97
حكم النّبي الأعظم ج1

«وجوب طاعة العقل ومخالفة الجهل» حول معاني العقل ما يلي:
العقل يطلق في كلام العلماء والحكماء على معانٍ كثيرة ۱ ، وبالتتبّع يعلم أنّه يطلق في الأحاديث على ثلاثة معانٍ :
أحدها : قوة إدراك الخير والشرّ والتمييز بينهما، ومعرفة أسباب الاُمور، ونحو ذلك، وهذا هو مناط التكليف.
وثانيها : حالة وملكة تدعو إلى اختيار الخير والمنافع واجتناب الشرّ والمضارّ.
وثالثها : التعقّل بمعنى العلم، ولذا يقابَل بالجهل لا بالجنون . وأحاديث هذا الباب وغيره أكثرها محمول على المعنى الثاني والثالث، واللّه أعلم . ۲
أقول: يتّضح من خلال التتبّع والتأمّل في الموارد التي استخدمت فيها كلمة «العقل» ومرادفاتها في النصوص الإسلامية أنّ هذه الكلمة تطلق على مبدأ إدراكات الإنسان تارة، وتطلق على النتيجة الحاصلة من إدراكاته تارة اُخرى. كما وأنّ لكلّ واحد من هذين المعنيين استخدامات مختلفة، منها:

أ ـ استخدامات «العقل» في ما يخصّ مبدأ الإدراكات

1 . مبدأ جميع المعارف الإنسانيّة

وهذا المعنى تشير إليه الأحاديث التي تفسّر حقيقة العقل بـ«النور» ۳ ، أو تعتبر النور كمبدأ لوجود العقل ۴ ، أو تنظر إليه كهديّة إلهية، وتذهب إلى أنّه أصل الإنسان. ۵
فالإنسان ـ كما يُستشفّ من هذه الأحاديث ـ يتمتّع في وجوده الذاتي بطاقة

1.راجع كتاب نهاية الحكمة، تحقيق مؤسسة النشر الإسلامي: ص ۳۰۵ و ۳۰۸، كشف المراد: ص ۲۳۴ و ۲۴۵، بحار الأنوار: ج ۱ ص ۹۹ ـ ۱۰۱.

2.وسائل الشيعة : ج ۱۵ ص ۲۰۸ و ۲۰۹.

3.راجع : ص ۱۱۵ (حقيقة العقل) و (خلق العقل والجهل) .

4.راجع : ص ۱۱۹ (هدية من اللّه ) و (خير المواهب) و ص ۱۲۰ (أصل الإنسان) .


حكم النّبي الأعظم ج1
96

على عقله كان وبالاً عليه. ۱
وخلاصة القول هي أنّ الإسلام يرى أنّ السبيل الوحيد للتكامل المادي والمعنوي، وإعمار الحياة الدنيا والآخرة، والوصول إلى مجتمع إنساني أفضل، وتحقيق الغاية السامية للإنسانية ، يكمن في التفكير السليم الصائب، وكلّ المآسي والنكبات التي مُنيت بها البشرية جاءت كنتيجة للجهل وعدم تسخير طاقة الفكر، ولهذا يعترف أصحاب العقائد الباطلة يوم القيامة عند الحساب بأسباب ما حلّ بهم من البلاء، قائلين:
«وَقالوُاْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِى أصْحَـبِ السَّعِيرِ * فَاعْتَرَفُواْ بِذَنبِهِمْ فَسُحْقا لِّأَصْحَـبِ السَّعِيرِ» . ۲

العقل في اللغة

أصل العقل في اللغة بمعنى المنع والحجر والنهي والحبس؛ كعقل البعير بالعقال لمنعه من الحركة ۳ ، ولدى الإنسان قوّة تسمّى بالعقل ، وهي التي تصونه من الجهل وتحميه من الانزلاق فكرا وعملاً. لهذا قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله :
العَقلُ عِقالٌ مِنَ الجَهلِ.۴

العقل في النصوص الإسلامية

قال المحدّث الكبير الشيخ الحرّ العاملي رضوان اللّه تعالى عليه في نهاية باب

1.راجع : ص ۱۱۹ (الفصل الثانى: قيمة العقل) .

2.الملك: ۱۰ و ۱۱.

3.راجع : النهاية : ج ۵ ص ۲۱۳۹ ، الصحاح : ج ۵ ص ۱۷۶۹ ، المصباح المنير : ص ۴۲۲ ـ ۴۲۳ ، معجم مقاييس اللّغة : ج ۴ ص ۶۹، المفردات للرّاغب : ص۵۷۷ ـ ۵۷۸ ، التعريفات للجرجاني : ص ۶۵ ، كتاب العين للخليل : ص ۵۶۵ .

4.راجع : ص ۱۴۱ ح ۸۸ .

  • نام منبع :
    حكم النّبي الأعظم ج1
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 222072
الصفحه من 690
طباعه  ارسل الي