ومن الضروريّ الالتفات إِلى النقاط الآتية فيما يتعلّق بتأَثير الذكر في بناء الإنسان :
أ ـ استمرار الذكر وديمومته
إِنّ ما يُفضي إِلى ظهور معطيات الذكر في تخلية القلب وتجليه وبلوغ المعرفة الشهوديّة هو استمرار الذكر وديمومته ، كماصرّح به عدد من النصوص المتقدّمة ، ولعلّ الخروج من الظلمات والدخول إِلى عالم النُّور في سورة الأَحزاب بعد الأمر بكثرة الذكر يعود إِلى هذا السبب ، قال تعالى :
«يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اذْكُرُواْ اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً * هُوَ الَّذِى يُصَلِّى عَلَيْكُمْ وَ مَلَئكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّـلُمَـتِ إِلَى النُّورِ وَ كَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا» . ۱
من هنا ، فإنّ الذكر الذي لا ديمومة له ولا يتمكّن من القلب يتعذّر عليه أَن يقوم بدور في مسير المعرفة الشهوديّة .
لقد قدم الفقيه والمحدّث الكبير الفيض الكاشانيّ رحمه الله خمسةً وعشرين تعليما في رسالة «زاد السالك» أَجاب فيها عن رسالة أَحد العلماء ، وقد سأَله عن كيفيّة سلوك طريق الحقّ ، حيث قال في التعليم الثامن عشر:
إنّ الانشغال بقدرٍ من الأَذكار والأَوراد في أَوقات معيّنة ، ولا سيّما بعد فريضة الصلاة ، وترويض اللسان على ذكر الحقّ تعالى في أَغلب الأَحيان ما أَمكن ، ولو كانت الجوارح منهمكة بأُمور أُخرى ، فتلك سعادة نِعِمّا وأُثر عن الإمام محمّد الباقر عليه السلام أنّ لسانه كان مترطّبا بالكلمة الطيّبة المتمثّلة بالتهليل؛ قول : «لا إله إلّا اللّه » ؛ وذلك عند أَكله ، وكلامه ، ومشيه ، وما شابهها ۲ . إذ إنّ هذا ممدّ لكلّ سالك