95
الفوائد الرجاليّة

[ الفرق بين الصحيح والمعمول به ]

ثمّ إنّ بين صحيحهم والمعمول به عندهم ـ كما يظهر من ملاحظة طريقتهم ونصّ عليه جملة من الأصحاب ـ العمومَ من وجه ، مادّتا الافتراق : الصحيح الموافق للتقيّة ، ومارواه العامّة عن أمير المؤمنين ؛ لما عن عُدّة الشيخ من أنّ رواية المخالفين عن الأئمّة إن عارضها رواية الموثوق بها ، وجب طرحها ، وإن وافقتها وجب العمل بها ، وإن لم يكن ما يوافقها أو يخالفها ولا يُعرف لها قول فيها ، وجب العمل بها ؛ لما روي عن الصادق عليه السلام : «إذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما رووا عنّا فانظروا إلى مارووه عن عليّ عليه السلامفاعملوا به» . ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث ، وغياث بن كلوب ، ونوح بن درّاج ، والسكوني وغيرهم من العامّة عن أئمّتنا ولم ينكروه ولم يكن عندهم خلافه» . ۱ انتهى .
وكذا بين صحيح المتأخّرين والمعمول به عندهم العمومُ من وجه كما في التقيّة ، وفي العاملين بالموثّقات وجملة من المراسيل وأضعاف المنجبرة .
وبين الصحيحين العمومُ المطلق وهو ظاهر .
ومنها : قولهم : «لابأس به» .
ومقتضى ظاهر العبارة نفي البأس منه من جميع الوجوه من حيث المذهب والرواية وغيرهما . ولذا حكي عن بعضٍ إفادته التوثيق المصطلح . وعن ميرزا محمّد رحمه الله أنّه استقربه في متوسّطه ۲ .
ويدلّ عليه قول العلاّمة في محكيّ الخلاصة وغيره في ترجمة إبراهيم بن محمّد بن فارس النيسابوري : «إنّه لا بأس به في نفسه ولكن ببعض من يروي

1.العدّة في أُصول الفقه ۱ : ۱۴۹ نقل مضمون .

2.تلخيص المقال : ۱۷ .


الفوائد الرجاليّة
94

إلى ماذكر في التعليقة ونقلناه . ۱
وأمّا الإعتراض الأخير ـ وهو منع الإجماع بعدم توثيق بعضهم وورود القدح فيمن وثّقوه ـ فلا وَقْع له أيضاً ؛ لعدم منافاته الإجماعَ المنقولَ .
ثمّ إنّ لازم من يفهم من العبارة هذا المعنى عدُّ مثل ابن بكير من الإماميّة كما لا يخفى .
الرابع : أنّ المراد منها السابق لكن بتفاوت جعل المستفاد العدالةَ بالمعنى الأعمّ .
ويرد عليه ما عدا الإعتراض الأخير الوارد عليه .
الخامس : أنّ المراد منها توثيق من روى هؤلاء عنه ، فحاصل المعنى أنّهم أجمعوا على تصحيح كلّ روايةِ مَن يصحّ رواية هؤلاء عنه .
وأنت خبير بكونه أبعدَ الإحتمالات ؛ لأنّ أصل تحقّق الإجماع على هذا النحو ـ لاحتياجه إلى تفحّص العصابة عن أحوال كلّ من يروي هؤلاء عنه وحصول الوثوق لهم على صحّة أخبارهم ـ في غاية البعد ، مع أنّ تنزيل العبارة على هذا المعنى محتاج إلى الإضمار ، ويجيء حينئذٍ في معنى العبارة بالنسبة إلى المرويّ عنه الإحتمالاتُ الأربعة السابقة ويزيد البُعد بالنسبة إلى بعضها كما عرفت .
ومنها : قولهم : «صحيح الحديث» .
ويظهر الإحتمالات فيه من سابقه .
وقد أشرنا وسيجيء أنّ المراد بالصحيح عند القدماء ما وثقوا بكونه من المعصوم ، قطعاً أو ظنّاً ، داخليّةً كانت القرائن أو خارجيّةً ، فيظهر بملاحظة ذلك ، وملاحظة أنّ الحديث والخبر في عرفهم مترادفان ، وأنّ المراد منها ما يحكي فعل المعصوم أو قوله أو تقريره: أنّ مُفاد العبارة كمفاد سابقتها إلاّ في الإجماع والعموم.

1.تقدّم نقله في ص ۸۸ ـ ۸۹ .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 54517
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي