429
مكاتيب الأئمة ج5

300

كتابه عليه السلام إلى بكر بن صالح

في برّ الوالدين

۰.أحمد بن محمّد عن أبيه محمّد بن الحسن بن الوليد القمّي ، عن محمّد بن الحسن الصّفار ، عن العبّاس بن معروف ، عن عليّ بن مهزيار ، عن بكر بن صالح۱، قال : كتب صِهرٌ لي إلى أبي جعفرٍ الثّاني عليه السلام : إنّ أبي ناصبٌ خبيثُ الرّأي ، و قد لقيتُ منه شدّةً وجَهداً ، فرأيُك ـ جُعلت فِداك ـ في الدُّعاء لي ، و ما ترَى ـ جُعلت فداك ـ أفترى أن اُكاشفه ، أم اُداريه ؟
فكتب عليه السلام :
قَد فَهِمتُ كِتَابَك وَ ما ذَكَرتَ مِن أَمرِ أَبيكَ ، وَلَستُ أَدَعُ الدُّعاءَ لَكَ إِن شاءَ اللّهُ وَ المُدَاراةُ خَيرٌ لَكَ مِنَ المُكاشَفَةِ ، وَ مَعَ العُسرِ يُسرٌ ، فاصبِر إِنَّ العاقِبَةُ لِلمُتَّقينَ ثَبَّتَك اللّهُ عَلى وِلايَةِ مَن تَوَلَّيتَ ، نَحنُ وَ أَنتُم في وَديعَةِ اللّهِ الَّذي لا تَضيعُ وَدَائِعُهُ .
قال بكر : فعطف اللّه بقلب أبيه حتّى صار لا يُخالفه في شيءٍ . ۲

1.راجع : ص ۲۵۰ الرقم ۱۷۳ .

2.الأمالي للمفيد : ص۱۹۱ ح۲۰ ، بحار الأنوار : ج۵۰ ص۵۵ ح۳۴ و ج۷۴ ص۷۹ ح۸۰ .


مكاتيب الأئمة ج5
428

عن ذي الكفل ما اسمه ؟ و هل كان من المرسلين ؟
فكتب عليه السلام :بَعَثَ اللّهُ تَعالى جَلَّ ذِكرُهُ مِئَةَ أَلفَ نَبيٍّ وَ أَربَعَةَ وَ عِشرينَ أَلفَ نَبيٍّ ، المُرسَلونَ مِنهُم ثَلاثُمِئَةِ وَ ثَلاثَةُ عَشَرَ رَجُلاً ، وَ أَنَّ ذا الكِفلِ مِنهُم صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِم ، وَ كانَ بَعَدَ سُلَيمانَ بنِ داوودَ ، وَ كانَ يَقضي بَينَ النّاسِ كَما كانَ يَقضي داوودَ عليه السلام ، وَ لَم يَغضَب إِلَا للّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، وَ كانَ اسمُهُ عَويديا ، وَ هوَ الَّذي ذَكَرَهُ اللّهُ تَعالى جَلَّت عَظَمَتُهُ في كِتابِهِ حَيثُ قالَ : « وَ اذكُر إِسمَـعِيلَ وَ اليَسَعَ وَ ذَا الكِفلِ وَ كُلٌّ مِّنَ الْأَخْيَارِ » 1 . 23

1.ص : ۴۸ .

2.بيان : قال الشّيخ أمين الدّين الطّبرسي: أمّا ذو الكفل فاختُلف فيه ، فقيل : إنّه كان رجلاً صالحاً و لم يكن نبيّاً، و لكنّه تكفّل لنبيٍّ صوم النّهار و قيام اللّيل ، وأن لا يغضب ، و يعمل بالحقّ ، فوفى بذلك فشكر اللّه ذلك له ، عن أبي موسى الأشعريّ و قتادة ومجاهد . و قيل : هو نبيّ اسمه ذو الكفل ، عن الحسن ، قال : و لم يقصّ اللّه خبره مفصّلاً . و قيل : هو إلياس ، عن ابن عبّاس . و قيل : كان نبيّاً وسُمّي ذا الكفل بمعنى أنّه ذو الضّعف ، فله ضعف ثواب غيره ممّن هو في زمانه ؛ لشرف عمله ، عن الجبائيّ . و قيل : هو اليسع بن خطوب الّذي كان مع إلياس ، و ليس اليسع الّذي ذكره اللّه في القرآن ، تكفّل لملك جبّار إن هو تاب دخل الجنّة ، ودفع إليه كتاباً بذلك ، فتاب الملك و كان اسمه كنعان ، فسُمّي ذا الكفل ، و الكفل في اللّغة : الخطّ . و في كتاب النّبوّة بالإسناد عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني و ذكر نحواً ممّا مرّ . انتهى . و قال البيضاويّ : و ذا الكفل يعني إلياس ، و قيل : يوشع ، و قيل : زكريّا . وقال بعض المؤرّخين : إنّه بشر بن أيّوب الصّابر ، و ذهب أكثرهم إلى أنّه كان وصيّ اليسع ، و قد مرّ في الباب الأوّل أنّه يوشع ، و قد مرّ منّا فيه كلام ، وإنّما أوردناه في تلك المرتبة تبعاً لأكثر المؤرّخين، وإن كان يظهر من الخبر أنّه كان بعد سليمان عليه السلام ، و ذكر المسعودي أنّ حزقيل وإلياس و ذا الكفل وأيّوب كانوا بعد سليمان عليه السلام . و قال الثّعلبي في كتاب العرائس : و قال بعضهم : ذو الكفل بشر بن أيّوب الصّابر، بعثه اللّه بعد أبيه رسولاً إلى أرض الرّوم ، فآمنوا به و صدقوه و اتّبعوه ، ثمّ إنّ اللّه تعالى أمره بالجهاد فكاعوا عن ذلك و ضعفوا ، و قالوا : يا بشر ! إنّا قوم نحبّ الحياة و نكره الموت ، و مع ذلك نكره أن نعصي اللّه ورسوله ، فإن سألت اللّه تعالى أن يطيل أعمارنا و لا يميتنا إلّا إذا شئنا لنعبده و نجاهد أعداءه . فقال لهم بشر بن أيّوب : لقد سألتموني عظيماً وكلفتموني شططاً. ثمّ إنّه قام و صلّى ودعا و قال : إلهي أمرتني أن نجاهد أعداءك ، وأنت تعلم أنّي لا أملك إلَا نفسي ، وأنّ قومي قد سألوني ما أنت أعلم به منّي ، فلا تأخذني بجريرة غيري ، فإنّي أعوذ برضاك من سخطك ، و بعفوك من عقوبتك . قال : وأوحى اللّه تعالى إليه : يا بشر ! إنّي سمعت مقالة قومك ، وإنّي قد أعطيتهم ما سألوني ، فطوّلت أعمارهم فلا يموتون إلّا إذا شاؤوا ، فكن كفيلاً لهم منّي بذلك . فبلّغهم بشر رسالة اللّه فسُمّي ذا الكفل. ثمّ إنّهم توالدوا و كثروا و نموا حتّى ضاقت بهم بلادهم ، و تنغّصت عليهم معيشتهم ، و تأذّوا بكثرتهم ، فسألوا بشراً أن يدعو اللّه تعالى أن يردّهم إلى آجالهم ، فأوحى اللّه تعالى إلى بشر : أما علم قومك أنّ اختياري لهم خير من اختيارهم لأنفسهم ؟ ثمّ ردّهم إلى أعمارهم فماتوا بآجالهم . قال : فلذلك كثرت الرّوم حتّى يُقال : إنّ الدّنيا خمسة أسداسها الرّوم ، وسُمّوا روماً لأنّهم نسبوا إلى جدّهم روم بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام ، قال و هب : وكان بشر بن أيّوب مقيماً بالشّام عمره حتّى مات ، و كان عمره خمساً و تسعين سنة . و قال السيّد بن طاوس في سعد السّعود : قيل : إنّه تكفّل للّه تعالى جلّ جلاله أن لا يُغضبه قومه فسمّي ذو الكفل ، و قيل : تكفّل لنبي من الأنبياء أن لا يغضب فاجتهد إبليس أن يغضبه بكلّ طريق فلم يقدر ، فسُمّي ذو الكفل لوفائه لنبيّ زمانه أنّه لا يغضب .

3.صص الأنبياء : ص۳۲۲ ح۲۷۸ ، بحار الأنوار : ج۱۳ ص۴۰۵ ح۲ وراجع : مجمع البيان : ج۴ ص۵۹ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمة ج5
    المساعدون :
    الفرجي، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1387
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 110545
الصفحه من 464
طباعه  ارسل الي