23
حكم النّبي الأعظم ج1

الوحي ، ولكن على حضرة البابا ورفاقه أن يعلموا أنّ هذا النوع من التصريحات قد انكشف زيفها للقاصي والدّاني والخاصّ والعام ، وهي غير علمية و بعيدة عن الانصاف ، واليوم فإنّ بعض المستشرقين ينظرون بعين الإنصاف إلى ما كتبه المتقدّمون ويعترفون بتقصيرهم عند رسول اللّه محمّد صلى الله عليه و آله .
ومع ذلك فانّ أقوى الأدلّة الدّالّة على عقائد و مواقف الاشخاص والمدارس الفكرية ـ إن كان لهم مدرسة فكرية معيّنة ـ هي الأقوال والتصريحات التي يطلقونها وكيفية تعاملهم مع الآخرين ومع مناوئيهم .
ويمكن أن تكون كلمة البابا هذه التي وردت الإشارة إلى جانب منها والتصريحات الاُخرى من هذا القبيل ، خير دليل على أنّها ليست سوى تهمة ، وتدلّ من جهة اُخرى على أشدّ الأحقاد ضدّ الإسلام ، وتمتدّ جذور هذه الأحقاد في المؤامرات والسياسات العلنية والخفية التي يمارسها «الاستكبار العالمي» و «الصهيونية العالمية» هذا اليوم .
والآن ، فإنّهم وجميع الواعين قد اُصيبوا بالحيرة لشدّة نفوذ الإسلام وخاصّة بين جيل الشباب ، فإذا بهم يبحثون عن حلٍّ ، ولكنّ مثل هذه المواقف ليست سوى «هواء في شبك» . والنظر في هذا الباب من هذا الكتاب ومقارنته مع ما روي عن الشخصيات التاريخية العظيمة ، يدلّان على عدم وجود شخص أشاد بالعقل والتعقّل مثل نبيّ الإسلام ، ولم يقدّره كتقدير هذه الشخصية العظيمة له ، ولا يوجد أيّ مذهب يعتبر نفسه قائما على أساس العقل وأساس المنطق ، استند إلى العقل والمنطق كما فعل الإسلام . فالعقل من وجهة نظر رسول اللّه صلى الله عليه و آله هو أمانة إلهيّة وحجّة اللّه على الإنسان ، ومعيار التمييز بين الحقّ والباطل :
وكُن مَعَ الحَقِّ حَيثُ كانَ ، وَميِّز مَا اشتَبَهَ عَلَيكَ بِعَقلِكَ ، فَإِنَّهُ حُجَّةُ اللّهِ عَلَيكَ ، وَديعَةٌ فيكَ، وبَرَكاتُهُ عِندَكَ ... .۱

1.راجع : ص ۱۳۰ ح ۵۱ .


حكم النّبي الأعظم ج1
22

يلوّثوا أنفسهم به ومالا ينبغي لهم السعي إليه ، مثل : عدم العمل بمقتضى العلم ، الاستعلاء والتكبّر ، الارتزاق بعلم الدين ، وغير ذلك .
وفي الفصل الخامس عشر تحدّثنا عن «حقوق العلماء» ، ثمّ يأتي الفصل السادس عشر بعنوان نموذج من الحكماء ، لينتهي هذا الباب بالفصل السابع عشر المخصّص لتسليط الضوء على العلماء المذمومين ، أو «علماء السوء» على تعبير الروايات . وينتهي هذا الفصل بهذه الرواية :
العُلَماءُ رَجُلانِ : رَجُلٌ عالِمٌ آخِذٌ بِعِلمِهِ فهذا ناجٍ ، وعالِمٌ تارِكٌ لِعِلمِهِ فَهذا هالِكٌ . وإنَّ أهلَ النَارِ لَيَتَأذّونَ مِن ريحِ العالِمِ التّارِكِ لِعِلمِهِ ... .۱

نظرة خاطفة إلى تصريحات البابا

ألقى البابا بينيدكت السادس عشر ، يوم الثلاثاء الثاني عشر من أيلول 2006 في جامعة فينغربورغ بألمانيا ، كلمة حول «العلاقة بين العقل والدين» هذه خلاصتها :
«إن طبيعة الدين والإيمان في المسيحية تلتئم مع العقل ، وإنّ أوروبا تحمل مثل هذه الطبيعة ، ولذلك فإنّ المسيحية تتناغم تماما مع الحكمة اليونانية . ولكنّ الإسلام لا يلتئم مع العقل في طبيعته ، ولذلك يسعى لأن يفرض عقيدته على الناس بالإكراه ، وموضوع الجهاد يعود أيضا إلى أنّ نبيّ الإسلام أراد أن ينشر دينه بالسيف » . ۲
وما نطق به البابا الآن هو ليس بأوّل نوع من هذا الكلام حول رسول اللّه صلى الله عليه و آله ولا بآخره . وكما أشرنا سابقا ، فإنّ هذه المواقف والأقوال التي هي دون شكّ مغرضة وناجمة عن مرض في القلب ، جرت من العصور القديمة حيث انتشرت التعاليم النبويّة في مسرح الحياة البشرية ، ببيان وبنان الأشخاص الذين هم كالخفاش لا يحتملون انتشار نور الشمس ، بدافع معارضة الحقائق القرآنية وتعاليم

1.راجع : ص ۳۴۷ ح ۸۰۹ .

2.المواضيع المذكورة هي خلاصة كلمة البابا التي جاءت في رسالة آية اللّه جعفر السبحاني التي وجّهها إلى الباب ، نقلاً عن الموقع الإلكتروني «شفاف» ، ويبلغ نصّ كلمة البابا التي جاءت في موقع الفاتيكان حدّا من الإهانة بحيث إنّنا نعتذر عن نقله .

  • نام منبع :
    حكم النّبي الأعظم ج1
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 214330
الصفحه من 690
طباعه  ارسل الي