275
الرواشح السماوية

بمضمون الحديث مطلقاً .
وربّما قيل بترجيح الثاني ودفع «الاضطراب» من حيث عمل الشيخ في النهاية بمضمونه ، فيرجّح على الرواية الأُخرى بذلك ، وبأنّ الشيخ أضبط من الكليني وأعرف بوجوه الحديث . ۱
قال بعض شهداء المتأخّرين : «وفيهما معاً نظر بيّن يعرفه من يقف على أحوال الشيخ وطرق فتواه» . ۲
قلت : ولقد أصاب في نظره .
ومن أحدق بكتاب الكافي لم يَخْفَ عليه تمهّر أبي جعفر الكليني ، وضبطه ومعرفته بوجوه الأحاديث ومسالك الطبقات ، وتوغّله في شعب الأسانيد وطرق الروايات ، وتضلّعه بالعرفان في علوم الأخبار وحقائقها وأسرار الآثار ودقائقها .
ثمّ إنّ صاحب البشرى سمّى مثل ذلك الاضطرابِ تدليسا . ۳ وليس بصحيح ، فهو إمّا سهو منه ، أو اصطلاح آخَرُ غير ما عليه المحدّثون .
و«الاضطراب» في المتن قد يكون من راوٍ واحد كهذه المرفوعة المضطربة عن أبان .
وقد يكون من رواةٍ يروي كلّ واحد منهم على خلاف ما يرويه الآخر ، وذلك كثير في أضعاف الأحاديث .

المقلوب

وهو أيضا قد يكون في السند ، وذلك أن يكون حديث قد ورد بطريق فيقلب الطريق طريقا آخر غيره ، إمّا بمجموعه ، أو ببعض رجاله خاصّةً .

1.القائل هو المحقّق الثاني في جامع المقاصد ۱ : ۲۸۱ ـ ۲۸۲ .

2.شرح البداية : ۵۷ .

3.البشرى فُقد ولم يصل إلينا . وحكاه عنه في شرح البداية : ۵۷ .


الرواشح السماوية
274

راويها أحفظَ أو أضبط ، أو أكثرَ صُحبةً للمرويّ عنه ، ونحو ذلك ـ فالحكم للراجح ، ولاهنالك مضطرب .
و«الاضطراب» قد يكون في السند دون المتن ، كأن يرويه تارةً عن أبيه عن جدّه ، وتارةً ثانيةً عن جدّه بلاواسطة ، وتارةً ثالثة عن ثالث غيرهما كما اتّفق ذلك في رواية أمر النبيّ صلى الله عليه و آلهبالخطّ للمصلّي سُتْرَةً ، حيث لايجد العصا . ۱ وعندي أنّ ذلك يلحق بباب المزيد في الإسناد ، وبباب المتعدّد في بعض السند ، وهو قسم من عالي الإسناد وليس هو من الاضطراب في شيء إلاّ أن يعلم وقوعه منه على الاستبدال .
والحكم على تلك الرواية بالاضطراب ليس لمجرّد هذه الجهة ۲ أو أن يخالف في الترتيب كان يرويه تارةً مثلاً عن أبي بصير ، عن زرارة ، عن الصادق عليه السلام . وأُخرى يعكس فيرويه عن زرارة ، عن أبي بصير ، عن الصادق عليه السلام .
وقد يكون في المتن دون السند كخبر اعتبار الدم عند اشتباهه بالقرحة بخروجه من الجانب الأيمن ، فيكون حيضاً ، أو بالعكس . فالرواية ـ وهي مرفوعة محمّد بن يحيى عن أبان ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ـ في الكافى ، ۳ وفي طائفة من نسخ التهذيب ـ على الوجه الأوّل ، ۴ وفي بعض نسخ التهذيب على الوجه الثاني . ۵ واختلفت الفتوى بسبب ذلك حتّى من الفقيه الواحد ، ۶ مع أنّ الاضطراب في المتن يمنع من العمل

1.سنن ابن ماجة ۱ : ۳۰۳ ، ح ۹۴۳ ، الباب ۳۶ ؛ مقدّمة ابن الصلاح : ۷۴ .

2.في حاشية «أ» و «ب» : «بل إنّما ذلك لما قد حكاه بعض المحصّلين من أهل الدراية من العامّة : أنّ أحدا روى رواية تارة . . . تارةً عن أبي عمرو بن محمّد بن حريث ، عن جدّه حريث بسائر الإسناد ، وتارةً عن أبي عمرو بن محمّد بن حريث ، عن أبيه بالإسناد ، وثالثة عن أبي عمرو محمّد بن عمرو بن حريث بن سليم بالإسناد ، ورابعة عن أبي عمرو بن حريث ، عن جدّه حريث ، وخامسةً عن حريث بن عمّار بالإسناد ، وسادسةً عن أبي عمرو بن محمّد ، عن جدّه حريث بن سليمان ، وسابعةً عن أبي محمّد بن عمرو بن حريث ، عن جدّه حريث ، رجل من بني عذرة ثمّ قال : إنّ فيه اضطراباً غير ما ذكر . (منه مدّ ظلّه العالي)» . وانظر مقدّمة ابن الصلاح : ۷۴ .

3.الكافي ۳ : ۹۴ ـ ۹۵ ، باب معرفة دم الحيض والعذرة والقرحة ،ح ۳ .

4.حكاه عن كثير من نسخ التهذيب الشهيد في الذكرى ۱ : ۲۲۹ ـ ۲۳۰ .

5.تهذيب الأحكام ۱ : ۳۸۵ ـ ۳۸۶ ، ح ۱۱۸۵ ، باب في الحيض والاستحاضه . . . .

6.كالشهيد في الذكرى ۱ : ۲۲۹ فإنّه قال بالأوّل ، وفي البيان : ۵۷ قال بالثاني .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    المساعدون :
    قيصريه ها، غلامحسين؛ الجليلي، نعمة الله؛ محمدي، عباس؛ رضا نقي، غلام
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1422 ق / 1380 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 82151
الصفحه من 360
طباعه  ارسل الي