لَيَبْغِى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ»۳ إلى آخر الآية .
وروي أنّهما قدما على عمر بعدما صار الأمر إليه ، فقال لهما عمر : اخرجا عنّي، فهمت يا بني عبد المطّلب ؛ هذا الذي فعله العبّاس إنّما فعله توبيخا لأبي بكر و تهجينا له و تنبيها على أ نّه غاصب حقّ عليّ عليه السلام ، و كان عليٌّ و العبّاس في هذه الصورة مثل الخصمين اللذين دخلا على داود ، و لا يخفى هذا على من صحّ لبُّه و مال إلى الهدى ، و اللّه أعلم!

1.لم يرد في بشارة المصطفى.

2.في بشارة المصطفى بدل «وارثي» «وصيّي» .

3.ص (۳۷) : ۲۴. والخبر رواه في بشارة المصطفى : ۲۲۰ باختصار ، وأخرج نحوه في بحار الأنوار ۲۹ : ۶۷/۱ عن الاحتجاج ومثله في مناقب ابن شهرآشوب ۳ : ۴۹.


العقد النّضيد و الدّر الفريد
142

الحديث الحادي والمائة

۰.عن زرّ بن قدامة المكّي قال :. حدّثنا شهاب المدني في مسجد الرسول قال : كُنّا مع أمير المؤمنين عليه السلام في «بئر رومة» على يمين الوادي ، إذ نادى لسلمان الفارسي وقال : «يا أبا عبد اللّه ، اصعد إليَّ ، وليصعد ثقاتي إليّ» والعسكر في الوادي وذلك عند عشاء الآخرة ، فصعد سلمان والنقباء ، وهم معروفون : سلمان ، وعمّار ، والمقداد ، وأبو ذرّ ، وأبو الدرداءِ ، وخزيمة بن ثابت ، وأبو الأعور السلمي ، ومالك بن الحارث الأشتر ، وحذيفة اليماني ، وأبو الهيثم بن التيهان ، وأُسامة بن زيد ، وخالد بن سعيد .
وصعد نفر من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم وإذا أمير المؤمنين قاعد ، و[ . . . ]عند اشتباك الكواكب ، فقعدنا إليه ، فجعل يحدّثنا ونحدّثه هينمة . ثمّ قام فأذّن للعشاء الآخرة وأقام وصلّى وصلّينا معه ، ثمّ التفت عن يمينه وتكلّم بكلام لم نفهمه ولم ندرِ عربيّة أو فارسيّة؟
فقلنا : فداك آباؤنا وأُمّهاتنا يا أمير المؤمنين ، ما هذه الكلمات التي تكلّمت بهنّ؟
قال : «دعوت ربّي على لسان نوح عليه السلام» فقلنا : وما ذاك؟ قال : «معناه بالعربيّة : قدّوس قدّسته السماوات والأرض ، سبّوح سبّحته الجبال والبحار ، عظيم عظّمته الخلائق بالتوحيد ، جبّار جبر الخلق بالنعمة ، كريم سجد لوجهه جبرئيل وميكائيل
وإسرافيل».
فعند هذه الكلمات ، تدلّى نجم من الهواء كالكوكب الدرّي فقالت : صدّقتَ محمّدا ، من أنكرك فعليه لعنة اللّه ولعنة اللاعنين والملائكة والناس أجمعين . إنّا معاشر الكواكب زُيّنَ بنا السماء ورُمي بنا الشياطين ، وزُيّن بكم الكتاب والبلاد ، ورُمي الكفّار بكم حتّى رجعت الكلمة إلى كلمة الإخلاص .
قال : فقال أمير المؤمنين عليه السلام : «أيّها الكوكب ، وما كلمة الإخلاص؟» .
فقال الكوكب : شهادة أن لا إله إلاّ اللّه ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله حقّا ، وأنّ عليّا وصيّه صدقا ، بمحمّدٍ أصلح اللّه العباد والبلاد ، وبعليٍّ عرف الناس الدين ، ونصر به [على] أهل الشرك ، حتّى أقرّوا لِلّه بالوحدانيّة ، وخضعوا له بالربوبيّة ، وأقرّوا بأنّه الواحد الجبّار ، الذي لا شريك له في أمره ، ولا يعادله أحد من خلقه ، ولا ينازعه وزير ، ولا يقاسمه شريك ، وهو العليّ الجبّار ، ومحمّد عبده ورسوله ، وعليٌّ وصيّه وخليله .
ثمّ ارتفع الكوكب وتعجّبنا ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : «مِمَّ تعجّبتم؟ فلو رأيتم كلامي للشّمس يوم التلّ ، إذا لداخلكم النفاق!؟» .
فقلت : يا أمير المؤمنين ، لا ينكرك إلاّ جاحدٌ ، ولا يبغضك إلاّ فاسق ، ولا يبغضك إلاّ فاجر ، ولا يحسدك إلاّ زنديق ، أنت الوصيّ الأمين ، وصلّى اللّه عليك وعلى ذريّتك .
قال : ثمّ قمنا وارتحلنا من سفرنا إلى متوجّهنا ، قلنا : فأعطانا اللّه بك يا أمير المؤمنين الظفر ، ووهب لنا بك النصر ، وهو العزيز الحكيم .

  • نام منبع :
    العقد النّضيد و الدّر الفريد
    المساعدون :
    اوسط الناطقي، علي؛ شهرستاني، سيد هاشم؛ فرادي، لطيف
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1423 ق / 1381 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 36130
الصفحه من 243
طباعه  ارسل الي