269
المناهج الروائية عند شريف المرتضي

منهجية الاُسس الدلالية

الدلالة هي الأساس والرصيد في المنظومة المعرفية عند الشريف المرتضى قدس سره ؛ ولهذا يسعى في موارد عديدة من كتبه وبحوثه خصوصا الأدلّة التنزيهية منها أن يجد لها مخرج ولا يطيح بالدلالة ، فهو يقول بهذا الصدد: «ولهذا لا تقبل أخبار الجبر
والتشبيه ونردّها أو نتأوّلها إن كان لها مخرج سهل». ۱
وعلى هذا الأساس يندر أن نجد في كتبه ردّا للخبر بالمرّة ، بل سعى قدس سره في كلّ حديث أن يتمحّل له من الوجوه والتأويلات قد بلغ بعض منها إلى خمسة تقريبا ، وليس هذا إلاّ نحو تصحيح للخبر بوجه من الوجوه.
وفي نفس الوقت الّذي يصحح دلالة الخبر يجعل ضعف الدلالة هي أحد المضعّفات ، فهو يستفيد من ضعف دلالة الخبر وإن صحّح سنده ، وسوف نشير إلى ذلك في عدّة نقاط:

1.المصدر السابق : ص ۵۳.


المناهج الروائية عند شريف المرتضي
268

الموضع الثاني

من الحوادث والأخبار الّتي وقع الاختلاف فيها هو أنّه روي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام خطب بنت أبي جهل بن هشام في حياة النبيّ صلى الله عليه و آله حتّى بلغ ذلك السيّدة الزهراء عليهاالسلام ، وشكته إلى النبيّ صلى الله عليه و آله ، فقام على المنبر قائلاً : « إنّ عليا آذاني يخطب بنت أبي جهل بن هشام ، ليجمع بينها وبين ابنتي فاطمة ، ولن يستقيم الجمع بين بنت ولي اللّه وبين بنت عدوّه .
أما علمتم ـ معشر الناس ـ أنّ من آذى فاطمة فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى اللّه تعالى».۱

والشريف المرتضى قدس سره طبقا لمنهجه التحقيقي في تنزيه الأئمّة عليهم السلام نقح المسألة سندا ودلالةً ، فصرّح بعدّة اُمور من الناحية السندية:
1 . إنّ هذا خبر باطل موضوع غير معروف، ولا ثابت عند أهل النقل.
2 . إنّ هذا الخبر هو طعن من الكرابيسي في الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ذكره
معارضا لبعض ما يذكره شيعته من الأخبار في أعدائه. ۲
إمّا من ناحية الدلالة فنرى الشريف المرتضى قدس سره يرد الخبر على مبانيهم لا مبانينا الشيعية ، حيث يعتقد أنّ ما فعله الإمام علي عليه السلام ما كان محظورا في الشريعة ، لأنّ نكاح الأربع جائز في الشريعة ، فكيف ينكره النبيّ صلى الله عليه و آله ؟
ولا يخفى على القارئ أنّ هذا التوجيه يستقيم على مباني جمهور أهل السنّة دون المتعارف بين عقائد الإمامية ؛ فإنّه لا يجوز للإمام علي عليه السلام أن يتزوّج في حياة السيّدة الزهراء عليهاالسلام عليها .
وعلى هذا الاعتقاد رتّب الشريف المرتضى قدس سره عدّة لوازم ومحاذير عليه. ۳
وفي مطاف البحث يحمل الشريف المرتضى قدس سره على الخبر بشدة ، ويجعل ما تضمّن هذا الخبر الخبيث أعظم من الطعن على أمير المؤمنين عليه السلام ، ويعتقد أنّ صانع هذا الخبر إلاّ ملحد قاصد للطعن عليها ، أو ناصب معاند ، لا يبالي أن يشفي غيظه بما يرجع على اُصوله بالقدح والهدم ؛ لأنّه كيف يخالفه صلى الله عليه و آله إذ لم يعد من أمير المؤمنين عليه السلام خلاف ولا كان قط بحيث يكره على اختلاف الأحوال ، وتقلّب الأزمان ، وطول الصحبة. ۴

1.روي هذا الحديث في عدّة مصادر ، راجع : تنزيه الأنبياء والأئمة عليهم السلام : ص ۲۵۸ .

2.المصدر السابق : ص ۲۵۸.

3.المصدر السابق : ص ۲۵۸ ـ ۲۵۹.

4.المصدر السابق : ص ۲۶۰.

  • نام منبع :
    المناهج الروائية عند شريف المرتضي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 71294
الصفحه من 358
طباعه  ارسل الي