عَرَفنَا اللّهَ بِاللّهِ لأَِنّا إن عَرَفناهُ بعُقولِنا فَهُوَ عز و جل واهِبُها؛ وإن عَرَفناهُ عز و جل بِأَنبِيائِهِ ورُسُلِهِ وحُجَجِهِ عليهم السلام فَهُوَ عز و جلباعِثُهُم ومُرسِلُهُم ومُتَّخِذُهُم حُجَجا؛ وإن عَرَفناهُ بِأَنفُسِنا فَهُوَ عز و جلمُحدِثُها ، فَبِهِ عَرَفناهُ .۱
إِنّ ما أَودع اللّه في داخل وجود الإنسان لمعرفته ، هو فطرة معرفته ، والعقل والقلب ، تلك الأُمور التي سيأتي تفصيلها في الفصل الثالث تحت عنوان «مبادئ معرفة اللّه » ، وما جعل في خارج وجوده ، هو الوحي والأنبياء .
ومهمّة الأَنبياء عليهم السلام ، كما قال الإمام عليّ عليه السلام هي هداية الفطرة والعقل ، وإِزالة الموانع والحجب التي تحول دون معرفة اللّه من بصائرهم :
فَبَعَثَ فيهِم رُسُلَهُ ، وواتَرَ إِلَيهِم أَنبِياءَهُ ، لِيَستَأدوهُم ميثاقَ فِطرَتِهِ ، ويُذَكِّروهُم مَنسِيَّ نِعمَتِهِ ، ويَحتَجّوا عَلَيهِم بِالتَّبليغِ ، ويُثيروا لَهُم دَفائِنَ العُقولِ ، ويُروهُم آياتِ المَقدِرَةِ ... .۲
في ضوء ذلك ، وكما ورد في عدّة أَحاديث ، المعرفة من صنع اللّه ، فهو الذي علّم الإنسان أدوات معرفته ، وهيّأ له سبيل كسبها . و يستطيع الإنسان أن يشاهد مظاهر جماله سبحانه ببصيرته جليّةً ، مستظهرا بهداية الأنبياء وإِزالة موانع المعرفة .
وانطلاقا من هذا التحليل يمكننا أن نقدّم ثلاثة تفاسير واضحة لمعرفة اللّه باللّه وفقا لمراتب معرفة اللّه :
1 . معرفة اللّه عن طريق الآثار
يعرّف اللّه الخالق الحكيم القدير الإنسان بنفسه من خلال إِراءَتِه آثار علمه وقدرته وحكمته في نظام الوجود ، ويشير عدد من الأحاديث إِلى هذا التفسير :
إِنَّما عَرَّفَ اللّهُ ـ جَلَّ و عَزَّ ـ نَفسَهُ إِلى خَلقِهِ بِالكَلامِ وَالدَّلالاتِ عَلَيهِ وَالأَعلامِ۳.