207
المناهج الروائية عند شريف المرتضي

النموذج الأوّل

ممّا دلّ على ولاية الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ما روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي» .
يقول الشريف المرتضى قدس سره: «وأمّا الّذي يدلّ على أنّ هارون عليه السلام لو بقي بعد موسى عليه السلام لكان خليفته على اُمته فهو: إنّه قد ثبتت خلافته له عليهم في حال حياته ، فلو بقي إلى حال الوفاة لم يجز خروجه عن هذه المنزلة ، وتغيّر حاله فيها ؛ لأنّه يقتضي التنفير عنه عليه السلام ، ولابدَّ من أن يجنب اللّه تعالى أنبياءه ـ صلوات اللّه عليهم ـ كلّ ما يقتضي التنفير .
ولا شبهة في اقتضاء ذلك لما ذكرناه ؛ لأنّ خلافة هارون عليه السلام لأخيه ـ صلوات اللّه عليهما ـ منزلة في الدّين جليلة ورتبة فيه رفيعة توجب تعظيماً وتبجيلاً ، وفي خروجه عنها لا محالة تنفير لا شبهة في حصوله». ۱

النموذج الثاني

في قضية فدك أنّ النبي صلى الله عليه و آله نحل السيّدة الزهراء عليهاالسلام فدك ، وملكها إياها ، وجعلها في يدها، يقول الشريف المرتضى قدس سره: «والّذي يدلّ على استحقاقها عليهماالسلاملفدك من جهة النحلة: أنّها ادعت ذلك بغير شكّ، وقد اجتمعت الاُمة على أنّها ـ صلوات اللّه عليها ـ ما كذبت في هذه الدعوى، ومن ليس بكاذب لابدَّ من أن يكون صادقاً، وإنّما اختلفوا في هل يجب مع العلم بصدقها تسليم ما ادعته بغير بينة أو لا يجب ذلك؟
وممّا يدلّ أيضاً على صدقها ـ صلوات اللّه عليها ـ في دعواها قيام الدلالة على عصمتها، ويدلّ على ذلك قوله تعالى : « إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا »۲ ، وقد روى أهل النقل بغير خلاف بينهم أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله جلّل
علياً وفاطمة والحسن والحسين ـ صلوات اللّه عليهم ـ بكساء ، وقال صلى الله عليه و آله : « اللّهمّ إنّ هؤلاء أهل بيتي ، فاذهب عنهم الرجس ، وطهرهم تطهيراً » ، فنزلت الآية ، وكان ذلك في بيت اُمّ سلمة ـ رضي اللّه عنها ـ ، فقالت له صلى الله عليه و آله : ألست من أهل بيتك؟
فقال صلى الله عليه و آله : « لا ، إنّك على خير » .
وليس تخلو الإرادة المذكورة في الآية من أن تكون إرادة محضة لم يتبعها الفعل، أو تكون إرادة وقع الفعل عندها، وقطع انتفاء الرجس والقبائح بعد نزولها.
والمعنى الأوّل باطل ؛ لأنّ لفظة « إِنَّمَا » تفيد الاختصاص ، ونفي الحكم عمّن عدا من تعلّقت به، وقد بيّنا ذلك في قوله جل وعلا : « إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ » ، ولا اختصاص لأهل البيت ـ صلوات اللّه عليهم ـ بهذه الإرادة ، بل هي عامّة لكلّ مكلّف، فثبت أنّها إرادة وقع مرادها». ۳

1.الذخيرة في علم الكلام : ص ۴۵۲ ـ ۴۵۳.

2.الأحزاب : ۳۳ .

3.الذخيرة في علم الكلام : ص ۴۷۸ ـ ۴۷۹.


المناهج الروائية عند شريف المرتضي
206

القياس المنطقي في الأدلّة العقائدية

يعتبر القياس المنطقي من أقوى الحجج العقلية،وهو موضع قبول جميع الفرق الإسلاميّة، بل مطلق الدّيانات السماوية وغيرها . وقد ملئت كتب الشريف المرتضى قدس سرهمن هذا النوع من القياس المركب من الصغرى والكبرى والنتيجة ، أو مانعة الجمع والخلو ، وكذا باقي الأشكال المنطقية ، وإليك نماذج على صورة القياس المنطقي :

  • نام منبع :
    المناهج الروائية عند شريف المرتضي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 71298
الصفحه من 358
طباعه  ارسل الي