25
شهر الله في الكتاب و السنّة

لَهُ مِن قِيامِهِ إلاَّ السَّهَرُ والعَناءُ ، حَبَّذا نَومُ الأَكياسِ 1 وإفطارُهُم » . 2
على هذا يتّضح بأنَّ اجتناب مفطرات الصوم هو شرط الدخول إلى الضيافة الإلهية ؛ وأنَّ اجتناب الذنوب والورع عن المحارم ، هو شرط النهل منها والانتفاع ببركاتها .
المجموعة الثالثة : وتشمل الآداب الّتي تعدّ رعايتها شرطا لبلوغ الاستفادة القصوى من الضيافة الإلهية والتوفّر على الكمال فيها ، وإذا استثنينا الباب الأوّل من القسم الثالث ، فقد اختصّت بقيّة أبواب هذا القسم الّتي تؤلّف الحجم الأكبر من الكتاب بتناول هذه الآداب ، بحيث بادرنا إلى استقصاء جميع العناصر الّتي تنطوي عليها النصوص الإسلامية ممّا له علاقة بتحقيق أكبر قدر من الانتفاع بالضيافة الإلهية .
لكن ينبغي الانتباه إلى الطابع الاستحبابي لهذه الآداب ، ومن ثَمَّ فإنَّ لكلّ إنسان أن يستفيد منها بقدر استعداده وحاله والفرصة المتاحة له .

القسم الرّابع : أفضل ليالي الضيافة

ليلة القدر هي أسمى ليالي شهر رمضان المبارك ، وأكثرها تألّقا وأعمّها بركات ، حيث يصفها القرآن الكريم بقوله : « لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ » .
لهذا النصّ القرآني دلالته على البركات الّتي تحملها هذه الليلة الكريمة وما يكتنفها من عطايا وهبات لأهل المراقبة ؛ هذه البركات الّتي تفوق

1.الأكياس : جمع الكيِّس ، وهو العاقل (لسان العرب : ۶ / ۲۰۱ ) . والأكياس هاهنا العلماء العارفون ؛ وذلك لأنّ عباداتهم تقع مطابقة لعقائدهم الصحيحة ( شرح نهج البلاغة : ۱۸ / ۳۳۴ ) .

2.نهج البلاغة : الحكمة ۱۴۵ ، خصائص الأئمّة عليهم السلام: ۱۰۴ وليس فيه « الجوع» و « السهر» ، روضة الواعظين : ۳۸۳ نحوه ، بحار الأنوار : ۹۶ / ۲۹۴ / ۲۲ .


شهر الله في الكتاب و السنّة
24

المجموعة الثانية : وتشمل الآداب الّتي تعدّ رعايتها شرطا ضروريّا لكي ينعم الإنسان بالضيافة الإلهية وينتفع من هباتها ، لجهة تجديد حياته المعنويّة وبلوغ تكامله الروحي ، وقد توفّر القسم الثالث من الكتاب على تغطية هذا النمط من الآداب واستيعابه قبل غيره من الآداب ، تحت عنوان « أهمّ الآداب » ، 1
والعنصر المشترك الجامع لهذه الآداب ، هو الورع عن محارم اللّه ، ولذلك جاء في الخطبة المعروفة الّتي خطبها النَّبي صلى الله عليه و آله في استقبال شهر رمضان ، أنَّ الإمام عليّ عليه السلام سأل أثناءها رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، بقوله :
« يا رَسولَ اللّهِ ، ما أفضَلُ الأَعمالِ في هذا الشَّهرِ ؟ »
فأجابه النَّبي صلى الله عليه و آله : « الوَرَعُ عَن مَحارِمِ اللّهِ » . 2

يمكن القول بأنَّ الذنوب هي الآفات الّتي تهدّد الحياة المعنوية للإنسان وتحول دون ازدهارها ، ومن ثَمَّ لا يمكن للصيام أن يكون مؤثّرا قطّ في إيجاد التحوّل المعنوي لدى الإنسان ، إذا كانت الذنوب حائلاً يمنع عن ذلك ، فالصائم الّذي يبتلى بآفة الذنوب لا ينتفع من صيامه ، وبتعبير رسول اللّه صلى الله عليه و آله :
« رُبَّ صائِمٍ حَظُّهُ مِن صِيامِهِ الجوعُ وَالعَطَشُ ، ورُبَّ قائِمٍ حَظُّهُ مِن قِيامِهِ السَّهَرُ » . 3
أمّا الإمام عليّ عليه السلام ، فيقول بهذا الشأن :
« كَم مِن صائِمٍ لَيسَ لَهُ مِن صِيامِهِ إلاَّ الجوعُ وَالظَّمَأُ ، وكَم مِن قائِمٍ لَيسَ

1.انظر : ص ۱۴۹.

2.انظر تمام الحديث وتخريجه في ص ۱۰۱ ح ۲۱۸ و ص ۱۴۹ ح ۲۶۳ .

3.الأمالي للطوسي : ۱۶۶ / ۲۷۷ ، فضائل الأشهر الثلاثة : ۱۴۴ / ۱۵۸ وليس فيه « العطش» ، بحار الأنوار : ۹۶ / ۲۸۹ / ۴ ، سنن ابن ماجه : ۱ / ۵۳۹ / ۱۶۹۰ ، سنن الدارمي : ۲ / ۷۵۷ / ۲۶۲۰ كلاهما نحوه ، مسند ابن حنبل : ۳ / ۳۰۷ / ۸۸۶۵ ، السنن الكبرى : ۴ / ۴۴۹ / ۸۳۱۳ كلّها عن أبي هريرة ، المعجم الكبير : ۱۲ / ۲۹۲ / ۱۳۴۱۳ عن ابن عمر ، كنز العمّال : ۳ / ۴۷۳ / ۷۴۹۰ و ح ۷۴۹۱ .

  • نام منبع :
    شهر الله في الكتاب و السنّة
    المساعدون :
    الافقي، رسول
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424 ق / 1382 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 147838
الصفحه من 628
طباعه  ارسل الي