369
مكاتيب الأئمّة ج6

الحَيرَانِ المَلهُوفِ ، وَمُرشِدُ الضَّالِّ المَكفُوفِ ، تَشهَدُ خَوَاطِرَ أَسرَارِ المُسِرِّينَ كَمُشَاهَدَتِكَ أَقوَالَ النَّاطِقِينَ ، أَسأَ لُكَ بِمُغَيَّبَاتِ عِلمِكَ فِي بَوَاطِنِ سَرَائِرِ المُسِرِّينَ إِلَيكَ ، أَن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ، صَلاةً نَسبِقُ بِهَا مَنِ اجتَهَدَ مِنَ المُتَقَدِّمِينَ ، وَنَتَجَاوَزُ فِيهَا مَن يَجتَهِدُ مِنَ المُتَأَخِّرِينَ ، وَأَن تَصِلَ الَّذِي بَينَنَا وَبَينَكَ صِلَةَ مَن صَنَعتَهُ لِنَفسِكَ وَاصطَنَعتَهُ لِعَينِكَ فَلَم تَتَخَطَّفهُ خَاطِفَاتُ الظِّنَنِ ۱ ، وَلا وَارِدَاتُ الفِتَنِ ، حَتَّى نَكُونَ لَكَ فِي الدُّنيَا مُطِيعِينَ وَفِي الآخِرَةِ فِي جِوَارِكَ خَالِدِينَ .

قنوت الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام :

۰.اللّهُمَّ مِنكَ البَدءُ وَلَكَ المَشِيئَةُ [ المَشِئَةُ ] وَلَكَ الحَولُ وَلَكَ القُوَّةُ وَأَنتَ اللّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إلّا أَنتَ ، جَعَلتَ قُلُوبَ أَولِيَائِكَ مَسكَناً لِمَشِيئَتِكَ وَمَكمَناً لإِرَادَتِكَ ، وَجَعَلتَ عُقُولَهُم مَنَاصِبَ أَوَامِرِكَ وَنَوَاهِيكَ ، فَأَنتَ إِذَا شِئتَ مَا تَشَاءُ حَرَّكتَ مِن أَسرَارِهِم كَوَامِنَ مَا أَبطَنتَ فِيهِم ، وَأَبدَأتَ مِن إِرَادَتِكَ عَلى أَلسِنَتِهِم مَا أَفهَمتَهُم بِهِ عَنكَ فِي عُقُودِهِم ، بِعُقُولٍ تَدعُوكَ وَتَدعُو إِلَيكَ بِحَقَائِقِ مَا مَنَحتَهُم بِهِ ، وَإِنِّي لأَعلَمُ مِمَّا عَلَّمتَنِي مِمَّا أَنتَ المَشكُورُ عَلى مَا مِنهُ أَرَيتَنِي وَإِلَيهِ آوَيتَنِي .
اللّهُمَّ وَإِنِّي مَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ عَائِذٌ بِكَ ، لائِذٌ بِحَولِكَ وَقُوَّتِكَ ، رَاضٍ بِحُكمِكَ الَّذِي سُقتَهُ إِلَيَّ فِي عِلمِكَ ، جَارٍ بِحَيثُ أَجرَيتَنِي ، قَاصِدٌ مَا أَمَّمتَنِي ، غَيرُ ضَنِينٍ بِنَفسِي فِيمَا يُرضِيكَ عَنِّي إِذ بِهِ قَد رَضَّيتَنِي ، وَلا قَاصِرٌ بِجُهدِي عَمَّا إِلَيهِ نَدَبتَنِي ، مُسَارِعٌ لِمَا عَرَّفتَنِي ، شَارِعٌ فِيمَا أَشرَعتَنِي ، مُستَبصِرٌ مَا بَصَّرتَنِي ، مُرَاعٍ مَا أَرعَيتَنِي ، فَلا تُخلِنِي مِن رِعَايَتِكَ ، وَلا تُخرِجنِي مِن عِنَايَتِكَ ، وَلا تُقعِدنِي عَن حَولِكَ ، وَلا تُخرِجنِي عَن مَقصَدٍ أَنَالُ بِهِ إِرَادَتَكَ ، وَاجعَل عَلى البَصِيرَةِ مَدرَجَتِي ، وَعَلى الهِدَايَةِ مَحَجَّتِي ،

1.. الظِّنة بالكسر : التهمة جمع الظنن كعنب ، ومنه الظنين : المتّهم ( تاج العروس : ج ۱۸ ص ۳۶۴ ) .


مكاتيب الأئمّة ج6
368

لِيَهلِكَ مَن هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحيا مَن حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ، وَإِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ الأَحَدُ البَصِيرُ ، وَأَنتَ اللّه المُستَعَانُ وَعَلَيكَ التَّوَكُّلُ ، وَأَنتَ وَلِيُّ مَن [ مَا ] تَوَلَّيتُ لَكَ الأَمرُ كُلُّهُ ، تَشهَدُ الانفِعَالَ وَتَعلَمُ الاختِلالَ ، وَتَرَى تَخَاذُلَ أَهلِ الجَبَالِ وَجُنُوحَهُم إِلَى مَا جَنَحُوا إِلَيهِ مِن عَاجِلٍ فَانٍ وَحُطَامٍ عُقبَاهُ حَمِيمٌ آنٍ ، وَقُعُودَ مَن قَعَدَ وَارتِدَادَ مَنِ ارتَدَّ ، وَخُلُوِّي مِنَ النُّصَّارِ وَانفِرَادِي عَن الظُّهَارِ ، وَبِكَ أَعتَصِمُ وَبِحَبلِكَ أَستَمسِكُ وَعَلَيكَ أَتَوَكَّلُ .
اللّهُمَّ فَقَد تَعلَمُ أَنِّي مَا ذَخَرتُ جُهدِي وَلا مَنَعتُ وُجدِي ، حَتَّى انفَلَّ حَدِّي وَبَقِيتُ وَحدِي ، فَاتَّبَعتُ طَرِيقَ مَن تَقَدَّمَنِي فِي كَفِّ العَادِيَةِ وَتَسكِينِ الطَّاغِيَةِ ، عَن دِمَاءِ أَهلِ المُشَايَعَةِ ، وَحَرَستُ مَا حَرَسَهُ أَولِيَائِي مِن أَمرِ آخِرَتِي وَدُنيَايَ ، فَكُنتُ لِغَيظِهِم أَكظِمُ وَبِنِظَامِهِم أَنتَظِمُ وَلِطَرِيقِهِم أَتَسَنَّمُ وَبِمِيسَمِهِم أَتَّسِمُ ، حَتَّى يَأتِيَ نَصرُكَ وَأَنتَ نَاصِرُ الحَقِّ وَعَونُهُ ، وَإِن بَعُدَ المُدَى مِنَ المُرتَادِ ۱ وَنَأَى الوَقتُ عَن إِفنَاءِ الأَضدَادِ .
اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ واخرُجهُم مَعَ النُّصَّابِ فِي سَرمَدِ العَذَابِ ، وَأَعمِ عَنِ الرُّشدِ أَبصَارَهُم ، وَسَكِّعهُم فِي غَمَرَاتِ لَذَّاتِهِم ، حَتَّى تَأخُذَهُم بَغتَةً وَهُم غَافِلُونَ ، وَسُحرَةً وَهُم نَائِمُونَ ، بِالحَقِّ الَّذِي تُظهِرُهُ ، وَاليَدِ الَّتِي تَبطِشُ بِهَا ، وَالعِلمِ الَّذِي تُبدِيهِ ، إِنَّكَ كَرِيمٌ عَلِيم .

و دعا عليه السلام في قنوته :

۰.اللّهُمَّ إِنَّكَ الرَّبُّ الرَّؤوفُ ، المَلِكُ العَطُوفُ ، المُتَحَنِّنُ المَألُوفُ ، وَأَنتَ غِيَاثُ

1.. الارتياد: وهو الطلب ( مجمع البحرين: ج ۳ ص ۴۴۴ ) .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج6
    المساعدون :
    الفرجي، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 109299
الصفحه من 453
طباعه  ارسل الي