201
الفوائد الرجاليّة

وهو فنّ مهمّ من علم الحديث يجب التثبّت فيه أشدَّ تثبّتٍ ؛ لانتشار اللغة وكثرة معاني الألفاظ الغريبة ، فربما ظهر معنى مناسب للمراد والمقصود غيره ممّا لم يقع الوصول إليه .
وأوّل من صنّف فيه قيل : إنّه أبو عبيده معمّر بن المثنّى ۱ ، وقيل : غيره . ۲
ثمّ تصدّى لذلك جمع وتبعهم غيرهم بزوائدَ وفوائدَ كابن الأثير فإنّه بلغ في ذلك النهايةَ ، ثمّ الزمخشري ففاق في الفائق كلّ غاية والهروي في غريبيه غريب القرآن مع الحديث وغير من ذكر من العلماء .
ومنها : المقبول، وهو الحديث الذي تلقّوه بالقبول والعمل بمضمونه من غير التفات إلى صحّته وعدمها . وبهذا الإعتبار يدخل هذا النوع في القسم المشترك .
ويمكن بملاحظة أنّ الصحيح مقبول مطلقاً إلاّ لعارضٍ جعله من أنواع الضعيف ، ووهنه ظاهر ؛ فإنّ الصحيح كما يطرؤه عدم القبول لعارض كذا الضعيف والموثّق والحسن ـ عند من لا يعمل بها ـ قد يطرؤه القبول لعارض ، فوصف المقبولة مشترك بين الأقسام ، فلا وجه للاختصاص .
وذلك كمقبولة عمر بن حنظلة في حال المتخاصمين وأمرهما بالرجوع إلى رجل من أصحابنا قد روى أحاديثهم وعرف أحكامهم ؛ فإنّها مع اشتمال سندها على محمّد بن عيسى وداود بن الحصين الضعيفين وعمر بن حنظلة وهو ممّن لم ينصّ أصحاب الرجال فيه بجرح ولا تعديل قبل الأصحاب متنها وعملوا بمضمونها ، بل جعلوها عمدة التفقّه واستنبطوا منها شرائطه كلّها .
وهذه ثمانيةَ عَشَرَ قسماً من الأقسام المشتركة بين الأقسام ووجه الإشتراك بعد التأمّل واضح .

1.معرفة علوم الحديث : ۸۸ .

2.كنضر بن شميل . انظر نفس المصدر .


الفوائد الرجاليّة
200

وكما لو دلّ أحدهما بظاهره على الحرمة ، والآخَر على الجواز للثاني ؛ فإنّ العرف يفهم منه صرف الحرمة عن الظاهر . وإلاّ لابدّ من الرجوع إلى المرجّحات المقرّرة في الأُصول . هذا إذا كان الخبران من الأخبار المعتبرة ، وإلاّ سقط ذلك رأساً ، ولا محيص عن الأخذ بالمعتبر . وجمْع الشيخ جمع تبرّعي كما يظهر من أوّل الاستبصار ۱ .
ومنها : الناسخ والمنسوخ ، فإنّ من الأحاديث ما ينسخ بعضها بعضاً كالكتاب .
والناسخ مادلّ على رفع حكم شرعيّ سابق ، والمنسوخ ما رفع حكمه الشرعي بدليل شرعيّ متأخّر منه . وطريقة معرفته النصّ ـ كقوله صلى الله عليه و آله : «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها » ۲ أو نقل الصحابي المعتبر كقولهم : كان آخر الأمرين من رسول اللّه تركَ الوضوء ممّا مسّته النار ۳ ـ أو التأريخُ ؛ فإنّ المتأخّر منهما ناسخ للمتقدّم لما روي عن الصحابة : كنّا نعمل بالأحدث فالأحدث ۴ ، أو الإجماعُ كحديث قتل شارب الخمر في المرّة الرابعة ۵ نسخه الإجماع حيث لا يتخلّل الحدّ . وأمّا نفس الإجماع فقالوا : إنّه لا ينسخ بنفسه وإنّما يدلّ على النسخ ، وفيه كلام ؛ فإنّ الكلام فيه كسائر الأدلّة الشرعيّة .
ومنها : الغريب لفظاً ، وثمرة التقييد الإحتراز عن الغريب المطلق وهو الغريب متناً أو إسناداً ـ وقد مرّ ـ وهو ما اشتمل متنه على لفظ غامض بعيد عن الفهم لقلّة استعمال في الشائع من اللغة .

1.الاستبصار ۱ : ۵ .

2.المسند للشافعي : ۳۶۱ ؛ المسند لأحمد ۱ : ۱۴۵ و۴۵۲ و۵ : ۳۵۵ ؛ صحيح مسلم ۶ : ۸۲ ؛ سنن ابن ماجة ۱ : ۵۰۱ ؛ سنن أبي داود ۲ : ۸۷ ؛ سنن النسائي ۴ : ۸۹ و۷ : ۲۳۴ .

3.سنن الترمذي ۱ : ۵۴ / ۵۹ ؛ سنن النسائي ۱ : ۱۰۸ .

4.المسند للشافعي : ۱۵۷ ؛ سنن الدارمي ۲ : ۹ ؛ سنن مسلم ۳ : ۱۴۱ .

5.فتح الباري ۱۲ : ۷۱ .

  • نام منبع :
    الفوائد الرجاليّة
    المساعدون :
    رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1424ق / 1382ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 54544
الصفحه من 271
طباعه  ارسل الي