461
حكم النّبي الأعظم ج1

هذا الشكل المتداول ، بل هو ميثاق فطرة الإنسان مع اللّه تعالى ، واعترافه بربوبيّة اللّه الأَحد هو تلك المعرفة التي أَودعها اللّه في فطرة البشر وثبّتها .
الطائفة الثالثة : النصوص التي تدلّ على أنّ طبيعة الإنسان بنحو أنّه إِذا مُنيَ بربقة المصائب والشدائد زالت موانع المعرفة من بصيرته وفي هذه الحالة يشعر بكلّ وجوده حقيقة اللّه سبحانه وتعالى ، ويمدّ يد الفاقة إِلى ذلك الغنيّ . ومحصّلة الآيات القرآنيّة في هذا المجال وردت في كلام نورانيّ للإمام العسكريّ عليه السلام ، فقد قال سلام اللّه عليه :
اللّهُ : هُوَ الَّذي يَتَأَلَّهُ إِلَيهِ عِندَ الحَوائِجِ والشَّدائِدِ كُلُّ مَخلوقٍ عِندَ انقِطاعِ الرَّجاءِ مِن كُلِّ مَن هُوَ دونَهُ ، وتَقَطُّعِ الأسبابِ مِنَ جَميعِ ما سِواهُ.۱

ما معنى فطرة معرفة اللّه

لهذه الفطرة معنيان: الفطرة العقليّة ، والفطرة القلبيّة .
إِنّ القصد من فطرة معرفة اللّه العقليّة هو : أنّ اللّه سبحانه خلق عقل الإنسان بشكل يكون التوجّه إِلى الوجود والنظام المسيطر عليه باعثا على إِيجاد الاعتقاد بوجود اللّه ذاتيّا وبلا حاجة إِلى الاستدلال .
أمّا الفطرة القلبية لمعرفة اللّه تعني : أنّ اللّه سبحانه قد جعل معرفته في قلب الإنسان وروحه بحيث لو ارتفعت الحجب وأُزيلت الحواجز ، تجلّت تلك المعرفة الأصيلة ، فيجد الإنسان نفسه في رحاب الخالق .
بناءً على هذا ، فإنّ التفاوت بين المعرفة الفطريّة العقليّة والقلبيّة ، كالفرق بين العلم والوجدان ، أو كالفرق بين الإيمان واليقين .

1.التوحيد : ص ۲۳۱ ح ۵ ، معاني الأخبار : ص ۴ ح ۲ ، بحار الأنوار : ج ۳ ص ۴۱ ح ۱۶ .


حكم النّبي الأعظم ج1
460

أثبَتَ المَعرِفَةَ في قُلوبِهِم.۱
عن أَبي عبد اللّه عليه السلام ـ الإمام الصادق ـ في قَولِهِ تَعالى : «وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى» قال : قُلتُ : مُعايَنَةً كانَ هذا ؟
قالَ عليه السلام : نَعَم ، فَثَبَتَتِ المَعرِفَةُ ونَسُوا المَوقِفَ وسَيَذكُرونَهُ ، ولَولا ذلِكَ لَم يَدرِ أَحَدٌ مَن خالِقُهُ ورازِقُهُ ، فَمِنهُم مَن أَقَرَّ بِلِسانِهِ فِي الذَّرِّ ولَم يُؤمِن بِقَلبِهِ ، فَقالَ اللّهُ : «فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ» . ۲
ومن الحريّ بالذكر أنّنا يمكن أن نقسّم الآيات والأَحاديث التي تناول الميثاق الفطريّ إلى قسمين :
1 . يشير ظاهر الآيات والأَحاديث إِلى مرحلةٍ من حياة البشر قبل نشأة الدنيا إِذ عرّف اللّه فيها نفسه لجميع الناس وخاطبهم: «ألستُ بربّكم» ؟ ، فأجابوا كلّهم: «بَلَى» ، واعترفوا بربوبيّته .
هكذا انعقد ميثاق بين الإنسان وربّه يُدعى الميثاق الفطريّ ، ويتمثّل أثر هذا الميثاق في المعرفة القلبيّة للإنسان باللّه ، وتتجلّى هذه المعرفة في ظروف خاصّة ، ولم يذكر أحد خصوصيات موقف الميثاق ، كما قال الإمام الصادق عليه السلام في تبيان آية الميثاق :
ثَبَتَت المَعرِفَةُ ونَسُوا المَوقِفَ وسَيَذكُرونَهُ يوما ولَولا ذلِكَ لَم يَدرِ أحَدٌ مَن خالِقُهُ ولا من رازِقُهُ.۳
2 . الاحتمال الآخر هو أنّ المقصود من السؤال والجواب والميثاق ليس من

1.تفسير العيّاشي : ج ۲ ص ۳۹ ح ۱۰۸ .

2.الأعراف : ۱۰۱ .

3.مختصر بصائر الدرجات : ص ۲۱۵ ، بحار الأنوار : ج ۵ ص ۲۴۳ ح ۳۲ .

  • نام منبع :
    حكم النّبي الأعظم ج1
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 216445
الصفحه من 690
طباعه  ارسل الي