فأضربوا عنها ، وقالوا : ففي الحُقّة جوهر لا محالة . قال لهم ۱ : تبيعونها ؟ فقالوا : بكَم ؟ قال : يا أبا الحسن ـ يعني ابن شيث الكوثاويّ ـ ادفع إليهم عشر دنانير . فامتنعوا ، فلم يزل يزيدهم ويمتنعون إلى أن بلغ مئة دينار ، فقال لهم : إن بعتم وإلّا ندمتم . فاستجابوا البيع وقبضوا المئة الدينار ، واستثنى عليهم « المُدرّج » والعُكّاز .
فلمّا انفصل الأمر ، قال : هذه عُكّاز مولانا أبي محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ الرضا عليهم السلام ، الّتي كانت في يده يوم توكيله سيّدنا الشيخ عثمان بن سعيد العَمريّ رحمهم الله ووصيّته إليه وغيبته إلى يومنا هذا ، وهذه الحُقّة فيها خواتيم الأئمّة عليهم السلام . فأخرجها فكانت كما ذَكَرَ من جواهرها ونقوشها وعددها ، وكان في « المُدرّج » قنوت موالينا الأئمّة عليهم السلام ، وفيه قنوت مولانا أبي محمّد الحسن بن أمير المؤمنين عليه السلام ، وأملاها علينا من حفظه ، فكتبناها على ما سَطَرَ في هذه المدرجة ، وقال : احتفظوا بها كما تحتفظون بمُهمّات الدين وعَزَمات ربّ العالمين جلّ وعزّ ، وفيها بلاغٌ إلى حين .
قنوت سيّدنا الحسن عليه السلام :
۰.يَا مَن بِسُلطَانِهِ يَنتَصِرُ المَظلُومُ ، وَبِعَونِهِ يَعتَصِمُ المَكلُومُ ، سَبَقَت مَشِيَّتُكَ وَتَمَّت كَلِمَتُكَ وَأَنتَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ وَبِمَا تُمضِيهِ خَبِيرٌ ، يَا حَاضِرَ كُلِّ غَيبٍ وَيَا عَالِمَ كُلِّ سِرٍّ وَمَلجَأَ كُلِّ مُضطَرٍّ ضَلَّت فِيكَ الفُهُومُ وَتَقَطَّعَت دُونَكَ العُلُومُ ، وَأَنتَ اللّهُ الحَيُّ القَيُّومُ الدَّائِمُ الدَّيمُومُ ، قَد تَرَى مَا أَنتَ بِهِ عَلِيمٌ وَفِيهِ حَكِيمٌ وَعَنهُ حَلِيمٌ ، وَأَنتَ بِالتَّنَاصُرِ عَلى كَشفِهِ وَالعَونِ عَلى كَفِّهِ غَيرُ ضَائِقٍ ، وَإِلَيكَ مَرجِعُ كُلِّ أَمرٍ ، كَمَا عَن مَشِيئَتِكَ مَصدَرُهُ وَقَد أَبَنتَ عَن عُقُودِ كُلِّ قَومٍ ، وَأَخفَيتَ سَرَائِرَ آخَرِينَ ، وَأَمضَيتَ مَا قَضَيتَ ، وَأَخَّرتَ مَا لا فَوتَ عَلَيكَ فِيهِ ، وَحَمَلتَ العُقُولَ مَا تَحَمَّلَت فِي غَيبِكَ ،