دخول بلد فيه الطاعون والوبا . ۱ ونحو ذلك .
وقال بعضهم : كأنّه صلى الله عليه و سلم كره ذلك مخافةَ أن يحدث في مال المُصِحّ ، أو في بدن الصحيح ما بمال الممرض أو ببدن المَعيُوه من العاهة والمرض ، فالجاهل يسمّي ذلك «عَدوى» ويجعله إعداءً من فعل الطبيعة ، لا قضاءً وقَدَرا بإذن اللّه سبحانه ، فيأثم بذلك .
وإذا كان المتضادّان بحيث لايتيسّر الجمع بينهما ، فإن علمنا أنّ أحدهما ناسخ قدّمناه ، وإلاّ رجعنا إلى المرجّحات المقرّرة في علم الأُصول ، وهذا أهمّ فنون علم الحديث يُضطَرّ إليه طوائف العلماء عموما ، والفقهاء خصوصا . وإنّما يملك القيامَ به الأئمّة المتثقّفون من المتضلّعين في الحكمة والأُصول والفقه ، والغوّاصين في المنطق والمعاني والبيان .
وقد صنّف فيه من فقهاء العامّة الشافعيُّ كتابَه المعروف ۲ ولم يقصد استيعابه ، بل زعم أنّه ذكر جملةً تُنبِّه العارفَ على طريق الجمع بين الأحاديث في غير ما ذكره .
ثمّ ابن قتيبة صنّف كتابه المشهور . ۳
ومن أصحابنا شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي رحمه الله صنّف كتاب الاستبصار فيما اختلف من الأخبار ، ولنا بفضل اللّه سبحانه وجوه لطيفة ونكات دقيقة في تضاعيف أبواب هذا الفنّ.
وبالجملة: كلٌّ يتكلّم فيالجمع على مقدار فهمه، وقلَّما يتّفق فهمان على جمعٍ واحد.
الناسخ والمنسوخ
كما في القرآن ناسخ ومنسوخ كذلك في الأحاديث ما ينسِخ وما يُنسَخ . وحقيقة النسخ مطلقا بيان انتهاء ۴ حكم شرعي وبتِّ استمراره ، والكشفُ عن غايته ، لارفع
1.مسند أحمد ۱ : ۴۰۷ ، ح ۱۶۶۶ .
2.هو مختلف الحديث للإمام الشافعي ، طبع في هامش كتابه الأُمّ .
3.هو تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة .
4.في حاشية «أ» و «ب» : «فيه ردٌّ علي الطيبى من علماء العامّة وعلي زين المتأخرّين من أصحابنا . (منه دام ظلّه أبدا)» .