105
الرواشح السماوية

وساغ الطعن في الطريق .
فأمّا «المجهول» و«المهمل» ـ لابمعنى المصطلح عليه عند أرباب هذا الفنّ ، بل بالعرف العامّي أعني المسكوت عن ذكره رأساً أو عن مدحه وذمّه ـ فعلى المجتهد أن يتتبّع مظانَّ استعلام حاله من الطبقات والأسانيد والمَشيخات والإجازات والأحاديث والسِيَر والتواريخ وكتب الأنساب ۱ ومايجري مجراها ، فإن وقع إليه مايصلح للتعويل عليه فذاك ، وإلاّ وجب تسريح الأمر إلى بقعة التوقّف ، وتسريح القول فيه إلى موقف السكوت عنه .
ومن غرائب عصرنا هذا أنّ القاصرين عن تعرّف القوانين والأُصول سُوَيعاتٍ من العمر يشتغلون بالتحصيل ، وذلك أيضاً لاعلى شرائط السلوك ، ولا من جوادّ السبيل ، ثمّ يتعدَّوْن الحدَّ ويتجرّؤون في الدين ، فإذا تصفّحوا وُرَيقاتٍ قد استنسخوها ، وهم غير متمهّرين في سبيل علمها ومسلك معرفتها ، ولم يظفروا بالمقصود منها بزعمهم ، استحلّوا الطعن في الأسانيد ، والحكمَ على الأحاديث بالضعف ، فترى كتبهم وفيها في مقابلة سندٍ سندٍ على الهامش : «ضعيفٌ ضعيف» وأكثرها غير مطابق للواقع .
وبما أدريناك دريتَ فقه كلام شيخنا الشهيد السعيد في الذكرى في أقلّ عدد تنعقد به الجمعة ، فقال :
الأظهر في الفتوى أنّه خمسة أحدهم الإمام ، رواه زرارة عن الباقر عليه السلام ، ۲ ورواه منصور في الصحيح عن الصادق عليه السلام . ۳

1.في حاشية «ب» و«ج» : «مثل : عليّ بن عيسى الهاشمي فإنّ توثيقه مذكور في كتاب النسب لابن طاوس . (منه مدّ ظلّه العالي)» .

2.الكافي ۳ : ۴۱۹ ، باب وجوب الجمعة وعلى كم تجب ، ح ۴ ؛ تهذيب الأحكام ۳ : ۲۴۰ / ۶۴۰ ، باب العمل في ليلة الجمعة ويومها .

3.تهذيب الأحكام ۳ : ۲۳۹ / ۶۳۶ ، باب العمل في ليلة الجمعة ويومها ؛ الاستبصار ۱ : ۴۱۹ / ۱۶۱۰ ، باب العدد الذين يجب عليهم الجمعة .


الرواشح السماوية
104

الراشحة الثالثة عشر

[ في المجهول الاصطلاحي واللغوي ]

«المجهول» اصطلاحيّ ، وهو مَن حكم أئمّة الرجال عليه بالجهالة ، كإسماعيل بن قتيبة من أصحاب الرضا عليه السلام ، وبشير المستنير الجعفي من أصحاب الباقر عليه السلام .
ولغوي ، وهو مَن ليس بمعلوم الحال ؛ لكونه غير مذكور في كتب الرجال ، ولا هو من المعهود أمرُه المعروفِ حالُه من حال مَن يروي عنه من دون حاجة إلى ذكره .
والأوّل متعيّن بأنّه يُحكم بحَسَبه ومن جِهته على الحديث بالضعف ، ولايعلّق الأمر على الاجتهاد فيه واستبانةِ حاله ، على خلاف الأمر في الثاني ؛ إذ ليس يصحّ ولايجوز بحَسَبه ومن جِهته أن يحكم على الرواية بالضعف ولا بالصحّة ولابشيء من مقابلاتهما أصلاً ، ما لم يستبِن حاله ولم يتّضح سبيل الاجتهاد في شأنه .
أليس كما ل «الصحيح» و «الحسن» و «الموثّق» و «القويّ» أقسام معيّنة لاتتصحّح إلاّ بألفاظ مخصوصة معيّنة من تلقاء أئمّة الحديث والرجال في إزائها ، ولايجوز إطلاقها على الحديث إلاّ بالأخذ من مآخذها والاستناد إلى مداركها؟ كذلك «الضعيف» أيضاً قسم معيّن لايحكم به إلاّ من سبيل ألفاظ مخصوصة .
وبالجملة : جهالة الرجل ـ على معنى عدم تعرّف حاله من حيث عدم الظفر بذكره أو بمدحه وذمّه في الكتب الرجالية ۱ ـ ليست ممّا يسوِّغ الحكمَ بضعف السند ، أو الطعنَ فيه ، كما ليست تسوّغ تصحيحَه أو تحسينه أو توثيقه ، إنّما تكون «الجهالة» و «الإهمال» من أسباب الطعن ، بمعنى حكم أئمّة الرجال على الرجل بأنّه «مجهول» أو «مهمل» فمهما وجد شيء من ألفاظ الجرح انصرم التكليف بالفحص والتفتيش ،

1.في «أ» : «كتب الرجال» .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    المساعدون :
    قيصريه ها، غلامحسين؛ الجليلي، نعمة الله؛ محمدي، عباس؛ رضا نقي، غلام
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1422 ق / 1380 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 82148
الصفحه من 360
طباعه  ارسل الي